Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 16-17)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : فأعرضت سبأ عن طاعة ربها وصدّت عن اتبـاع ما دعتها إلـيه رسلها من أنه خالقها ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن وهب بن منبه الـيـمانـي ، قال : لقد بعث الله إلـى سبإ ، ثلاثة عشر نبـياً ، فكذّبوهم { فأرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ } يقول تعالـى ذكره : فثقبنا علـيهم حين أعرضوا عن تصديق رسلنا سدَّهم الذي كان يحبس عنهم السيول . والعرم : الـمسناة التـي تـحبس الـماء ، واحدها : عرمة ، وإياه عنى الأعشى بقوله : @ فَفِـي ذَاكَ للْـمُؤْتَسِي أُسْوَةٌ وَمأْرِبُ عَفَّـى عَلَـيْهِ العَرِمْ رِجامٌ بَنَتْهُ لَهم حِمْيَرٌ إذَا جاءَ ماؤُهُمُ لَـمْ يَرِمْ @@ وكان العرم فـيـما ذُكر مـما بنته بلقـيس . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن إبراهيـم الدورقـي ، قال : ثنـي وهب بن جرير ، قال : ثنا أبـي ، قال : سمعت الـمغيرة بن حكيـم ، قال : لـما ملكت بلقـيس ، جعل قومها يقتتلون علـى ماء واديهم قال : فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها فتركت مُلكها ، وانطلقت إلـى قصر لها ، وتركتهم فلـما كثر الشرّ بـينهم ، وندموا أتوها ، فأرادوها علـى أن ترجع إلـى مُلكها ، فأبت فقالوا : لترجعنّ أو لنقتلنك ، فقالت : إنكم لا تطيعوننـي ، ولـيست لكم عقول ، ولا تطيعونـي ، قالوا : فإنا نطيعك ، وإنا لـم نـجد فـينا خيراً بعدك ، فجاءت فأمرت بواديهم ، فسدّ بـالعرم . قال أحمد ، قال وهب ، قال أبـي : فسألت الـمغيرة بن حكيـم عن العرم ، فقال : هو بكلام حِمْير الـمُسنَّاة فسدّت ما بـين الـجبلـين ، فحبست الـماء من وراء السدّ ، وجعلت له أبوابـاً بعضها فوق بعض ، وبنت من دونه بركة ضخمة ، فجعلت فـيها اثنـي عشر مخرجاً علـى عدّة أنهارهم فلـما جاء الـمطر احتبس السيـل من وراء السدّ ، فأمرت بـالبـاب الأعلـى ففُتـح ، فجرى ماؤه فـي البركة ، وأمرت بـالبعر فألقـي فـيها ، فجعل بعض البعر يخرج أسرع من بعض ، فلـم تزل تضيق تلك الأنهار ، وترسل البعر فـي الـماء ، حتـى خرج جميعاً معاً ، فكانت تقسمه بـينهم علـى ذلك ، حتـى كان من شأنها وشأن سلـيـمان ما كان . حدثنا أحمد بن عمر البصري ، قال : ثنا أبو صالـح بن زريق ، قال : أخبرنا شريك ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي ميسرة ، فـي قوله { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ } قال : الـمسناة بلـحن الـيـمن . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { سَيْـلَ العَرِم } ِ قال : شديد . وقـيـل : إن العرم : اسم واد كان لهؤلاء القوم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ } قال : واد كان بـالـيـمن ، كان يسيـل إلـى مكة ، وكانوا يسقون وينتهي سيـلهم إلـيه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ } ذُكر لنا أن سيـل العرم واد كانت تـجتـمع إلـيه مسايـل من أودية شتـى ، فعمدوا فسدّوا ما بـين الـجبلـين بـالقـير والـحجارة ، وجعلوا علـيه أبوابـاً ، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إلـيه ، ويسدّون عنهم ما لـم يعنوا به من مائه شيئاً . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله : { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ } وَاد يُدعى العَرِم ، وكان إذا مُطِر سالت أودية الـيـمن إلـى العرم ، واجتـمع إلـيه الـماء ، فَعمَدَت سَبأُ إلـى العرم ، فسدّوا ما بـين الـجبلـين ، فحجزوه بـالصخر والقار ، فـانسدّ زماناً من الدهر ، لا يَرْجون الـماء ، يقول : لا يخافون . وقال آخرون : العَرِم : صفة للـمُسَنَّاة التـي كانت لهم ولـيس بـاسم لها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { سَيْـلَ العَرِمِ } يقول : الشديد ، وكان السبب الذي سبب الله لإرسال ذلك السيـل علـيهم فـيـما ذُكر لـي جُرذاً ابتعثه الله علـى سدّهم ، فثقب فـيه ثقبـاًً . ثم اختلف أهل العلـم فـي صفة ما حدث عن ذلك الثقب مـما كان فـيه خَراب جَنتـيهم . فقال بعضهم : كان صفة ذلك أن السيـل لـما وجد عملاً فـي السدّ عمِل فـيه ، ثم فـاض الـماء علـى جناتهم ، فغرّقها وخرّب أرضهم وديارهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن وهب بن مُنَبه الـيـمانـي ، قال : كان لهم ، يعنـي لسبأ سدّ ، قد كانوا بنوْه بنـياناً أبداً ، وهو الذي كان يَرُدّ عنهم السيـل إذا جاء أن يغشى أموالهم . وكان فـيـما يزعمون فـي علـمهم من كَهانتهم ، أنه إنـما يخرّب علـيهم سدّهم ذلك فأرة ، فلـم يتركوا فُرْجة بـين حجرين ، إلا ربطوا عندها هرّة فلـما جاء زمانه ، وما أراد الله بهم من التغريق ، أقبلت فـيـما يذكرون فأرة حمراء إلـى هرّة من تلك الهِرر ، فساورتها ، حتـى استأخرت عنها أي الهرة ، فدخـلت فـي الفُرجة التـي كانت عندها ، فغلغلت فـي السدّ ، فحفرت فـيه حتـى وَهَّنته للسيـل وهم لا يدرون فلـما جاء السيـل وجد خَـلَلاً ، فدخـل فـيه حتـى قلع السدّ ، وفـاض علـى الأموال ، فـاحتـملها فلـم يُبْق منها إلا ما ذكره الله فلـما تفرّقوا نزلوا علـى كَهانة عمران بن عامر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : لـما ترك القوم أمر الله ، بعث الله علـيهم جُرَذاً يسمى الـخُـلْد ، فثَقبه من أسفله حتـى غرّق به جناتُهم ، وخَرب به أرضهم عقوبة بأعمالهم . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : لـما طغَوْا وبَغَوْا ، يعنـي سَبَأ ، بعث الله علـيهم جُرَذاً ، فخَرَق علـيهم السّدّ ، فأغرقهم الله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : بعث الله علـيه جُرَذاً ، وسلَّطه علـى الذي كان يحبس الـماء الذي يَسقـيها ، فأخرب فـي أفواه تلك الـحجارة ، وكلّ شيء منها من رَصاص وغيره ، حتـى تركها حِجارة ، ثم بعث الله سيـل العرم ، فـاقتلع ذلك السّدّ ، وما كان يحبس ، واقتلع تلك الـجنتـين ، فذهب بهما وقرأ : { فأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ سَيْـلَ العَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَـيْهِمْ جَنَّتَـيْنَ } قال : ذهب بتلك القُرى والـجنتـين . وقال آخرون : كانت صفة ذلك أن الـماء الذي كانوا يعمُرُون به جَناتهم سال إلـى موضع غير الـموضع الذي كانوا ينتفعون به ، فبذلك خربت جناتهم . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قال : بعث الله علـيهم ، يعنـي علـى العرم ، دابة من الأرض ، فثَقَبت فـيه ثَقبـاً ، فسال ذلك الـماء إلـى موضع غير الـموضع الذي كانوا ينتفعون به ، وأبدلهم الله مكان جنتـيهم جنتـين ذواتـي أُكُلٍ خَمْط ، وذلك حين عَصَوا ، وبَطِروا الـمعيشة . والقول الأوّل أشبه بـما دلّ علـيه ظاهر التنزيـل ، وذلك أن الله تعالـى ذكره أخبر أنه أرسل علـيهم سيـل العرم ، ولا يكون إرسال ذلك علـيهم إلا بإسالته علـيهم ، أو علـى جناتهم وأرضهم ، لا بصرفه عنهم . وقوله : { وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَـيْهِمْ جَنَّتَـيْنِ ذَوَاتـيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } يقول تعالـى ذكره : وجعلنا لهم مكان بساتـينهم من الفواكه والثمار ، بساتـين من جَنى ثمر الأراك ، والأراك : هو الـخَمْط . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قال : أبدلهم الله مكان جنَّتـيهم جنتـين ذواتـي أُكُلٍ خَمْط ، والـخمْط : الأَراك . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن أبـي رجاء ، قال : سمعت الـحسن ، يقول فـي قوله : { ذَوَاتـيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } قال : أراه قال : الـخَمْط : الأراك . حدثنـي مـحمد بن عمارة ، قال : ثنـي عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيـل ، عن أبـي يحيى ، عن مـجاهد { أُكُلٍ خَمْطٍ } قال : الـخمْط : الأراك . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { ذَوَاتـيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } قال : الأراك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ذَوَاتـيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } والـخمط : الأراك ، وأُكُلُه : بريره . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، فـي قوله : { وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَـيْهِمْ جَنَّتَـيْنِ ذَوَاتـيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } قال : بدّلهم الله بجنان الفواكه والأعناب ، إذ أصبحت جناتهم خَمْطاً ، وهو الأراك . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَـيْهِمْ جَنَّتَـيْنِ } قال : أذهب تلك القرى والـجنتـين ، وأبدلهم الذي أخبرك ذواتـي أكل خَمْط قال : فـالـخَمْط : الأراك ، قال : جعل مكان العنب أراكاً ، والفـاكهة أَثْلاً ، وشيء من سدر قلـيـل . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار بتنوين أُكُلٍ غيرَ أبـي عمرو ، فإنه يضيفها إلـى الـخمط ، بـمعنى : ذواتـي ثمرِ خَمْطٍ . وأما الذين لـم يضيفوا ذلك إلـى الـخَمْط ، وينوّنون الأُكُل ، فإنهم جعلوا الـخمط هو الأُكُل ، فردّوه علـيه فـي إعرابه . وبضم الألف والكاف من الأُكُل قرأت قرّاء الأمصار ، غير نافع ، فإنه كان يخفف منها . والصواب من القراءة فـي ذلك عندي قراءة من قرأه : { ذَوَاتَـيْ أُكُلٍ } بضم الألف والكاف لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه ، وبتنوين أُكُلٍ لاستفـاضة القراءة بذلك فـي قُرّاء الأمصار ، من غير أن أرى خطأ قراءة من قرأ ذلك بإضافته إلـى الـخمط وذلك فـي إضافته وترك إضافته ، نظيرُ قول العرب : فـي بُستان فلان أعنابُ كَرْمٍ وأعنابٌ كَرْمٌ ، فتضيف أحياناً الأعناب إلـى الكرم ، لأنها منه ، وتنوّن أحياناً ، ثم تترجم بـالكرم عنها ، إذ كانت الأعنابُ ثمرَ الكَرْم . وأما الأَثْل فإنه يقال له الطَّرْفـاء وقـيـل : شجر شبـيه بـالطَّرْفـاء ، غير أنه أعظم منها . وقـيـل : إنها السَّمُر . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس { وأَثْلٍ } ، قال : الأثل : الطرفـاء . وقوله : { وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِـيـلٍ } يقول : ذواتـي أُكُل خَمْطٍ وأَثْلٍ وشيءٍ من سدر قلـيـل . وكان قتادة يقول فـي ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنـي سعيد ، عن قتادة { ذَوَاتَـي أُكُلٍ خَمْطٍ وأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِـيـلٍ } قال : بـينـما شجر القوم خير الشجر ، إذ صيره الله من شرّ الشجر بأعمالهم . وقوله : { ذلكَ جَزَيْناهُمْ بِـمَا كَفَرُوا } يقول تعالـى ذكره : هذا الذي فعلنا بهؤلاء القوم من سبأ من إرسالنا علـيهم سيـل العرم ، حتـى هلكت أموالهم ، وخَرِبت جناتهم ، جزاء منَّا علـى كفرهم بنا ، وتكذيبهم رسلنا « وذلك » من قوله : { ذلكَ جَزَيْناهُمْ } فـي موضع نصب بوقوع جزيناهم علـيه ومعنى الكلام : جزيناهم ذلك بـما كفروا . وقوله : { وَهَلْ نُـجازِي إلاَّ الكَفُورَ } اختلفت القرّاء فـي قراءته ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة ، وبعضُ أهل الكوفة : « وَهَلْ يُجازَي » بـالـياء وبفتـح الزاي علـى وجه ما لـم يُسَمَّ فـاعله « إلاَّ الكَفُورُ » رفعاً . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : { وَهَلْ نُـجازِي } بـالنون وبكسر الزاي { إلاَّ الكَفُورَ } بـالنصب . والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان فـي قرّاء الأمصار ، متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . ومعنى الكلام : كذلك كافأناهم علـى كفرهم بـالله ، وهل يُجازَي إلا الكفور لنعمة الله ؟ . فإن قال قائل : أو ما يجزي الله أهل الإيـمان به علـى أعمالهم الصالـحة ، فـيخصّ أهل الكفر بـالـجزاء ؟ فـيقال وهل يجازي إلا الكفور ؟ قـيـل : إن الـمـجازاة فـي هذا الـموضع : الـمكافأة ، والله تعالـى ذكره وعد أهل الإيـمان به التفضل علـيهم ، وأن يجعل لهم بـالواحدة من أعمالهم الصالـحة عشرَ أمثالها إلـى ما لا نهاية له من التضعيف ، ووعد الـمسيء من عبـاده أن يجعل بـالواحدة من سيئاته ، مثلَها مكافأة له علـى جُرمه ، والـمكافأة لأهل الكبـائر والكفر والـجزاء لأهل الإيـمان مع التفضل ، فلذلك قال جلّ ثناؤه فـي هذا الـموضع : « وَهَلْ يُجازَي إلاَّ الكَفُورُ » ؟ كأنه قال جلّ ثناؤه : لا يجازَي : لا يكافأ علـى عمله إلا الكفور ، إذا كانت الـمكافأة مثل الـمكافَأ علـيه ، والله لا يغفر له من ذنوبه شيئاً ، ولا يُـمَـحَّصُ شيء منها فـي الدنـيا .