Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 3-4)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول جلّ ثناؤه : يا مـحمد إن ربك وربّ عيسى ورب كل شيء ، هو الرب الذي أنزل علـيك { الكِتَـابَ } يعنـي بـالكتاب : القرآن . { بالحَقّ } يعنـي بـالصدق فـيـما اختلف فـيه أهل التوراة والإنـجيـل ، وفـيـما خالفك فـيه مـحاجوك من نصارى أهل نـجران ، وسائر أهل الشرك غيرهم . { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعنـي بذلك القرآن ، أنه مصدّق لـما كان قبله من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه ورسله ، ومـحقق ما جاءت به رسل الله من عنده ، لأن منزل جميع ذلك واحد ، فلا يكون فـيه اختلاف ، ولو كان من عند غيره كان فـيه اختلاف كثـير . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } قال : لـما قبله من كتاب أو رسول . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لـما قبله من كتاب أو رسول . حدثنـي مـحمد بن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بِالحَقّ } أي بـالصدق فـيـما اختلفوا فـيه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بالحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يقول : القرآن مصدّقا لـما بـين يديه من الكتب التـي قد خـلت قبله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنـي ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع قوله : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بِالحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يقول : مصدّقا لـما قبله من كتاب ورسول . القول فـي تأويـل قوله تعالى : { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ والإنجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى للنَّاسِ } . يعنـي بذلك جل ثناؤه : وأنزل التوراة علـى موسى ، والإنـجيـل علـى عيسى . { مِن قَبْلُ } يقول : من قبل الكتاب الذي نزّله علـيك . ويعنـي بقوله : { هُدًى للنَّاسِ } بـيانا للناس من الله ، فـيـما اختلفوا فـيه من توحيد الله وتصديق رسله ، ومفـيداً يا مـحمد أنك نبـيـي ورسولـي ، وفـي غير ذلك من شرائع دين الله . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى للنَّاسِ } هما كتابـان أنزلهما الله ، فـيـما بـيان من الله ، وعصمة لـمن أخذ به وصدق به وعمل بـما فـيه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ } التوراة علـى موسى ، والإنـجيـل علـى عيسى ، كما أنزل الكتب علـى من كان قبلهما . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ } . يعنـي جل ثناؤه بذلك : وأنزل الفصل بـين الـحقّ والبـاطل ، فـيـما اختلفت فـيه الأحزاب وأهل الـملل فـي أمر عيسى وغيره . وقد بـينا فـيـما مضى أن الفُرقان إنـما هو الفُعلان من قولهم : فرق الله بـين الـحقّ والبـاطل يفصل بـينهما بنصره بـالـحق علـى البـاطل إما بـالـحجة البـالغة ، وإما بـالقهر والغلبة بـالأيدي والقوّة . وبـما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل ، غير أن بعضهم وجه تأويـله إلـى أنه فصل بـين الـحق والبـاطل فـي أمر عيسى ، وبعضهم إلـى أنه فصل بـين الـحق والبـاطل فـي أحكام الشرائع . ذكر من قال : معناه : الفصل بـين الـحقّ والبـاطل فـي أمر عيسى والأحزاب : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ } أي الفصل بـين الـحقّ والبـاطل ، فـيـما اختلف فـيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره . ذكر من قال : معنى ذلك الفصل بـين الـحقّ والبـاطل فـي الأحكام وشرائع الإسلام : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ } هو القرآن أنزله علـى مـحمد وفرق به بـين الـحقّ والبـاطل ، فأحلّ فـيه حلاله ، وحرّم فـيه حرامه ، وشرع فـيه شرائعه ، وحدّ فـيه حدوده ، وفرض فـيه فرائضه ، وبـين فـيه بـيانه ، وأمر بطاعته ، ونهى عن معصيته . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ } قال : الفرقان : القرآن فرق بـين الـحقّ والبـاطل . والتأويـل الذي ذكرناه عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير فـي ذلك ، أولـى بـالصحة من التأويـل الذي ذكرناه عن قتادة والربـيع ، وأن يكون معنى الفرقان فـي هذا الـموضع : فصل الله بـين نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم والذي حاجوه فـي أمر عيسى وفـي غير ذلك من أموره بـالـحجة البـالغة القاطعة عُذْرَهم وعُذْرَ نظرائهم من أهل الكفر بـالله . وإنـما قلنا هذا القول أولـى بـالصواب ، لأن إخبـار الله عن تنزيـله القرآن قبل إخبـاره عن تنزيـله التوراة والإنـجيـل فـي هذه الآية قد مضى بقوله : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَـابَ بالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ولا شك أن ذلك الكتاب هو القرآن لا غيره ، فلا وجه لتكريره مرّة أخرى ، إذ لا فـائدة فـي تكريره ، لـيست فـي ذكره إياه وخبره عنه ابتداء . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقام } . يعنـي بذلك جل ثناؤه : إن الذين جحدوا أعلام الله وأدلته علـى توحيده وألوهته ، وأن عيسى عبد له واتـخذوا الـمسيح إلها وربـا ، أو ادّعوه لله ولدا ، { لَهُمْ عَذَابٌ } من الله { شَدِيدٌ } يوم القـيامة ، والذين كفروا هم الذين جحدوا آيات الله . وآيات الله : أعلام الله وأدلته وحُججه . وهذا القول من الله عزّ وجلّ ، يُنْبِىء عن معنى قوله : { وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ } أنه معنـيّ به الفصل الذي هو حجة لأهل الـحقّ علـى أهل البـاطل لأنه عقب ذلك بقوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ } يعنـي : أن الذين جحدوا ذلك الفصل والفرقان الذي أنزله فرقاً بـين الـمـحقّ والـمبطل ، { لهمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } وعيد من الله لـمن عاند الـحقّ بعد وضوحه له ، وخالف سبـيـل الهدى بعد قـيام الـحجة علـيه . ثم أخبرهم أنه عزيز فـي سلطانه لا يـمنعه مانع مـمن أراد عذابه منهم ، ولا يحول بـينه وبـينه حائل ، ولا يستطيع أن يعانده فـيه أحد ، وأنه ذو انتقام مـمن جحد حججه وأدلته ، بعد ثبوتها علـيه ، وبعد وضوحها له ومعرفته بها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بآيَـاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام } أي أن الله منتقم مـمن كفر بآياته بعد علـمه بها ، ومعرفته بـما جاء منه فـيها . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَـاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ واللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَام } .