Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 31-32)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : ألـم ير هؤلاء الـمشركون بـالله من قومك يا مـحمد كم أهلكنا قبلهم بتكذيبهم رسلنا ، وكفرهم بآياتنا من القرون الـخالـية { أنَّهُمْ إلَـيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ } يقول : ألـم يَرَوا أنهم إلـيهم لا يرجعون . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أَلَـمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ القُرُونَ أنَّهُمْ إلَـيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ } قال : عاد وثمود ، وقرون بـين ذلك كثـير . و « كم » من قوله : { كَمْ أهْلَكْنَا } فـي موضع نصب إن شئت بوقوع يروا علـيها . وقد ذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله : « أَلَـمْ يَرَوْا مَنْ أهْلَكْنا » وإن شئت بوقوع أهلكنا علـيها وأما « أنهم » ، فإن الألف منها فتـحت بوقوع يروا علـيها . وذُكر عن بعضهم أنه كسر الألف منها علـى وجه الاستئناف بها ، وترك إعمال « يروا » فـيها . وقوله : { وإنْ كُلٌّ لـمَّا جَميعٌ لَدَيْنا مُـحْضَرُونَ } يقول تعالـى ذكره : وإن كل هذه القرون التـي أهلكناها والذين لـم نهلكهم وغيرهم عندنا يوم القـيامة جميعهم مـحضرون ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة { وَإنْ كُلّ لـمَّا جَميعٌ لَدَيْنا مُـحْضَرُونَ } أي هم يوم القـيامة . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين : « وَإنْ كُلٌّ لَـمَا » بـالتـخفـيف توجيهاً منهم إلـى أن ذلك « ما » أدخـلت علـيها اللام التـي تدخـل جوابـاً لإنْ وأن معنى الكلام : وإن كلّ لـجميع لدينا مـحضرون . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة : { لَـمَّا } بتشديد الـميـم . ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان : أحدهما : أن يكون الكلام عندهم كان مراداً به : وإن كلّ لـمـما جميع ، ثم حذفت إحدى الـميـمات لـما كثرت ، كما قال الشاعر : @ غَدَاةَ طَفَت عَلْـماءِ بَكْرُ بنُ وَائِلٍ وَعُجنْا صُدُورَ الـخَيْـلِ نَـحْوَ تَـمِيـمِ @@ والآخر : أن يكونوا أرادوا أن تكون { لَـمَّا } بـمعنى إلا ، مع إنْ خاصة فتكون نظيرة إنـما إذا وضعت موضع « إلا » . وقد كان بعض نـحويـيِّ الكوفة يقول : كأنها « لَـمْ » ضمت إلـيها « ما » ، فصارتا جميعاً استثناء ، وخرجتا من حدّ الـجحد . وكان بعض أهل العربـية يقول : لا أعرف وجه « لـمَّا » بـالتشديد . والصواب من القول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .