Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 28-30)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { وَيَقُولُونَ } هؤلاء الـمشركون بـالله يا مـحمد لك { مَتـى هَذَا الْفَتْـحُ } . واختلف فـي معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : متـى يجيء هذا الـحكم بـيننا وبـينكم ، ومتـى يكون هذا الثواب والعقاب . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، فـي قوله { وَيَقُولُونَ مَتـى هَذَا الفَتْـحُ إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ } قال : قال أصحاب نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم : إن لنا يوماً أوشك أن نستريح فـيه وننعم فـيه ، فقال الـمشركون { مَتـى هَذَا الفَتْـحُ إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ } . وقال آخرون : بل عنى بذلك : فتـح مكة . والصواب من القول فـي ذلك قول من قال : معناه : ويقولون متـى يجيء هذا الـحكم بـيننا وبـينكم ، يعنون العذاب ، يدلّ علـى أن ذلك معناه قوله : { قُلْ يَوْمَ الفَتْـحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيـمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } ولا شكَّ أن الكفـار قد كان جعل الله لهم التوبة قبل فتـح مكة وبعده ، ولو كان معنى قوله { مَتـى هَذَا الفَتْـحُ } علـى ما قاله من قال : يعنـي به : فتـح مكة ، لكان لا توبة لـمن أسلـم من الـمشركين بعد فتـح مكة ، ولا شكّ أن الله قد تاب علـى بشر كثـير من الـمشركين بعد فتـح مكة ، ونفعهم بـالإيـمان به وبرسوله فمعلوم بذلك صحة ما قلنا من التأويـل ، وفساد ما خالفه . وقوله : { إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ } يعنـي : إن كنتـم صادقـين فـي الذي تقولون من أنا معاقبون علـى تكذيبنا مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، وعبـادتنا الآلهة والأوثان . وقوله : { قُلْ يَوْمَ الفَتْـحِ } يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لهم يوم الـحكم ، ومـجيء العذاب : لا ينفع من كفر بـالله وبآياته إيـمانهم الذي يحدثونه فـي ذلك الوقت . كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { قُلْ يَوْمَ الفَتْـحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيـمَانُهُمْ } قال : يوم الفتـح إذا جاء العذاب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { يَوْمَ الفَتْـحِ } يوم القـيامة . ونصب الـيوم فـي قوله { قُلْ يَوْمَ الفَتْـحِ } ردًّا علـى متـى ، وذلك أن « متـى » فـي موضع نصب . ومعنى الكلام : أنـي حينُ هذا الفتـح إن كنتـم صادقـين ، ثم قـيـل يوم كذا ، وبه قرأ القرّاء . وقوله : { وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } يقول : ولا هم يؤخرون للتوبة والـمراجعة . وقوله { فأعْرِضْ عَنْهُمْ وانْتَظِرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرونَ } يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : فأعرض يا مـحمد عن هؤلاء الـمشركين بـالله ، القائلـين لك : متـى هذا الفتـح ، الـمستعجلـيك بـالعذاب ، وانتظر ما الله صانع بهم ، إنهم منتظرون ما تعدهم من العذاب ومـجيء الساعة . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَأعْرِضْ عَنْهُمْ ، وَانْتَظرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ } يعنـي يوم القـيامة . آخر تفسير سورة السجدة ، ولله الـحمد والـمنة .