Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 23-24)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ولقد آتـينا موسى التوراة ، كما آتـيناك الفرقان يا مـحمد { فَلا تَكُنْ فِـي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ } يقول : فلا تكن فـي شكّ من لقائه فكان قتادة يقول : معنى ذلك : فلا تكن فـي شكّ من أنك لقـيته ، أو تلقاه لـيـلة أُسري بك ، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة عن أبـي العالـية الرياحي ، قال : حدثنا ابن عمّ نبـيكم ، يعنـي ابن عبـاس ، قال : قال نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم : " أُرِيتُ لَـيْـلَةَ أُسْرِيَ بِـي مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ رَجُلاً آدَمَ طِوَالاً جَعْداً ، كأنَّهُ مِنْ رِجالِ شَنُوءَةَ ، ورأيْتُ عِيسَى رَجُلاً مَربُوعَ الـخَـلْقِ إلـى الـحُمْرَةِ والبَـياضِ ، سَبْطَ الرأسِ ، ورأيْتُ مالِكا خازِنَ النَّارِ ، والدَّجَّالَ " فـي آيات أرَاهُنَّ اللّهُ إيَّاهُ ، فَلا تَكُنْ فِـي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ أنه قد رأى موسى ، ولقـي موسى لـيـلة أُسري به . وقوله : { وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي إسْرائِيـلَ } يقول تعالـى ذكره : وجعلنا موسى هدى لبنـي إسرائيـل ، يعنـي : رشاداً لهم يرشدون بـاتبـاعه ، ويصيبون الـحقّ بـالاقتداء به ، والائتـمام بقوله . وبـالذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي إسْرائِيـلَ } قال : جعل الله موسى هدى لبنـي إسرائيـل . وقوله : { وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً } يقول تعالـى ذكره : وجعلنا من بنـي إسرائيـل أئمة ، وهي جمع إمام ، والإمام الذي يؤتـمّ به فـي خير أو شرّ ، وأريد بذلك فـي هذا الـموضع أنه جعل منهم قادة فـي الـخير ، يؤتـم بهم ، ويُهْتَدى بهديهم . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا } قال : رؤساء فـي الـخير . وقوله { يَهْدُونَ بأمْرِنا } يقول تعالـى ذكره : يهدون أتبـاعهم وأهل القبول منهم بإذننا لهم بذلك ، وتقويتنا إياهم علـيه . وقوله : { لَـمَّا صَبرُوا } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة ، وبعض أهل الكوفة : { لَـمَّا صَبرُوا } بفتـح اللام وتشديد الـميـم ، بـمعنى : إذ صبروا ، وحين صبروا . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : « لِـمَا » بكسر اللام وتـخفـيف الـميـم ، بـمعنى : لصبرهم عن الدنـيا وشهواتها ، واجتهادهم فـي طاعتنا ، والعمل بأمرنا . وذُكر أن ذلك فـي قراءة ابن مسعودِ : « بـمَا صَبَرُوا » . وما إذا كسرت اللام من « لِـمَا » فـي موضع خفض ، وإذا فتـحت اللام وشدّدت الـميـم ، فلا موضع لها ، لأنها حينئذٍ أداة . والقول عندي فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا الـمعنى ، قد قرأ بكل واحدة منهما عامة من القرّاء فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وتأويـل الكلام إذا قُرىء ذلك بفتـح اللام وتشديد الـميـم : وجعلنا منهم أئمة يهدون أتبـاعهم بإذننا إياهم ، وتقويتنا إياهم علـى الهداية ، إذ صبروا علـى طاعتنا ، وعزفوا أنفسهم عن لذّات الدنـيا وشهواتها . وإذا قرىء بكسر اللام علـى ما قد وصفنا . وقد : حدثنا ابن وكيع ، قال : قال أبـي ، سمعنا فـي { وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا لَـمَّا صبَرُوا } قال : عن الدنـيا . وقوله : { وكانُوا بآياتِنا يُوقِنُونَ } يقول : وكانوا أهل يقـين بـما دلهم علـيه حججنا ، وأهل تصديق بـما تبـين لهم من الـحقّ وإيـمان برسلنا ، وآيات كتابنا وتنزيـلنا .