Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 69-69)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لأصحاب نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الذين آمنوا بـالله ورسوله لا تؤذوا رسول الله بقول يكرهه منكم ، ولا بفعل لا يحبه منكم ، ولا تكونوا أمثال الذين آذوا موسى نبـيّ الله ، فرموه بعيب كذبـاً وبـاطلاً { فَبرَّأهُ اللَّهُ مِـمَّا قالُوا } فـيه من الكذب والزور بـما أظهر من البرهان علـى كذبهم { وكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً } يقول : وكان موسى عند الله مشفعاً فـيـما يسأل ، ذا وجه ومنزلة عنده بطاعته إياه . ثم اختلف أهل التأويـل فـي الأذى الذي أوذي به موسى الذي ذكره الله فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : رموه بأنه آدَر . ورَوَي بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبراً . ذكر الرواية التـي رويت عنه ، ومن قال ذلك : حدثنـي أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن الـمنهال ، عن سعيد بن جبـير ، وعبد الله بن الـحارث ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } قال : قال له قومه : إنك آدر ، قال : فخرج ذات يوم يغتسل ، فوضع ثـيابه علـى صخرة ، فخرجت الصخرة تشتدّ بثـيابه ، وخرج يتبعها عرياناً حتـى انتهت به إلـى مـجالس بنـي إسرائيـل ، قال : فرأوه لـيس بآدر ، قال : فذلك قوله : { فَبرَّأهُ اللَّهُ مِـمَّا قالُوا } . حدثنـي يحيى بن داود الواسطي ، قال : ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن أبـي هريرة ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى قال : قالُوا : هُوَ آدَرُ ، قال : فذهب موسى يغتسل ، فوضع ثـيابه علـى حجر ، فمرّ الـحجر بثـيابه ، فتبع موسى قـفـاه ، فقال : ثـيابـي حجر ، فمرّ بـمـجلس بنـي إسرائيـل ، فرأوه ، فبرأه الله مـما قالوا " { وكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً } . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } … إلـى { وَجِيهاً } قال : كان أذاهم موسى أنهم قالوا : والله ما يـمنع موسى أن يضع ثـيابه عندنا إلا أنه آدر ، فآذى ذلك موسى فبـينـما هو ذات يوم يغتسل وثوبه علـى صخرة فلـما قضى موسى غسله وذهب إلـى ثوبه لـيأخذه ، انطلقت الصخرة تسعى بثوبه ، وانطلق يسعى فـي أثرها حتـى مرّت علـى مـجلس بنـي إسرائيـل وهو يطلبها فلـما رأوا موسى صلى الله عليه وسلم متـجرّداً لا ثوب علـيه قالوا : ولله ما نرى بـموسى بأساً ، وإنه لبريء مـما كنا نقول له ، فقال الله : { فَبرَّأهُ اللَّهُ مِـمَّا قالُوا وكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً } . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } . … الآية ، قال : كان موسى رجلاً شديد الـمـحافظة علـى فرجه وثـيابه ، قال : فكانوا يقولون : ما يحمله علـى ذلك إلا عيب فـي فرجه يكره أن يُرَى فقام يوماً يغتسل فـي الصحراء ، فوضع ثـيابه علـى صخرة ، فـاشتدّت بثـيابه ، قال : وجاء يطلبها عرياناً ، حتـى اطلع علـيهم عرياناً ، فرأوه بريئاً مـما قالوا ، وكان عند الله وجيهاً . قال : والوجيه فـي كلام العرب : الـمـحبّ الـمقبول . وقال آخرون : بل وصفوه بأنه أبرص . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : قال بنو إسرائيـل : إن موسى آدر وقالت طائفة : هو أبرص من شدّة تستّره ، وكان يأتـي كلّ يوم عيناً ، فـيغتسل ويضع ثـيابه علـى صخرة عندها ، فعدت الصخرة بثـيابه حتـى انتهت إلـى مـجلس بنـي إسرائيـل ، وجاء موسى يطلبها فلـما رأوه عرياناً لـيس به شيء مـما قالوا ، لبس ثـيابه ثم أقبل علـى الصخرة يضربها بعصاه ، فأثرت العصا فـي الصخرة . حدثنا بحر بن حبـيب بن عربـي ، قال : ثنا روح بن عبـادة ، قال : ثنا عوف ، عن مـحمد ، عن أبـي هريرة فـي هذه الآية { لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبرّأهُ اللَّهُ مِـمَّا قالُوا } … الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ مُوسَى كانَ رَجُلاً حَيِـيًّا سِتِّـيراً ، لا يَكادُ يُرَى مِنْ جِلْدهِ شَيْءٌ اسْتِـحْياءً مِنْهُ ، فآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنـي إسْرَائِيـلَ ، وَقالُوا : ما تَسَتَّرَ هَذَا التَّسَتُّرَ إلاَّ مِنْ عَيْبٍ فِـي جِلْدِهِ ، إمَّا برصٌ ، وإمَّا أُدْرَةٌ ، وإمَّا آفَةٌ ، وَإنَّ اللَّهَ أرَادَ أنْ يُبَرّئَهُ مِـمَّا قالُوا ، وَإنَّ مُوسَى خَلا يَوْماً وَحْدَهُ ، فَوَضَعَ ثِـيابَهُ عَلـى حَجَرٍ ، ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَـمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ أقْبَلَ عَلـى ثَوْبهِ لِـيأْخُذَهُ ، وَإنَّ الـحَجَرَ عَدَا بثَوْبِهِ ، فأخَذَ مُوسَى عَصاً وَطَلَبَ الـحَجَرَ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : ثَوْبِـي حَجَرُ ، حتـى انْتَهَى إلـى مِلإٍ مِنْ بَنـي إسْرائِيـلَ ، فَرأَوْهُ عُرْياناً كأحْسَنِ النَّاسِ خَـلْقاً ، وَبَرَّأهُ اللَّهُ مِـمَّا قالُوا ، وَإنَّ الـحَجَرَ قامَ ، فأخَذَ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ ، فَطَفِقَ بـالـحَجَرِ ضَرْبـاً بذلكَ ، فوَاللَّهِ إنَّ فِـي الـحَجَرِ لَنَدْبـاً مِنْ أثَرِ ضَوْبِهِ ثَلاثاً أوْ أرْبَعاً أوْ خَمْساً « " حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن عوف ، عن الـحسن ، قال : بلغنـي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كانَ مُوسَى رَجُلاً حَيِـيًّا سِتـيراً " ثم ذكر نـحواً منه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : حدّث الـحسن ، عن أبـي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ بَنِـي إسْرَائِيـلَ كانُوا يَغْتَسِلُونَ وَهُمْ عُرَاةٌ ، وكانَ نَبِـيُّ اللَّهُ مُوسَى حَيِـيًّا ، فكانَ يَتَسَتَّرُ إذَا اغْتَسَلَ ، فَطَعَنُوا فِـيهِ بعَوْرَةٍ ، قال : فَبَـيْنا نَبِـيّ اللَّهِ يَغْتَسلُ يَوْماً ، إذْ وَضَعَ ثِـيابَهُ علـى صَخْرَةٍ ، فـانْطَلَقَتِ الصَّخْرَةُ وَاتَّبَعَها نَبِـيُّ اللَّهِ ضَرْبـاً بِعَصَاهُ : ثَوْبِـي يا حَجَرُ ، ثَوْبِـي يا حَجَرُ ، حتـى انْتَهَتْ إلـى ملإٍ مِنْ بَنِـي إسْرائِيـلَ ، أوْ تَوَسَّطهُمْ ، فَقامَتْ ، فأخَذَ نَبِـيُّ اللَّهُ ثِـيابَهُ ، فَنَظَرُوا إلـى أحْسَنِ النَّاسِ خَـلْقاً ، وأعْدَلِهِ مُرُوءَةً ، فقالَ الـمَلأُ : قاتَلَ اللَّهُ أفَّـاكي بَنِـي إسْرائِيـلَ ، فَكانَتْ بَراءَتَهُ التـي بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْها « " وقال آخرون : بل كان أذاهم إياه ادّعاءهم علـيه قتل هارون أخيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ بن مسلـم الطوسي ، قال : ثنا عبـاد ، قال : ثنا سفـيان بن حبـيب ، عن الـحكم ، عن سعيد بن جُبـير ، عن ابن عبـاس ، عن علـيّ بن أبـي طالب ، رضي الله عنه ، فـي قول الله : { لاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى } … الآية ، قال : صعد موسى وهارون الـجبل ، فمات هارون ، فقالت بنو إسرائيـل : أنت قتلته ، وكان أشدّ حبـاً لنا منك ، وألـين لنا منك ، فآذوه بذلك ، فأمر الله الـملائكة فحملته حتـى مرّوا به علـى بنـي إسرائيـل ، وتكلَّـمت الـملائكة بـموته ، حتـى عرف بنو إسرائيـل أنه قد مات ، فبرأه الله من ذلك فـانطلقوا به فدفنوه ، فلـم يطلع علـى قبره أحد من خـلق الله إلا الرخم ، فجعله الله أصمّ أبكم . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال : إن بنـي إسرائيـل آذوا نبـيّ الله ببعض ما كان يكره أن يؤذي به ، فبرأه الله مـما آذوه به . وجائز أن يكون ذلك كان قـيـلهم إنه أبرص ، وجائز أن يكون كان ادّعاءهم علـيه قتل أخيه هارون . وجائز أن يكون كلّ ذلك ، لأنه قد ذكر كلّ ذلك أنهم قد آذوه به ، ولا قول فـي ذلك أولـى بـالـحقّ مـما قال الله إنهم آذوا موسى ، فبرأه الله مـما قالوا .