Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 8-8)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : أن الراسخين فـي العلـم يقولون : آمنا بـما تشابه من آي كتاب الله ، وأنه والـمـحكم من آيه من تنزيـل ربنا ووحيه ، ويقولون أيضا : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } يعنـي أنهم يقولون رغبة منهم إلـى ربهم ، فـي أن يصرف عنهم ما ابتلـى به الذين زاغت قلوبهم من اتبـاع متشابه آي القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويـله الذي لا يعلـمه غير الله ، يا ربنا لا تـجعلنا مثل هؤلاء الذين زاغت قلوبهم عن الـحقّ فصدّوا عن سبـيـلك ، { لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } لا تـملها فتصرفها عن هداك { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } له ، فوفقتنا للإيـمان بـمـحكم كتابك ومتشابهه ، { وَهَبْ لَنَا } يا ربنا { مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } يعنـي من عندك رحمة ، يعنـي بذلك : هب لنا من عندك توفـيقاً وثبـاتاً للذي نـحن علـيه ، من الإقرار بـمـحكم كتابك ومتشابهه { إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ } يعنـي : إنك أنت الـمعطي عبـادك التوفـيق والسداد ، للثبـات علـى دينك ، وتصديق كتابك ورسلك . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } أي لا تـمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا ، { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } . وفـي مدح الله جل ثناؤه هؤلاء القوم بـما مدحهم به من رغبتهم إلـيه فـي أن لا يزيغ قلوبهم ، وأن يعطيهم رحمة منه معونة لهم للثبـات علـى ما هم علـيه من حسن البصيرة بـالـحقّ الذي هم علـيه مقـيـمون ، ما أبـان عن خطأ قول الـجهلة من القدرية ، أن إزاغة الله قلب من أزاغ قلبه من عبـاده عن طاعته ، وإمالته له عنها جَوْرٌ ، لأن ذلك لو كان كما قالوا لكان الذين قالوا : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } بـالذم أولـى منهم بـالـمدح ، لأن القول لو كان كما قالوا ، لكان القوم إنـما سألوا ربهم مسألتهم إياه أن لا يزيغ قلوبهم ، أن لا يظلـمهم ولا يجور علـيهم ، وذلك من السائل جهل لأن الله جل ثناؤه لا يظلـم عبـاده ولا يجور علـيهم ، وقد أعلـم عبـاده ذلك ، ونفـاه عن نفسه بقوله : { وَمَا رَبُّكَ بِظلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ } ولا وجه لـمسألته أن يكون بـالصفة التـي قد أخبرهم أنه بها ، وفـي فساد ما قالوا من ذلك الدلـيـل الواضح ، علـى أن عدلاً من الله عزّ وجلّ إزاغة من أزاغ قلبه من عبـاده عن طاعته ، فلذلك استـحقّ الـمدح من رغب إلـيه فـي أن لا يزيغه لتوجيهه الرغبة إلـى أهلها ووضعه مسألته موضعها ، مع تظاهر الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برغبته إلـى ربه فـي ذلك مع مـحله منه ، وكرامته علـيه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن عبد الـحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلـمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِـي علـى دِينِكَ " ثم قرأ : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } … » إلـى آخر الآية . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن عبد الـحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا عبد الـحميد بن بهرام الفزاري ، قال : ثنا شهر بن حوشب ، قال : سمعتُ أم سلـمة تـحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر فـي دعائه أن يقول : " اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِـي علـى دِينِك " ! قال : قلت يا رسول الله ، وإن القلب لـيقلَّب ؟ قال : " نَعَمْ ، مَا خَـلَقَ اللَّهُ مِنْ بَشَرٍ مِنْ بَنِـي آدَمَ إلاَّ وَقَلْبُهُ بَـيْنَ أصْبُعَيْنِ مِنْ أصابعه ، فإنْ شاءَ أقامَهُ ، وَإنْ شاءَ أزَاغَهُ ، فَنَسألُ اللَّهُ رَبَّنَا أنْ لا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَانا ، ونسألُهُ أنْ يَهَبَ لَنا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ " قالت : قلت يا رسول الله ، ألا تعلـمنـي دعوة أدعو بها لنفسي ؟ قال : " بلـى ، قولـي : اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِـيِّ مُـحَمَّدٍ ، اغْفِرْ لِـي ذَنْبِـي ، وأذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِـي ، وأجِرْنِـي مِنْ مُضِلاَّتِ الفِتَنِ " حدثنـي مـحمد بن منصور الطوسي ، قال : ثنا مـحمد بن عبد الله الزبـيري ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش عن أبـي سفـيان ، عن جابر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : " يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِـي عَلـى دِينِكَ " ! فقال له بعض أهله : يخاف علـينا وقد آمنا بك وبـما جئت به ؟ قال : " إِنَّ القَلْبَ بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ تَبـارَكَ وَتَعَالَـى " يَقُولُ بِهِ هَكَذَا وحرّك أبو أحمد أصبعيه . قال أبو جعفر : وإن الطوسي وسَقَ بـين أصبعيه . حدثنـي سعيد بن يحيـى الأموي ، قال : ثنا أبو معاوية ، قال : ثنا الأعمش عن أبـي سفـيان ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثـيرا ما يقول : " يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِـي عَلَـى دِينِكَ " ! قلنا : يا رسول الله قد آمنا بك ، وصدقنا بـما جئت به ، فـيخافُ علـينا ؟ قال : " نَعَمْ ، إِنَّ القُلُوبَ بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُها تَبَـارَكَ وَتَعَالَـى " حدثنـي مـحمد بن عبد الله بن عبد الـحكم ، قال : ثنا بشر بن بكر ، وحدثنـي علـيّ بن سهل ، قال : ثنا أيوب بن بشر جميعا ، عن ابن جابر ، قال : سمعت بشر بن عبـيد الله ، قال : سمعت أبـا إدريس الـخولانـي يقول : سمعت النواس بن سمعان الكلابـي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أقَامَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أزَاغَهُ " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا علـى دِينِكَ ، وَالـمِيزانُ بِـيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أقْوَاماً وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَـى يَوْمِ القِـيَامَةِ " حدثنـي عمر بن عبد الـملك الطائي ، قال : ثنا مـحمد بن عبـيدة ، قال : ثنا الـجرّاح بن ملـيح البهرانـي ، عن الزبـيدي ، عن جويبر ، عن سمرة بن فـاتك الأسدي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الـمَوَازِينُ بِـيَدِ اللَّهِ يَرْفَعُ أقْوَاماً وَيَضَعُ أقْوَاماً ، وَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّ ْحمَنِ ، إِنْ شَاءَ أزَاغَهُ وَإِنْ شَاءَ أقَامَهُ " حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، عن حيوة بن شريح ، قال : أخبرنـي أبو هانىء الـخولانـي أنه سمع أبـا عبد الرحمن الـحبلـي يقول : سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إِنَّ قُلُوبَ بَنِـي آدَمَ كُلَّها بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرَّفُ كَيْفَ يَشَاءُ " ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ مُصَرّفَ القُلُوبِ صَرّفْ قُلُوبُنَا إلـى طَاعَتِكَ " حدثنا الربـيع بن سلـيـمان ، قال : ثنا أسد بن موسى ، قال : ثنا عبد الـحميد بن بهرام ، قال : ثنا شهر بن حوشب ، قال : سمعت أم سلـمة تـحدّث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر فـي دعائه أن يقول : " اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِـي علـى دِينِكَ " قالت : قلت يا رسول الله ، وإن القلوب لتقلب ؟ قال : " نَعَمْ ، ما مِنْ خَـلْقِ اللَّهِ مِنْ بَنِـي آدَمَ بَشَرٌ إِلاَّ أنَّ قَلْبَهُ بَـيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ أقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أزَاغَهُ ، فَنَسألُ اللَّهَ رَبَّنَا أنْ لا يَزِيغَ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ، وَنسألُهُ أنْ يَهَبَ لَنا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ " .