Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 17-17)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بقوله : { الصَّابِرِينَ } الذين صبروا فـي البأساء والضراء وحين البأس . ويعنـي بـالصادقـين : الذين صدقوا الله فـي قولهم بتـحقـيقهم الإقرار به وبرسوله ، وما جاء به من عنده بـالعمل بـما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه . ويعنـي بـالقانتـين : الـمطيعين له . وقد أتـينا علـى الإبـانة عن كل هذه الـحروف ومعانـيها بـالشواهد علـى صحة ما قلنا فـيها ، وبـالإخبـار عمن قال فـيها قولاً فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع ، وقد كان قتادة يقول فـي ذلك بـما : حدثنا به بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { الصَّـابِرِينَ والصَّادِقِينَ وَالقَـانِتِينَ وَالمُنفِقِينَ } الصادقـين : قوم صدقت أفواههم ، واستقامت قلوبهم وألسنتهم ، وصدقوا فـي السر والعلانـية . والصابرين : قوم صبروا علـى طاعة الله ، وصبروا عن مـحارمه . والقانتون : هم الـمطيعون لله . وأما الـمنفقون : فهم الـمؤتون زكوات أموالهم ، وواضعوها علـى ما أمرهم الله بإتـيانها ، والـمنفقون أموالهم فـي الوجوه التـي أذن الله لهم جلّ ثناؤه بإنفـاقها فـيها . وأما الصابرين والصادقـين وسائر هذه الـحروف فمخفوض ردًّا علـى قوله : { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا } [ آل عمران : 16 ] والـخفض فـي هذه الـحروف يدلّ علـى أن قوله : { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } [ آل عمران : 16 ] خفض ردًّا علـى قوله : { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ } [ آل عمران : 15 ] . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { والمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحارِ } . اختلف أهل التأويـل فـي القوم الذين هذه الصفة صفتهم ، فقال بعضهم : هم الـمصلون بـالأسحار . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { والمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحارِ } هم أهل الصلاة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن قتادة : { وَالمُسْتَغْفِرِينَ بالأسْحارِ } قال : يصلون بـالأسحار . وقال آخرون : هم الـمستغفرون . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبـي ، عن حريث بن أبـي مطر ، عن إبراهيـم بن حاطب ، عن أبـيه ، قال : سمعت رجلاً فـي السحر فـي ناحية الـمسجد وهو يقول : رب أمرتنـي فأطعتك ، وهذا سحر فـاغفر لـي ! فنظرت فإذا ابن مسعود . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا الولـيد بن مسلـم ، قال : سألت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن قول الله عز وجل : { وَالمُسْتَغْفِرِينَ بالأسحارِ } قال : حدثنـي سلـيـمان بن موسى ، قال : ثنا نافع : أن ابن عمر كان يحيـي اللـيـل صلاةً ، ثم يقول : يا نافع أَسْحَرْنَا ؟ فـيقول : لا . فـيعاود الصلاة ، فإذا قلت : نعم ، قعد يستغفر ويدعو حتـى يصبح . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن بعض البصريـين ، عن أنس بن مالك قال : أُمرنا أن نستغفر بـالأسحار سبعين استغفـارة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا زيد بن الـحبـاب ، قال : ثنا أبو يعقوب الضبـي ، قال : سمعت جعفر بن مـحمد يقول : من صلـى من اللـيـل ثم استغفر فـي آخر اللـيـل سبعين مرة كتب من الـمستغفرين بـالأسحار . وقال آخرون : هم الذين يشهدون الصبح فـي جماعة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسماعيـل بن مسلـمة أخو القعنبـي قال : ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : قلت لزيد بن أسلـم من الـمستغفرين بـالأسحار ؟ قال : هم الذين يشهدون الصبح . وأولـى هذه الأقوال بتأويـل قوله : { والمُسْتَغْفِرِينَ بالأسْحارِ } قول من قال : هم السائلون ربهم أن يستر علـيهم فضيحتهم بها بـالأسحار ، وهي جمع سَحَر . وأظهر معانـي ذلك أن تكون مسألتهم إياه بـالدعاء ، وقد يحتـمل أن يكون معناه : تعرضهم لـمغفرته بـالعمل والصلاة ، غير أن أظهر معانـيه ما ذكرنا من الدعاء .