Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : لا حرج علـى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي آبـائهنّ ولا إثم . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي وضع عنهنّ الـجناح فـي هؤلاء ، فقال بعضهم : وضع عنهنّ الـجناح فـي وضع جلابـيبهنّ عندهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ابن أبـي لـيـلـى ، عن عبد الكريـم ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { لا جُناحَ عَلَـيْهِنَّ فِـي آبـائهنَّ } … الآية كلها ، قال : أن تضع الـجلبـاب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { لا جُناحَ عَلَـيْهِنَّ فـي آبـائهن } ومن ذكر معه أن يروهنّ . وقال آخرون : وضع عنهنّ الـجناح فـيهنّ فـي ترك الاحتـجاب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة ، فـي قوله { لا جُناحَ عَلَـيْهنَّ } … إلـى { شَهِيداً } : فرخص لهؤلاء أن لا يحتـجبن منهم . وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال : ذلك وضع الـجناح عنهنّ فـي هؤلاء الـمسلـمين أن لا يحتـجبن منهم ، وذلك أن هذه الآية عقـيب آية الـحجاب ، وبعد قول الله : { وَإذَا سألْتُـمُوهُنَّ مَتاعاً فـاسأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ } فلا يكون قوله : { لا جُناحَ عَلَـيْهِنَّ فِـي آبـائهِنَّ } استثناء من جملة الذين أمروا بسؤالهنّ الـمتاع من وراء الـحجاب إذا سألوهنّ ذلك أولـى وأشبه من أن يكون خبر مبتدإ عن غير ذلك الـمعنى . فتأويـل الكلام إذن : لا إثم علـى نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، وأمَّهات الـمؤمنـين فـي إذنهنّ لآبـائهنّ ، وترك الـحجاب منهنّ ، ولا لأبنائهنّ ولا لإخوانهنّ ، ولا لأبناء إخوانهنّ . وعُنـي بإخوانهنّ وأبناء إخوانهنّ إخوتهنّ وأبناء إخوتهنّ . وخرج معهم جمع ذلك مخرج جمع فتـى إذا جمع فتـيان ، فكذلك جمع أخ إذا جمع إخوان . وأما إذا جمع إخوة ، فذلك نظير جمع فتـى إذا جمع فتـية ، ولا أبناء إخوانهنّ ، ولـم يذكر فـي ذلك العمّ علـى ما قال الشعبـي حذراً من أن يصفهنّ لأبنائه . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا حجاج بن الـمنهال ، قال : ثنا حماد ، عن داود ، عن الشعبـي وعكرِمة فـي قوله : { لا جُناحَ عَلَـيْهِنَّ فِـي آبـائهِنَّ وَلا أبْنائهِنَّ وَلا إخْوَانِهِنَّ وَلا أبْناءِ إخْوَانِهِنَّ وَلا أبْناءِ أخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسائهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُنَّ } قلت : ما شأن العم والـخال لـم يذكرا ؟ قال : لأنهما ينعتانها لأبنائهما ، وكرهاً أن تضع خمارها عند خالها وعمها . حدثنا ابن الـمثنى ، ، قال : ثنا أبو الولـيد ، قال : ثنا حماد ، عن داود ، عن عكرمة والشعبـيّ نـحوه ، غير أنه لـم يذكر ينعتانها . وقوله : { وَلا نسائهِنَّ } يقول : ولا جناح علـيهنّ أيضاً فـي أن لا يحتـجبن من نساء الـمؤمنـين ، كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا نِسائهِنَّ } . قال : نساء الـمؤمنات الـحرائر لـيس علـيهنّ جناح أن يرين تلك الزينة ، قال : وإنـما هذا كله فـي الزينة ، قال : ولا يجوز للـمرأة أن تنظر إلـى شيء من عورة الـمرأة ، قال : ولو نظر الرجل إلـى فخذ الرجل لـم أر به بأساً ، قال : { وَلا ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُنَّ } فلـيس ينبغي لها أن تكشف قرطها للرجل ، قال : وأما الكحل والـخاتـم والـخضاب ، فلا بأس به ، قال : والزوج له فضل ، والآبـاء من وراء الرجل لهم فضل . قال : والآخرون يتفـاضلون ، قال : وهذا كله يجمعه ما ظهر من الزينة ، قال : وكان أزواج النبـيّ صلى الله عليه وسلم لا يحتـجبن من الـمـمالـيك . وقوله : { وَلا ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُنَّ } من الرجال والنساء . وقال آخرون : من النساء . وقوله : { وَاتَّقِـينَ اللَّهِ } يقول : وخَفن الله أيها النساء أن تتعدّين ما حدّ الله لكن ، فتبدين من زينتكنّ ما لـيس لكنّ أن تبدينه ، أو تتركن الـحجاب الذي أمركنّ الله بلزومه ، إلا فـيـما أبـاح لكن تركه ، والزمْنَ طاعته { إنَّ اللَّهَ عَلـى كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً } يقول تعالـى ذكره : إن الله شاهد علـى ما تفعلنه من احتـجابكنّ ، وترككنّ الـحجاب لـمن أبحت لكن ترك ذلك له ، وغير ذلك من أموركنّ يقول : فـاتقـين الله فـي أنفسكنّ لا تلقـين الله ، وهو شاهد علـيكم بـمعصيته ، وخلاف أمره ونهيه ، فتهلكن ، فإنه شاهد علـى كلّ شيء .