Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 9-9)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَـيْكُمْ } التـي أنعمها علـى جماعتكم وذلك حين حوصر الـمسلـمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الـخندق { إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ } : جنود الأحزاب : قُريش ، وغَطفـان ، ويهود بنـي النضير { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ رِيحاً } وهي فـيـما ذكر : ريح الصَّبـا . كما : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عكرِمة ، قال : قالتِ الـجنوبُ للشمال لـيـلة الأحزاب : انطلقـي ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الشمال : إن الـحرّة لا تسري بـاللـيـل ، قال : فكانت الريح التـي أُرسلت علـيهم الصَّبـا . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنـي الزبـير ، يعنـي ابن عبد الله ، قال : ثنـي ربـيح بن أبـي سعيد ، عن أبـيه ، عن أبـي سعيد ، قال : قلنا يوم الـخندق : يا رسول الله بلغت القلوب الـحناجر ، فهل من شيء تقوله ؟ قال : " نَعَمْ قُولُوا : اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا ، وآمِنْ روْعاتِنا " ، فَضَرَبَ اللّهُ وُجُوهَ أعْدائهِ بـالرِّيحِ ، فهَزَمَهُمُ اللّهُ بـالرّيحِ . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنـي عبد الله بن عمرو ، عن نافع ، عن عبد الله ، قال : أرسلنـي خالـي عثمان بن مظعون لـيـلة الـخندق فـي برد شديد وريح ، إلـى الـمدينة ، فقال : ائتنا بطعام ولـحاف قال : فـاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لـي وقال : " مَنْ لَقِـيتَ مِنْ أصحَابِـي فَمُرْهُم يَرْجِعُوا " قال : فذهبت والريح تَسْفِـي كل شيء ، فجعلت لا ألقـى أحداً إلاَّ أمرته بـالرجوع إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : فما يَـلْوِي أحد منهم عنقه قال : وكان معي تُرْس لـي ، فكانت الريح تضربه علـيّ ، وكان فـيه حديد ، قال : فضربته الريح حتـى وقع بعض ذلك الـحديد علـى كفـي ، فأنفذها إلـى الأرض . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة : قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن مـحمد بن كعب القُرَظِيّ ، قال : قال فتـى من أهل الكوفة لـحُذَيفة بن الـيـمان : يا أبـا عبد الله ، رأيتـم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتـموه ؟ قال : نعم يا بن أخي ، قال : فكيف كنتـم تصنعون ؟ قال : والله لقد كنا نَـجْهَد ، قال الفتـى : والله لو أدركناه ما تركناه يـمشي علـى الأرض ، لـحملناه علـى أعناقنا . قال حُذَيفة : يا بن أخي ، والله لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالـخندق ، وصلـى رسول الله هَوِيًّا من اللـيـل ، ثم التفت إلـينا فقال : " من رجل يقوم فـينظر لنا ما فعل القوم ؟ يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يرجع أدخـله الله الـجنة " ، فما قام أحد ، ثم صلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم هَوِياً من اللـيـل ، ثم التفت إلـينا فقال مثله ، فما قام منا رجل ، ثم صلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم هَوِياً من اللـيـل ، ثم التفت إلـينا فقال : " مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَـيَنْظُرُ لَنا ما فَعَلَ القَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ ، يَشْتَرِطُ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلـى اللّهُ علـيهِ وسلَّـمَ الرَّجْعَةَ ، أسأَلُ اللّهُ أنْ يكُونَ رَفِـيقـي فِـي الـجَنَّةِ " فما قام رجل من شدّة الـخوف ، وشدّة الـجوع ، وشدّة البرد فلـما لـم يقم أحد ، دعانـي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلـم يكن لـي بدّ من القـيام حين دعانـي ، فقال : " يا حُذَيْفَةُ اذْهَبْ فـادْخُـلْ فِـي القَوْمِ فـانْظُرْ ما يَفْعَلونَ ، وَلا تُـحْدِثَنَّ شَيْئاً حتـى تَأْتِـينَا " قال : فذهبت فدخـلت فـي القوم ، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل ، لا تُقِرّ لهم قِدراً ولا ناراً ولا بناء فقام أبو سُفـيان فقال : يا معشر قريش ، لـينظر امرؤ من جلـيسه ، فقال حُذَيفة : فأخذت بـيد الرجل الذي إلـى جنبـي ، فقلت : من أنت ؟ فقال : أنا فلان بن فلان ثم قال أبو سفـيان : يا معشر قريش ، إنكم والله ما أصبحتـم بدار مقام ، ولقد هلك الكراع والـخفّ ، واختلفت بنو قريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقـينا من هذه الريح ما ترون ، والله ما يطمئنّ لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار ، ولا يستـمسك لنا بناء ، فـارتـحلوا فإنـي مرتـحل . ثم قام إلـى جمله وهو معقول ، فجلس علـيه ، ثم ضربه فوثب به علـى ثلاث ، فما أطلق عقاله إلاَّ وهو قائم . ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلـيّ أن " لا تُـحدث شيئاً حتـى تأتـينـي " ، لو شئت لقتلته بسهم قال حُذَيفة : فرجعت إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلـي فـي مرط لبعض نسائه فلـما رآنـي أدخـلنـي بـين رجلـيه ، وطرح علـيّ طرَف الـمِرط ، ثم ركع وسجد وإنـي لفـيه فلـما سلـم أخبرته الـخبر ، وسمعت غَطفـان بـما فعلت قريش ، فـانشمروا راجعين إلـى بلادهم . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ } قال : الأحزاب : عيـينة بن بدر ، وأبو سفـيان ، وقريظة . وقوله : { فَأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ رِيحاً } قال : ريح الصبـا أرسلت علـى الأحزاب يوم الـخندق ، حتـى كفأت قدورهم علـى أفواهها ، ونزعت فساطيطهم حتـى أظعنتهم . وقوله : { وَجُنُوداً لَـمْ تَرَوْها } قال : الـملائكة ولـم تقاتل يومئذ . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ ، إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فأرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَـمْ تَرَوْها } قال : يعنـي الـملائكة ، قال : نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً فخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل أبو سفـيان بقريش ومن تبعه من الناس ، حتـى نزلوا بعقوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل عُيـينة بن حصن ، أحد بنـي بدر ومن تبعه من الناس حتـى نزلوا بعقوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاتبت الـيهود أبـا سفـيان وظاهروه ، فقال حيث يقول الله تعالـى : { إذْ جاءوُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أسْفَلَ مِنْكُمْ } فبعث الله علـيهم الرعب والريح ، فذكر لنا أنهم كانوا كلـما أوقدوا نارا أطفأها الله ، حتـى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول : يا بنـي فلان هلـمّ إلـيّ ، حتـى إذا اجتـمعوا عنده فقال : النـجاء النـجاء ، أتـيتـم لـما بعث الله علـيهم من الرعب . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نَعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ … } الآية ، قال : كان يوم أبـي سفـيان يوم الأحزاب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثنـي يزيد بن رومان ، فـي قول الله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَـيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِم رِيحاً وَجُنُوداً لَـمْ تَرَوْها } والـجنود قريش وغطفـان وبنو قريظة ، وكانت الـجنود التـي أرسل الله علـيهم مع الريح : الـملائكة . وقوله : { وكانَ اللّهُ بِـمَا تَعْملُونَ بَصِيراً } يقول تعالـى ذكره : وكان الله بأعمالكم يومئذٍ ، وذلك صبرهم علـى ما كانوا فـيه من الـجَهْد والشدّة ، وثَبـاتهم لعَدُوّهم ، وغير ذلك من أعمالهم ، بصيراً لا يخفـى علـيه من ذلك شيء ، يُحصيه علـيهم ، لـيجزيَهُمْ علـيه .