Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 43-44)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله : { وَوَهَبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } وقد ذكرنا اختلافهم فـي ذلك والصواب من القول عندنا فـيه فـي سورة الأنبـياء بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . فتأويـل الكلام : فـاغتسل وشرب ، ففرّجنا عنه ما كان فـيه من البلاء ، ووهبنا له أهله ، من زوجة وولد { وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا } له ورأفة { وَذِكْرَى } يقول : وتذكيراً لأولـي العقول ، لـيعتبروا بها فـيتعظوا . وقد : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي نافع بن يزيد ، عن عقـيـل ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ نَبِـيَّ اللّهِ أيُّوبَ لَبِثَ بِهِ بَلاؤُهُ ثَمانِـيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَرَفَضَهُ القَرِيبُ والبَعِيدُ ، إلاَّ رَجُلانِ مِنْ إخْوَانِهِ كانا مِنْ أخَصّ إخْوَانِهِ بِهِ ، كانا يَغْدُوَانِ إلَـيْهِ وَيَرُوحانِ ، فَقالَ أحَدُهُما لِصَاحِبِه : تَعْلَـمُ وَاللّهِ لَقَدْ أذْنَبَ أيُّوبُ ذَنْبـاً ما أذْنَبَهُ أحَدٌ مِنَ العالَـمِينَ ، قال لَهُ صَاحِبُهُ : وَما ذَاكَ ؟ قال : من ثَمانِـي عَشْرَةَ سَنَةً لَـمْ يَرْحَمْهُ اللّهُ فـيَكْشِفَ ما بِهِ فَلَـمَّا رَاحا إلَـيْهِ لَـمْ يَصْبِر الرَّجُلُ حتـى ذَكَرَ ذلكَ لَهُ ، فَقالَ أيُّوبُ : لا أدْرِي ما تَقُولُ ، غَيرَ أنَّ اللّهَ يَعْلَـمُ أنّـي كُنْتُ أمُرُّ عَلـى الرَّجُلَـيْنِ يَتَنازَعانِ فَـيَذْكُرانِ اللّهَ ، فأرْجِعُ إلـى بَـيْتِـي فَأُكَفِّرُ عَنْهُما كَراهِيَةَ أنْ يُذْكَرَ اللّهُ إلاَّ فِـي حَقّ قال : وكانَ يَخْرُجُ إلـى حاجَتِهِ ، فإذَا قَضَاها أمْسَكَتِ امْرأتُهُ بِـيَدِهِ حتـى يبْلُغَ فَلَـما كانَ ذاتَ يَوْمٍ أبْطَأَ عَلَـيْها ، وَأَوحِيَ إلـى أيُّوبَ فِـي مَكانِهِ : أنِ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بـارِدٌ وَشَرابٌ ، فـاسْتَبْطأَتْهُ ، فَتَلَقَّتْهُ تَنْظُرُ ، فأقْبَلَ عَلَـيْها قَدْ أذْهَبَ اللّهُ ما بِهِ مِنَ البَلاءِ ، وَهُوَ عَلـى أحْسَنِ ما كانَ فَلَـمَّا رَأتْهُ قَالَتْ : أيّ بـارَكَ اللّهُ فِـيكَ ، هَلْ رأيْتَ نَبِـيَّ اللّهِ هَذَا الـمُبْتَلـي ، فَوَاللّهِ علـى ذلكَ ما رأيْتُ أحَداً أشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إذْ كانَ صَحِيحاً ؟ قالَ : فإنّـي أنا هُوَ قال : وكانَ لَهُ أنْدَرَانِ : أنْذَرٌ للْقَمْـحِ ، وأنْدَرٌ للشَّعِيرِ ، فَبَعَثَ اللّهُ سَحَابَتَـيْنِ ، فَلَـمَّا كانَتْ إحْدَاهُما علـى أنْدَرِ القَمْـحِ ، أفْرَغَتْ فِـيهِ الذَّهَبَ حتـى فـاضَ ، وأفرَغَتِ الأُخْرَى فـي أنْدَرِ الشَّعِيرِ الوَرِق حتـى فـاضَ " . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَوَهَبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } قال : قال الـحسن وقتادة : فأحياهم الله بأعيانهم ، وزادهم مثلهم . حدثنـي مـحمد بن عوف ، قال : ثنا أبو الـمغيرة ، قال : ثنا صفوان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن جُبَـير ، قال : لـما ابتُلِـي نبـيْ الله أيوب صلى الله عليه وسلم بـماله وولده وجسده ، وطُرح فـي مَزْبلة ، جعلت امرأته تـخرج تكسب علـيه ما تطعمه ، فحسده الشيطان علـى ذلك ، وكان يأتـي أصحاب الـخبز والشويّ الذين كانوا يتصدّقون علـيها ، فـيقول : اطردوا هذه الـمرأة التـي تغشاكم ، فإنها تعالـج صاحبها وتلـمسه بـيدها ، فـالناس يتقذّرون طعامكم من أجل أنها تأتـيكم وتغشاكم