Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 14-15)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ويوم تـجيء الساعة التـي يحشر فـيها الـخـلق إلـى الله يومئذٍ ، يقول فـي ذلك الـيوم يتفرّقون يعنـي : يتفرّق أهل الإيـمان بـالله ، وأهل الكفر به فأما أهل الإيـمان ، فـيؤخذ بهم ذات الـيـمين إلـى الـجنة ، وأما أهل الكفر فـيؤخذ بهم ذات الشمال إلـى النار ، فهنالك يـميز الله الـخبـيث من الطيِّب . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، فـي قوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } قال : فرقة والله لا اجتـماع بعدها . { فأمَّا الَّذِينَ آمَنُوا } بـالله ورسوله { وعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ } يقول : وعملوا بـما أمرهم الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه { فَهُمْ فِـي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } يقول : فهم فـي الرياحين والنبـاتات الـملتفة ، وبـين أنواع الزهر فـي الـجنان يسرون ، ويـلذّذون بـالسماع وطيب العيش الهنـيّ . وإنـما خصّ جلّ ثناؤه ذكر الروضة فـي هذا الـموضع ، لأنه لـم يكن عند الطرفـين أحسن منظراً ، ولا أطيب نشراً من الرياض ، ويدل علـى أن ذلك كذلك قول أعشى بنـي ثعلبة : @ ما رَوْضَةٌ مِن رِياضِ الـحُسْن مُعْشِبَةٌ خَضْرَاءُ جادَ عَلَـيْها مُسْبِلٌ هَطِلُ يُضَاحكُ الشَّمسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ مُؤَزَّرٌ بعَمِيـمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ يَوْماً بأطْيَبَ مِنْها نَشْرَ رائحَةٍ وَلا بأحْسَنَ مِنْها إذ دنَا الأُصُلُ @@ فأعلـمهم بذلك تعالـى ، أن الذين آمنوا وعملوا الصالـحات من الـمنظر الأنـيق ، واللذيذ من الأرايـيح ، والعيش الهنـيّ فـيـما يحبون ، ويسرّون به ، ويغبطون علـيه . والـحبرة عند العرب : السرور والغبطة قال العجاج : @ فـالْـحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أعْطَى الـحَبَرْ مَوَالِـيَ الـحَقّ إنَّ الـمَوْلـى شَكَرْ @@ واختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : فهم فـي روضة يكرمون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { فَهم فِـي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } قال : يكرمون . وقال آخرون : معناه : ينعمون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله { يُحْبَرُون } قال : ينعمون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، فـي قوله { فَهُمْ فِـي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } قال : ينعمون . وقال آخرون : يـلذذون بـالسماع والغناء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن موسى الـحرسي ، قال : ثنـي عامر بن يساف ، قال : سألت يحيى بن أبـي كثـير ، عن قول الله { فَهُمْ فِـي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } قال : الـحبرة : اللذة والسماع . حدثنا عبـيد الله بن مـحمد الفريابـي ، قال : ثنا ضمرة بن ربـيعة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبـي كثـير فـي قوله { يُحْبَرُونَ } قال : السماع فـي الـجنة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبـي كثـير ، مثله . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن عامر بن يِساف ، عن يحيى بن أبـي كثـير ، مثله . وكل هذه الألفـاظ التـي ذكرنا عمن ذكرناها عنه تعود إلـى معنى ما قلنا .