Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 66-67)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : فلـما نـجى الله هؤلاء الـمشركين مـما كانوا فـيه من البحر من الـخوف والـحذر من الغرق إلـى البرّ إذا هم بعد أن صاروا إلـى البرّ يشركون بـالله الآلهة والأنداد { لِـيَكْفُرُوا بِـمَا آتَـيْناهُمْ } يقول : لـيجحدوا نعمة الله التـي أنعمها علـيهم فـي أنفسهم وأموالهم . { وَلِـيَتَـمَتَّعُوا } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة : { وَلِـيَتَـمَتَّعُوا } بكسر اللام ، بـمعنى : وكي يتـمتعوا آتـيناهم ذلك . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين : { وَلْـيَتَـمَتَّعُوا } بسكون اللام علـى وجه الوعيد والتوبـيخ : أي اكفروا فإنكم سوف تعلـمون ماذا يَـلْقون من عذاب الله بكفرهم به . وأولـى القراءتـين عندي فـي ذلك بـالصواب ، قراءة من قرأه بسكون اللام علـى وجه التهديد والوعيد ، وذلك أن الذين قرءوه بكسر اللام زعموا أنهم إنـما اختاروا كسرها عطفـا بها علـى اللام التـي فـي قوله : { لِـيَكْفُرُوا } ، وأن قوله { لِـيَكْفُرُوا } لـما كان معناه : كي يكفروا كان الصواب فـي قوله { وَلِـيَتَـمَتَّعُوا } أن يكون : وكي يتـمتعوا ، إذ كان عطفـاً علـى قوله : لـيكفروا عندهم ، ولـيس الذي ذهبوا من ذلك بـمذهب ، وذلك لأن لام قوله { لِـيَكْفُرُوا } صلُـحت أن تكون بـمعنى كي ، لأنها شرط لقوله : إذا هم يشركون بـالله كي يكفروا بـما آتـيناهم من النعم ، ولـيس ذلك كذلك فـي قوله { وَلِـيَتَـمَتَّعُوا } لأن إشراكهم بـالله كان كفراً بنعمته ، ولـيس إشراكهم به تـمتعاً بـالدنـيا ، وإن كان الإشراك به يسهل لهم سبـيـل التـمتع بها فإذ كان ذلك كذلك فتوجيهه إلـى معنى الوعيد أولـى وأحقّ من توجيهه إلـى معنى : وكي يتـمتعوا . وبعد فقد ذكر أن ذلك فـي قراءة أُبـيّ : « وتَـمَتَّعُوا » وذلك دلـيـل علـى صحة من قرأه بسكون اللام بـمعنى الوعيد . وقوله : { أوَ لَـمْ يَرَوْا أنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً } يقول تعالـى ذكره مذكراً هؤلاء الـمشركين من قريش ، القائلـين : لولا أنزل علـيه آية من ربه ، نِعْمَتَه علـيهم التـي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم بنعمته وإشراكهم فـي عبـادته الآلهة والأنداد : أو لـم ير هؤلاء الـمشركون من قريش ، ما خصصناهم به من نعمتنا علـيهم دون سائر عبـادنا ، فـيشكرونا علـى ذلك ، وينزجروا عن كفرهم بنا ، وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرّهم فـي عبـادتنا أنا جعلنا بلدهم حرماً ، حرّمنا علـى الناس أن يدخـلوه بغارة أو حرب ، آمناً ، يأمن فـيه من سكنه ، فأوى إلـيه من السبـاء والـخوف والـحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس { وَيُتَـخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } يقول : وتُسْلَب الناس من حولهم قتلاً وسبـاء . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، فـي قوله { أو لَـمْ يَرَوْا أنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَـخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } قال : كان لهم فِـي ذلك آية أن الناس يُغزَون ويُتَـخَطَّفون وهم آمنون . وقوله : { أفَبـالبـاطِلِ يُؤْمِنُونَ } يقول : أفبـالشرك بـالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا ، وبنعمة الله التـي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرماً آمناً يكفرون ، يعنـي بقوله « يكفرون » : يجحدون . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله { أفَبـالْبـاطِلِ يُؤْمِنُونَ } : أي بـالشرك { وَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَكْفُرُونَ } : أي يجحدون .