علـى ذلك وكان يـلقاها إذا خرجت كالـمـحزون لـمَا لقـي أيوب ، فـيقول : لَـجَّ صاحبك ، فأبى إلا ما أتـى ، فوالله لو تكلـم بكلـمة واحدة لكشف عنه كلّ ضرّ ، ولرجع إلـيه ماله وولده ، فتـجيء ، فتـخبر أيوب ، فـيقول لها : لقـيك عدوّ الله فلقنك هذا الكلام ويـلَك ، إنـما مثلك كمثل الـمرأة الزانـية إذا جاء صديقها بشيء قبلته وأدخـلته ، وإن لـم يأتها بشيء طردته ، وأغلقت بـابها عنه لـما أعطانا الله الـمال والولد آمنا به ، وإذا قبض الذي له منا نكفر به ، ونبدّل غيره إن أقامنـي الله من مرضي هذا لأجلدنَّك مئةً ، قال : فلذلك قال الله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثا فـاضْرِبْ بِهِ وَلا تَـحْنَثْ } . وقوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضغْثاً } يقول : وقلنا لأيوب : خذ بـيدك ضغثاً ، وهو ما يجمع من شيء مثل حزمة الرُّطْبة ، وكملء الكفّ من الشجر أو الـحشيش والشماريخ ونـحو ذلك مـما قام علـى ساق ومنه قول عوف بن الـخَرِع : @ وأسْفَلَ مِنِّـي نَهْدَةٌ قَدْ رَبَطْتُها وألْقَـيْتُ ضِغْثاً مِن خَلاً متَطَيِّبِ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنـي عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية عن علـيّ عن ابن عبـاس ، قوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثاً } يقول : حُزْمة . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثاً فـاضْرِبْ بِهِ وَلا تَـحْنَثْ } قال : أمر أن يأخذ ضغثاً من رطبة بقدر ما حلف علـيه فـيضرب به . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، فـي قوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضغْثاً } قال : عيدانا رطبة . حدثنا أبو هشام الرِّفـاعيّ ، قال : ثنا يحيى ، عن إسماعيـل بن إبراهيـم بن الـمهاجر ، عن أبـيه ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثاً } قال : هو الأَثْل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَخُذْ بِـيَدكَ ضِغْثاً } … الآية ، قال : كانت امرأته قد عَرَضت له بأمر ، وأرادها إبلـيس علـى شيء ، فقال : لو تكلـمت بكذا وكذا ، وإنـما حملها علـيها الـجزع ، فحلف نبـيّ الله : لئِن اللّهُ شفـاه لـيجلِدَّنها مئة جلدة قال : فأُمِر بغصن فـيه تسعة وتسعون قضيبـاً ، والأصل تكملة الـمِئَة ، فضربها ضَربة واحدة ، فأبرّ نبـيُّ الله ، وخَفَّف الله عن أمَتِهِ ، والله رحيـم . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثاً } يعنـي : ضِغْثاً من الشجر الرَّطْب ، كان حلف علـى يـمين ، فأخذ من الشجر عدد ما حلف علـيه ، فضرب به ضَرْبة واحدة ، فبرّت يـمينه ، وهو الـيوم فـي الناس يـمين أيوب ، من أخذ بها فهو حسن . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثاً فـاضْرِبْ بِهِ وَلا تَـحْنَثْ } قال : ضِغْثاً واحداً من الكلأ فـيه أكثر من مِئة عود ، فضرب به ضربة واحدة ، فذلك مِئَة ضربة . حدثنـي مـحمد بن عوف ، قال : ثنا أبو الـمغيرة ، قال : ثنا صفوان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن جُبَـير { وَخُذْ بِـيَدِكَ ضِغثاً فـاضْرِبْ بِهِ } يقول : فـاضرب زوجتك بـالضِّغْث ، لتَبرّ فـي يـمينك التـي حلفت بها علـيها أن تضربها { وَلا تَـحْنَثْ } يقول : ولا تـحنَثْ فـي يـمينك . وقوله : { إنَّا وَجَدْناهُ صَابِراً نِعْمَ العَبْدُ } يقول : إنا وجدنا أيوب صابراً علـى البلاء ، لا يحمله البلاء علـى الـخروج عن طاعة الله ، والدخول فـي معصيته { نَعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ } يقول : إنه علـى طاعة الله مقبل ، وإلـى رضاه رَجَّاع .