Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 67-70)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } يا مـحمد لقومك الـمكذّبـيك فـيـما جئتهم به من عند الله من هذا القرآن ، القائلـين لك فـيه : إن هذا إلا اختلاق { هُوَ نَبأٌ عَظِيـمٌ } يقول : هذا القرآن خبر عظيـم . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي عبد الأعلـى بن واصل الأسدي ، قال : ثنا أبُو أُسامة ، عن شبل بن عبـاد ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { قُلْ هُوَ نَبأٌ عَظِيـمٌ أنْتُـمْ مُعْرِضُونَ } قال : القرآن . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن شريح ، أن رجلاً قال له : أتقضي علـيّ بـالنبأ ؟ قال : فقال له شريح : أوَ لَـيْس القرآن نبأ ؟ قال : وتلا هذه الآية : { قُلْ هُوَ نَبأٌ عَظِيـمٌ } قال : وقَضَى علـيه . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { قُلْ هُو نَبأٌ عَظِيـمٌ أنْتُـمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } قال : القرآن . وقوله : { أنْتُـمْ عَنهُ مُعْرِضُونَ } يقول : أنتـم عنه منصرفون لا تعملون به ، ولا تصدّقون بـما فـيه من حجج الله وآياته . وقوله : { ما كانَ لِـيَ مِنْ عِلْـمٍ بـالـمَلإِ الأَعْلَـى } يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لـمشركي قومك : { ما كان لِـيَ من علـم بـالـملأ الأعلـى إذّ يَخْتَصِمُونَ } فـي شأن آدم من قبل أن يوحي إلـيَّ ربّـي فـيعلـمنـي ذلك ، يقول : ففـي إخبـاري لكم عن ذلك دلـيـل واضح علـى أن هذا القرآن وحي من الله وتنزيـل من عنده ، لأنكم تعلـمون أن علـم ذلك لـم يكن عندي قبل نزول هذا القرآن ، ولا هو مـما شاهدته فعاينته ، ولكنـي علـمت ذلك بإخبـار الله إياي به . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ما كانَ لِـيَ مِنْ عِلْـمٍ بـالـمَلإٍ الأَعْلَـى إذْ يَخْتَصِمُونَ } قال : الـملأ الأعلـى : الـملائكة حين شووروا فـي خـلق آدم ، فـاختصموا فـيه ، وقالوا : لا تـجعل فـي الأرض خـلـيفة . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { بـالـمَلإِ الأَعْلَـى إذْ يَخْتَصِمَونَ } هو : { إذْ قالَ رَبُّكَ للْـمَلائِكَةِ إنّـي جاعِلٌ فِـي الأرْضِ خَـلِـيفَة } حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ما كانَ لِـيَ مِنْ عِلْـمٍ بـالـمَلإِ الأعْلـى } قال : هم الـملائكة ، كانت خصومتهم فـي شأن آدم حين قال ربك للـملائكة : { إنّـي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ } حتـى بلغ { ساجِدينَ } وحين قال : { إنّـي جاعِلٌ فِـي الأرْضِ خَـلِـيفَةً } حتـى بلغ { وَيَسْفِكَ الدّماءَ } ففـي هذا اختصم الـملأ الأعلـى . وقوله : { إنْ يُوحَى إلـيَّ إلاَّ أنَّـمَا أنا نَذِيرٌ مُبِـينٌ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لـمشركي قريش : ما يوحي الله إلـيّ علـم ما لا علـم لـي به ، من نـحو العلـم بـالـملأ الأعلـى واختصامهم فـي أمر آدم إذا أراد خَـلقه ، إلا لأنـي إنـما أنا نذير مبـين « فإنـما » علـى هذا التأويـل فـي موضع خفض علـى قول من كان يرى أن مثل هذا الـحرف الذي ذكرنا لا بد له من حرف خافض ، فسواءٌ إسقاط خافضه منه وإثبـاته . وإما علـى قول من رأى أن مثل هذا ينصب إذا أسقط منه الـخافض ، فإنه علـى مذهبه نصب ، وقد بـيَّنا ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . وقد يتـجه لهذا الكلام وجه آخر ، وهو أن يكون معناه : ما يوحي الله إلـى إنذاركم . وإذا وجه الكلام إلـى هذا الـمعنى ، كانت « أنـما » فـي موضع رفع ، لأن الكلام يصير حينئذٍ بـمعنى : ما يوحَى إلـيَّ إلا الإنذار . قوله : { إلا أنـما أنا نَذِيرٌ مُبِـينٌ } يقول : إلا أنـي نذير لكم مُبِـين لكم إنذاره إياكم . وقـيـل : إلا أنـما أنا ، ولـم يقل : إلا أنـما أنك ، والـخبر من مـحمد عن الله ، لأن الوحْي قول ، فصار فـي معنى الـحكاية ، كما يقال فـي الكلام : أخبرونـي أنـي مسيء ، وأخبرونـي أنك مسيء بـمعنى واحد ، كما قال الشاعر : @ رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا أنَّا رأيْنا رَجُلاً عُرْيانا @@ بـمعنى : أخبرانا أنهما رأيا ، وجاز ذلك لأن الـخبر أصله حكاية .