Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 175-175)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بذلك تعالـى ذكره : إنـما الذي قال لكم أيها الـمؤمنون : إن الناس قد جمعوا لكم ، فخوفوكم بجموع عدوكم ، ومسيرهم إلـيكم ، من فعل الشيطان ، ألقاه علـى أفواه من قال ذلك لكم ، يخوفكم بأولـيائه من الـمشركين أبـي سفـيان وأصحابه من قريش ، لترهبوهم ، وتـجبنوا عنهم . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } يخوف والله الـمؤمن بـالكافر ، ويرهب الـمؤمن بـالكافر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مـجاهد : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } قال : يخوف الـمؤمنـين بـالكفـار . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } يقول : الشيطان يخوف الـمؤمنـين بأولـيائه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } : أي أولئك الرهط ، يعنـي : النفر من عبد القـيس الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا ، وما ألقـى الشيطان علـى أفواههم ، { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } أي يرهبكم بأولـيائه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا علـي بن معبد ، عن عتاب بن بشير ، مولـى قريش ، عن سالـم الأفطس ، فـي قوله : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } قال : يخوفكم بأولـيائه . وقال آخرون : معنى ذلك : إنـما ذلكم الشيطان يعظم أمر الـمشركين أيها الـمنافقون فـي أنفسكم فتـخافونه . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : ذكر أمر الـمشركين وعظمهم فـي أعين الـمنافقـين فقال : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } : يعظم أولـياءه فـي صدوركم فتـخافونهم . فإن قال قائل : وكيف قـيـل : { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } وهل يخوف الشيطان أولـياءه ؟ قـيـل : إن كان معناه يخوفكم بأولـيائه يخوف أولـياءه . قـيـل ذلك نظير قوله : { لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا } بـمعنى : لـينذركم بأسه الشديد ، وذلك أن البأس لا ينذر ، وإنـما ينذر به . وقد كان بعض أهل العربـية من أهل البصرة يقول : معنى ذلك : يخوّف الناس أولـياءه ، كقول القائل : هو يعطي الدراهم ، ويكسو الثـياب ، بـمعنى : هو يعطي الناس الدراهم ، ويكسوهم الثـياب ، فحذف ذلك للاستغناء عنه . ولـيس الذي شبه ذلك بـمشبه ، لأن الدراهم فـي قول القائل : هو يعطي الدراهم معلوم أن الـمُعْطَى هي الدراهم ، ولـيس كذلك الأولـياء فـي قوله : { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } مخوفـين ، بل التـخويف من الأولـياء لغيرهم ، فلذلك افترقا . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } . يقول : فلا تـخافوا أيها الـمؤمنون الـمشركين ، ولا يعظمنّ علـيكم أمرهم ، ولا ترهبوا جمعهم مع طاعتكم إياي ، ما أطعتـمونـي ، واتبعتـم أمري ، وإنـي متكفل لكم بـالنصر والظفر ، ولكن خافون ، واتقوا أن تعصونـي وتـخالفوا أمري ، فتهلكوا إن كنتـم مؤمنـين . يقول : ولكن خافونـي دون الـمشركين ، ودون جميع خـلقـي أن تـخالفوا أمري إن كنتـم مصدّقـي رسولـي وما جاءكم به من عندي .