Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 8-8)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَوَصَّيْنا الإنْسانَ } فـيـما أنزلنا إلـى رسولنا { بِوَالِدَيْهِ } أن يفعل بهما { حُسْناً } . واختلف أهل العربـية فـي وجه نصب الـحسن ، فقال بعض نـحويِّـي البصرة : نُصب ذلك علـى نـية تكرير وصّينا . وكأن معنى الكلام عنده : ووصينا الإنسان بوالديه ، ووصيناه حسنا . وقال : قد يقول الرجل وصيته خيراً : أي بخير . وقال بعض نـحويـي الكوفة : معنى ذلك : ووصينا الإنسان أن يفعل حُسناً ، ولكن العرب تسقط من الكلام بعضه إذا كان فـيـما بقـي الدلالة علـى ما سقط ، وتعمل ما بقـي فـيـما كان يعمل فـيه الـمـحذوف ، فنصب قوله { حُسْناً } وإن كان الـمعنى ما وصفت وصينا ، لأنه قد ناب عن الساقط ، وأنشد فـي ذلك : @ عَجِبْتُ مِنْ دَهْماءَ إذْ تَشْكُونا وَمِنْ أبـي دَهْماءَ إذْ يُوصِينا خَيْراً بها كأنَّنا جافُونا @@ وقال : معنى قوله : يوصينا خيراً : أن نفعل بها خيرا ، فـاكتفـى بـيوصينا منه ، وقال : ذلك نـحو قوله { فَطَفِقَ مَسْحاً } أي يـمسح مسحاً . وقوله : { وَإنْ جاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِـي ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ فَلا تُطِعْهُما } يقول : ووصينا الإنسان ، فقلنا له : إن جاهداك والداك لتشرك بـي ما لـيس لك به علـم أنه لـيس لـي شريك ، فلا تطعهما فتشرك بـي ما لـيس لك به علـم ابتغاء مرضاتهما ، ولكن خالفهما فـي ذلك { إلـيّ مرجعكم } يقول تعالـى ذكره : إلـيّ معادكم ومصيركم يوم القـيامة { فَأُنَبِّئكُمْ بِـما كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } يقول : فأخبركم بـما كنتـم تعملون فـي الدنـيا من صالـح الأعمال وسيئاتها ، ثم أجازيكم علـيها الـمـحسن بـالإحسان ، والـمسيء بـما هو أهله . وذُكر أن هذه الآية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب سعد بن أبـي وقاص . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { وَوَصَّيْنا الإنْسانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً … } إلـى قوله { فَأُنَبِّئُكُمْ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } قال : نزلت فـي سعد بن أبـي وَقَّاص لـما هاجر ، قالت أمه : والله لا يُظِلُّنـي بـيت حتـى يرجع ، فأنزل الله فـي ذلك أن يُحْسِن إلـيهما ، ولا يطيعَهما فـي الشرك .