Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويـل فـي الـمراد من قول الله { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْنِ فِـي جَوْفِهِ } فقال بعضهم : عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفـاق ، وصفوا نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبـين ، فنفـى الله ذلك عن نبـيه ، وكذّبهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا حفص بن نفـيـل ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، عن قابوس بن أبـي ظبـيان أن أبـاه حدثه ، قال : قلنا لابن عبـاس : أرأيت قول الله { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْن فِـي جَوْفِه } ما عنى بذلك ؟ قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فصلـى ، فخطر خطرة فقال الـمنافقون الذين يصلون معه : إن له قلبـين ، قلبـاً معكم ، وقلبـا معهم ، فأنزل الله : { ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـين فـي جَوْفِهِ } . وقال آخرون : بل عنى بذلك : رجل من قريش كان يُدعى ذا القلبـين من دِهْيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْنِ فِـي جَوْفِهِ } قال : كان رجل من قريش يسمى من دهيه ذا القلبـين ، فأنزل الله هذا فـي شأنه . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـين فِـي جَوْفِهِ } قال : إن رجلاً من بنـي فهر ، قال : إن فـي جوفـي قلبـين ، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل مـحمد « وكذب » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْنِ فِـي جَوْفِهِ } قال قتادة : كان رجل علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبـين ، فأنزل الله فـيه ما تسمعون . قال قتادة : وكان الـحسن يقول : كان رجل يقول لـي : نفس تأمرنـي ، ونفس تنهانـي ، فأنزل الله فـيه ما تسمعون . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، قال : كان رجل يسمى ذا القلبـين ، فنزلت { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْنِ فِـي جَوْفِه } . وقال آخرون : بل عنى بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبنَّاه ، فضرب الله بذلك مثلاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، فـي قوله : { ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَـيْنِ فِـي جَوْفِهِ } قال : بلغنا أن ذلك كان فـي زيد بن حارثة ، ضرب له مثلاً يقول : لـيس ابن رجل آخر ابنك . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال : ذلك تكذيب من الله تعالـى قول من قال لرجل فـي جوفه قلبـان يعقل بهما ، علـى النـحو الذي رُوي عن ابن عبـاس وجائز أن يكون ذلك تكذيبـاً من الله لـمن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأن يكون تكذيبـاً لـمن سمى القرشيّ الذي ذُكر أنه سمي ذا القلبـين من دهيه ، وأيّ الأمرين كان فهو نفـي من الله عن خـلقه من الرجال أن يكونوا بتلك الصفة . وقوله : { وَما جَعَلَ أزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أمَّهاتِكُمْ } يقول تعالـى ذكره : ولـم يجعل الله أيها الرجال نساءكم اللائي تقولون لهنّ : أنتن علـينا كظهور أمهاتنا أمهاتكم ، بل جعل ذلك من قـيـلكم كذبـاً ، وألزمكم عقوبة لكم كفَّـارة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { وَما جَعَلَ أزْوَاجَكُمُ اللاَّئي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ } : أي ما جعلها أمك فإذا ظاهر الرجل من امرأته ، فإن الله لـم يجعلها أمه ، ولكن جعل فـيها الكفَّـارة . وقوله : { وَما جَعَلَ أدعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ } يقول : ولـم يجعل الله من ادّعيت أنه ابنك ، وهو ابن غيرك ابنك بدعواك . وذُكر أن ذلك نزل علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تبنـيه زيد بن حارثة . ذكر الرواية بذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { أدْعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ } قال : نزلت هذه الآية فـي زيد بن حارثة . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَما جَعَلَ أدْعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ } قال : كان زيد بن حارثة حين منّ الله ورسوله علـيه ، يقال له : زيد بن مـحمد ، كان تبنَّاه ، فقال الله : { ما كانَ مُـحَمَّدٌ أبـا أحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ } قال : وهو يذكر الأزواج والأخت ، فأخبره أن الأزواج لـم تكن بـالأمهات أمهاتكم ، ولا أدعياءكم أبناءكم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما جَعَلَ أدْعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ } وما جعل دعَّيك ابنك ، يقول : إذا ادّعى رجل رجلاً ولـيس بـابنه { ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بأفْوَاهِكُمْ … } الآية . وذُكر لنا أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : " من ادّعى إلـى غَير أبِـيهِ مُتَعَمِّداً حَرَّمَ اللّهُ عَلَـيْهِ الـجَنَّةَ " حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن أبـي زائدة ، عن أشعث ، عن عامر ، قال : لـيس فـي الأدعياء زيد . وقوله { ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بأفْوَاهِكُمْ } يقول تعالـى ذكره هذا القول وهو قول الرجل لامرأته : أنت علـيّ كظهر أمي ، ودعاؤه من لـيس بـابنه أنه ابنه ، إنـما هو قولكم بأفواهكم لا حقـيقة له ، لا يثبت بهذه الدعوى نسب الذي ادّعيت بنوّته ، ولا تصير الزوجة أمًّا بقول الرجل لها : أنت علـيّ كظهر أمي { وَاللّهُ يقُولُ الـحَقَّ } يقول : والله هو الصادق الذي يقول الـحقّ ، وبقوله يثبت نسب من أثبت نسبه ، وبه تكون الـمرأة للـمولود ، أمًّا إذا حكم بذلك { وَهُوَ يَهْدِي السَّبِـيـلَ } يقول تعالـى ذكره : والله يبـين لعبـاده سبـيـل الـحقّ ، ويرشدهم لطريق الرشاد .