Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 49-49)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله : { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ فِـي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ } فقال بعضهم : عنى به نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : معنى الكلام : بل وجود أهل الكتاب فـي كتبهم أن مـحمداً صلى الله عليه وسلم لا يكتب ولا يقرأ ، وأنه أميّ ، آيات بـينات فـي صدورهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ فِـي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ } قال : كان الله تعالـى أنزل شأن مـحمد صلى الله عليه وسلم فـي التوراة والإنـجيـل لأهل العلـم وعلـمه لهم ، وجعله لهم آية ، فقال لهم : إن آية نبوّته أن يخرج حين يخرج لا يعلـم كتابـاً ، ولا يخطه بـيـمينه ، وهي الآيات البـينات . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ } قال : كان نبـيّ الله لا يكتب ولا يقرأ ، وكذلك جعل الله نعته فـي التوراة والإنـجيـل ، أنه نبـيّ أميّ لا يقرأ ولا يكتب ، وهي الآية البـينة فـي صدور الذين أوتوا العلـم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ فِـي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ } من أهل الكتاب صدّقوا بـمـحمد ونعته ونبوّته . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ } قال : أنزل الله شأن مـحمد فـي التوراة والإنـجيـل لأهل العلـم ، بل هو آية بـينة فـي صدور الذين أوتوا العلـم ، يقول : النبـيّ صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : عنى بذلك القرآن ، وقالوا : معنى الكلام : بل هذا القرآن آيات بـيِّنات فـي صدور الذين أوتوا العلـم من الـمؤمنـين بـمـحمد صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، قال : قال الـحسن ، فـي قوله : { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ فِـي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ } القرآن آيات بـينات فـي صدور الذين أوتوا العلـم ، يعنـي الـمؤمنـين . وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال : عنى بذلك : بل العلـم بأنك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابـاً ، ولا تـخطه بـيـمينك ، آيات بـينات فـي صدور الذين أوتوا العلـم من أهل الكتاب . وإنـما قلت ذلك أولـى التأويـلـين بـالآية ، لأن قوله : { بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيِّناتٌ فِـي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ } بـين خبرين من أخبـار الله عن رسوله مـحمد صلى الله عليه وسلم ، فهو بأن يكون خبراً عنه أولـى من أن يكون خبراً عن الكتاب الذي قد انقضى الـخبر عنه قبل . وقوله : { وَما يَجْحَدُ بآياتِنا إلاَّ الظَّالِـمُونَ } يقول تعالـى ذكره : ما يجحد نبوّة مـحمد صلى الله عليه وسلم وأدلته ، ويُنكر العلـم الذي يعلـم من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه ، ببعث مـحمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته ومبعثه إلاَّ الظالـمون ، يعنـي الذين ظلـموا أنفسهم بكفرهم بـالله عزّ وجلّ .