Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 68-70)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ } فنـمُدّ له فـي العمر { نُنَكِّسْهُ فِـي الـخَـلْقِ } نردّه إلـى مثل حاله فـي الصبـا من الهرم والكبر ، وذلك هو النكس فـي الـخـلق ، فـيصير لا يعلـم شيئاً بعد العلـم الذي كان يعلـمه . وبـالذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِـي الـخَـلْقِ } يقول : من نَـمُدّ له فـي العمر ننكسه فـي الـخـلق ، لكيلا يعلـم بعد علـم شيئاً ، يعنـي الهَرَم . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { نُنَكِّسْهُ } فقرأه عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين : « نَنْكِسْهُ » بفتـح النون الأولـى وتسكين الثانـية ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة : { نُنَكِّسْهُ } بضم النون الأولـى وفتـح الثانـية وتشديد الكاف . والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان فـي قرّاء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن التـي علـيها عامة قرّاء الكوفـيـين أعجبُ إلـيّ ، لأن التنكيس من الله فـي الـخـلق إنـما هو حال بعد حال ، وشيء بعد شيء ، فذلك تأيـيد للتشديد . وكذلك اختلفوا فـي قراءة قوله : { أفَلا يَعْقِلُونَ } فقرأته قراء الـمدينة : « أفَلا تَعْقِلُونَ » بـالتاء علـى وجه الـخطاب . وقرأته قرّاء الكوفة بـالـياء علـى الـخبر ، وقراءة ذلك بـالـياء أشبه بظاهر التنزيـل ، لأن احتـجاج من الله علـى الـمشركين الذين قال فـيهم { وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلـى أعْيُنِهِمْ } فإخراج ذلك خبراً علـى نـحو ما خرج قوله : { لَطَمَسْنا علـى أعْيُنِهِمْ } أعجب إلـيَّ ، وإن كان الآخر غير مدفوع . ويعنـي تعالـى ذكره بقوله : { أفَلا يَعْقِلُونَ } : أفلا يعقل هؤلاء الـمشركون قُدْرة الله علـى ما يشاء بـمعاينتهم ما يعاينون من تصريفه خـلقه فـيـما شاء وأحبّ من صغر إلـى كبر ، ومن تنكيس بعد كبر فـي هرم . وقوله : { وَما عَلَّـمْناهُ الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَهُ } يقول تعالـى ذكره : وما علَّـمنا مـحمداً الشعر ، وما ينبغي له أن يكون شاعراً . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما عَلَّـمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ } قال : قـيـل لعائشة : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتـمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كانت أَبغض الـحديث إلـيه ، غير أنه كان يتـمثَّل ببـيت أخي بنـي قـيس ، فـيجعل آخره أوّله ، وأوّله آخره ، فقال له أبو بكر : إنه لـيس هكذا ، فقال نبـيّ الله : " إنّـي وَاللّهِ ما أنا بِشاعِرٍ ، وَلا يَنْبَغِي لـي " . وقوله : { إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ } يقول تعالـى ذكره : ما هو إلا ذكر ، يعنـي بقوله : { إنْ هُوَ } : أي مـحمد إلا ذكر لكم أيها الناس ، ذكركم الله بإرساله إياه إلـيكم ، وَنَّبهكم به علـى حظكم { وَقُرآنٌ مُبِـينٌ } يقول : وهذا الذي جاءكم به مـحمد قرآن مبـين ، يقول : يَبِـين لـمن تدبَّره بعقل ولبّ ، أنه تنزيـل من الله أنزله إلـى مـحمد ، وأنه لـيس بشعر ولا مع كاهن ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وقُرآنٌ مُبِـينٌ } قال : هذا القرآن . وقوله : { لِـيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا } يقول : إن مـحمد إلا ذكر لكم لـينذر منكم أيها الناس من كان حيّ القلب ، يعقل ما يقال له ، ويفهم ما يُبـيَّن له ، غير ميت الفؤاد بلـيد . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن رجل ، عن أبـي رَوْق ، عن الضحاك ، فـي قوله : { لِـيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا } قال : من كان عاقلاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لِـيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا } : حيّ القلب ، حيّ البصر . قوله : { وَيَحِقَّ القَوْلُ علـى الكافِرِينَ } يقول : ويحقّ العذاب علـى أهل الكفر بـالله ، الـمولِّـين عن اتبـاعه ، الـمعرضين عما أتاهم به من عند الله . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَيحِقَّ القَوْلُ علـى الكافِرِينَ } بأعمالهم .