Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : النبـيّ مـحمد أولـى بـالـمؤمنـين ، يقول : أحقّ بـالـمؤمنـين به من أنفسهم ، أن يحكم فـيهم بـما يشاء من حكم ، فـيجوز ذلك علـيهم . كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { النَّبِـيُّ أوْلَـى بـالـمُؤْمِنِـينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ } كما أنت أولـى بعبدك ما قضى فـيهم من أمر جاز ، كما كلـما قضيت علـى عبدك جاز . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { النَّبِـيُّ أولـى بـالـمُؤْمِنـينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ } قال : هو أب لهم . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا فلـيح ، عن هلال بن علـيّ ، عن عبد الرحمن بن أبـي عمرة ، عن أبـي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وأنا أوْلَـى النَّاسِ بِهِ فِـي الدُّنْـيا والآخِرَةِ ، اقْرَءُوا إنْ شِئْتُـمْ { النَّبِـيُّ أوْلَـى بـالـمُؤْمِنِـينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ } وأيُّـمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مالاً فَلِوَرَثَتِهِ وَعَصَبَتِهِ مَنْ كانُوا ، وَإنْ تَرَكَ دَيْناً أوْ ضِياعاً فَلْـيأْتِنـي وأنا مَوْلاه « . " حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حسن بن علـيّ ، عن أبـي موسى إسرائيـل بن موسى ، قال : قرأ الـحسن هذه الآية { النَّبِـيُّ أوْلَـى بـالـمُؤْمِنِـينَ مِنْ أنْفُسِهمْ ، وأزْوَاجُهُ أمَّهاتُهُمْ } قال : قال الـحسن : قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " أنا أوْلَـى بكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِه " قال الـحسن : وفـي القراءة الأولـى : « أوْلَـى بـالـمُؤْمنـينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ ، وَهُوَ أبٌ لَهُمْ » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال فـي بعض القراءة : « النَّبِـيُّ أوْلَـى بـالـمُؤْمِنِـينَ مِنْ أنْفُسِهمْ وَهُوَ أبٌ لَهُمْ » وذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيُّـمَا رَجُلٍ تَرَكَ ضِياعاً فَأنا أوْلَـى بِهِ ، وَإنْ تَرَكَ مالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ " « وقوله : { وأزْوَاجُهُ أمَّهاتُهُمْ } يقول : وحرمة أزواجه حرمة أمهاتهم علـيهم ، فـي أنهن يحرم علـيهن نكاحهن من بعد وفـاته ، كما يحرمُ علـيهم نكاح أمهاتهم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { النَّبِـيُّ أولَـى بـالـمُؤْمِنـينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ ، وأزْوَاجُهُ أُمِّهاتُهُمْ } يعظِّم بذلك حقهنّ ، وفـي بعض القراءة : « وَهُوَ أبٌ لَهُمْ » . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { وأزْوَاجُهُ أُمَّهاتُهُمْ } مـحرّمات علـيهم . وقوله : { وأُولُوا الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلَـى بِبَعْضٍ فِـي كِتابِ اللّهِ مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ وَالـمُهاجِرِينَ } يقول تعالـى ذكره : وأولوا الأرحام الذين وَرَّثْتُ بعضهم من بعض ، هم أولـى بـميراث بعض من الـمؤمنـين والـمهاجرين أن يرث بعضهم بعضاً ، بـالهجرة والإيـمان دون الرحم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وأُولُوا الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلَـى ببَعْضٍ فِـي كِتابِ اللّهِ مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ والـمُهاجرِينَ } لبث الـمسلـمون زماناً يتوارثون بـالهجرة ، والأعرابـيّ الـمسلـم لا يرث من الـمهاجرين شيئاً ، فأنزل الله هذه الآية ، فخـلط الـمؤمنـين بعضهم ببعض ، فصارت الـمواريث بـالـملل . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله { وأُولُوا الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلَـى بِبَعْضٍ فِـي كِتابِ اللّهِ مِنَ الـمُؤْمِنـينَ والـمُهاجِرِينَ إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قال : كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم قد آخَى بـين الـمهاجرين والأنصار أوّل ما كانت الهجرة ، وكانوا يتوارثون علـى ذلك ، وقال الله { وَلِكُلّ جَعَلْنا مَوَالِـيَ مـمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأقْربُونَ والَّذِينَ عَقَدَتْ أيـمَانُكُمْ ، فآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } قال : إذا لـم يأت رحم لهذا يحول دونهم ، قال : فكان هذا أوّلاً ، فقال الله : { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائكُمْ مَعْرُوفـاً } يقول : إلاَّ أن تُوصُوا لهم { كانَ ذلكَ فِـي الكِتابِ مَسْطُوراً } أنّ أولـي الأرحام بعضهم أولـى ببعض فـي كتاب الله ، قال : وكان الـمؤمنون والـمهاجرون لا يتوارثون إن كانوا أولـي رحم ، حتـى يهاجروا إلـى الـمدينة ، وقرأ قال الله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا ولَـمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهمْ مِنْ شَيْءٍ حتـى يُهاجِرُوا … } إلـى قوله { وَفَسادٌ كَبِـيرٌ } ، فكانوا لا يتوارثون ، حتـى إذا كان عام الفتـح ، انقطعت الهجرة ، وكثر الإسلام ، وكان لا يُقْبل من أحد أن يكون علـى الذي كان علـيه النبـيّ ومن معه إلاَّ أن يهاجر قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن بَعَث : " اغْدُوا عَلـى اسْمِ اللّهِ لا تَغُلُّوا وَلا تُوَلُّوا ، ادْعُوهُمْ إلـى الإسْلامِ ، فإنْ أجابُوكُمْ فـاقْبَلُوا وَادْعُوهُمْ إلـى الهِجْرَةِ ، فإنْ هاجَرُوا مَعَكُمْ ، فَلَهُمْ ما لَكُمْ ، وَعَلَـيْهِمْ ما عَلَـيْكُمْ ، فإنْ أبَوْا ولَـمْ يُهاجِرُوا وَاخْتارُوا دَارَهُمْ فَأقِرُّوهُمْ فِـيها ، فَهُمْ كالأعْرابِ تَـجْرِي عَلَـيْهمْ أحْكامُ الإسْلامِ ، ولَـيْسَ لَهُمْ فِـي هَذَا الفَـيْءِ نَصِيبٌ « " قال : فلـما جاء الفتـح ، وانقطعت الهجرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْـحِ " وكثر الإسلام ، وتوارث الناس علـى الأرحام حيث كانوا ، ونسخ ذلك الذي كان بـين الـمؤمنـين والـمهاجرين ، وكان لهم فـي الفـيء نصيب ، وإن أقاموا وأبَوا ، وكان حقهم فـي الإسلام واحد ، الـمهاجر وغير الـمهاجر والبدوي وكلّ أحد ، حين جاء الفتـح . فمعنى الكلام علـى هذا التأويـل : وأولوا الأرحام بعضهم أولـى ببعض من الـمؤمنـين والـمهاجرين ببعضهم أن يرثوهم بـالهِجرة ، وقد يحتـمل ظاهر هذا الكلام أن يكون من صلة الأرحام من الـمؤمنـين والـمهاجرين ، أوْلـى بـالـميراث ، مـمن لـم يؤمن ، ولـم يهاجر . وقوله : { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : إلاَّ أن توصوا لذوي قرابتكم من غير أهل الإيـمان والهجرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن حجَّاج ، عن سالـم ، عن ابن الـحنفـية { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قالوا : يوصي لقرابته من أهل الشرك . قال : ثنا عبدة ، قال : قرأت علـى ابن أبـي عروبة ، عن قتادة { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قال : للقرابة من أهل الشرك وصية ، ولا ميراث لهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قال : إلـى أولـيائكم من أهل الشرك وصية ، ولا ميراث لهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أحمد الزبـيري ويحيى بن آدم ، عن ابن الـمبـارك ، عن معمر ، عن يحيى بن أبـي كثـير ، عن عكرِمة { إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قال : وصية . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي مـحمد بن عمرو ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : ما قوله { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } فقال : العطاء ، فقلت له : الـمؤمن للكافر بـينهما قرابة ؟ قال : نعم عطاؤه إياه حبـاء ووصية له . وقال آخرون : بل معنى ذلك : إلاَّ أن تـمسكوا بـالـمعروف بـينكم بحقّ الإيـمان والهجرة والـحلف ، فتؤتونهم حقهم من النصرة والعقل عنهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } قال : حلفـاؤكم الذين والـى بـينهم النبـيّ صلى الله عليه وسلم من الـمهاجرين والأنصار ، إمساك بـالـمعروف والعقل والنصر بـينهم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن توصوا إلـى أولـيائكم من الـمهاجرين وصية . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا إلـى أوْلِـيائِكُمْ مَعْرُوفـاً } يقول : إلاَّ أن توصوا لهم . وأولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب أن يقال : معنى ذلك إلاَّ أن تفعلوا إلـى أولـيائكم الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخَى بـينهم وبـينكم من الـمهاجرين والأنصار ، معروفـاً من الوصية لهم ، والنصرة والعقل عنهم ، وما أشبه ذلك ، لأن كلّ ذلك من الـمعروف الذي قد حثّ الله علـيه عبـاده . وإنـما اخترت هذا القول ، وقلت : هو أولـى بـالصواب من قـيـل من قال : عنى بذلك الوصية للقرابة من أهل الشرك ، لأن القريب من الـمشرك ، وإن كان ذا نسب فلـيس بـالـمولـى ، وذلك أن الشرك يقطع ولاية ما بـين الـمؤمن والـمشرك ، وقد نهى الله الـمؤمنـين أن يتـخذوا منهم ولـياً بقوله : { لا تَتَّـخِذُوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُمْ أوْلِـياءَ } وغير جائز أن ينهاهم عن اتـخاذهم أولـياء ، ثم يصفهم جلّ ثناؤه بأنهم لهم أولـياء . وموضع « أن » من قوله { إلاَّ أنْ تَفْعَلُوا } نصب علـى الاستثناء . ومعنى الكلام : وأولوا الأرحام بعضهم أولـى ببعض فـي كتاب الله من الـمؤمنـين والـمهاجرين ، إلاَّ أن تفعلوا إلـى أولـيائكم الذين لـيسوا بأولِـي أرحام منكم معروفـاً . وقوله : { كانَ ذلكَ فِـي الكِتابِ مَسْطُوراً } يقول : كان أولوا الأرحام بعضهم أولـى ببعض فـي كتاب الله : أي فـي اللوح الـمـحفوظ { مسطوراً } أي مكتوبـاً ، كما قال الراجز @ : فـي الصُّحُفِ الأُولـى التـي كانَ سَطَرْ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { كانَ ذلكَ فِـي الكِتابِ مَسْطُوراً } : أي أن أولـي الأرحام بعضهم أولـى ببعض فـي كتاب الله . وقال آخرون : معنى ذلك : كان ذلك فـي الكتاب مسطوراً : لا يرث الـمشرك الـمؤمن .