Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 84-86)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { قالَ فـالـحَقُّ والـحَقَّ أقُولُ } فقرأه بعض أهل الـحجاز وعامة الكوفـيـين برفع الـحقّ الأوّل ، ونصب الثانـي . وفـي رفع الـحقّ الأوّل إذا قُرىء كذلك وجهان : أحدهما رفعه بضمير لله الـحقّ ، أو أنا الـحقّ وأقول الـحقّ . والثانـي : أن يكون مرفوعاً بتأويـل قوله : { لأَمْلأَنَّ } فـيكون معنى الكلام حينئذٍ : فـالـحقّ أن أملأ جهنـم منك ، كما يقول : عزمة صادقة لآتـينك ، فرفع عزمة بتأويـل لآتـينك ، لأن تأويـله أن آتـيك ، كما قال : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَـيَسْجُنُنَّهُ } فلا بدّ لقوله : { بَدَا لَهُمْ } من مرفوع ، وهو مضمر فـي الـمعنى . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الـمكيـين والكوفـيـين بنصب الـحقّ الأوّل والثانـي كلـيهما ، بـمعنى : حقاً لأملأن جهنـم والـحقّ أقول ، ثم أدخـلت الألف واللام علـيه ، وهو منصوب ، لأن دخولهما إذا كان كذلك معنى الكلام وخروجهما منه سواء ، كما سواء قولهم : حمداً لله ، والـحمد لله عندهم إذا نصب . وقد يحتـمل أن يكون نصبه علـى وجه الإغراء بـمعنى : الزموا الـحقّ ، واتبعوا الـحقّ ، والأوّل أشبه لأن خطاب من الله لإبلـيس بـما هو فـاعل به وبتُبَّـاعه . وأولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب أن يقال : إنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قرأة الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، لصحة معنـيـيهما . وأما الـحقّ الثانـي ، فلا اختلاف فـي نصبه بـين قرّاء الأمصار كلهم ، بـمعنى : وأقول الـحقّ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فـالـحَقُّ والـحَقَّ أقُولُ } يقول الله : أنا الـحقُّ ، والـحقَّ أقول . وحُدثت عن ابن أبـي زائدة ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { فـالـحَقُّ والـحَقَّ أقُولُ } يقول الله : الـحقّ منـي ، وأقول الـحقّ . حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا حجاج ، عن هارون ، قال : ثنا أبـان بن تغلب ، عن طلـحة الـيامي ، عن مـجاهد ، أنه قرأها { فـالـحَقُّ } بـالرفع { والـحَقَّ أقُولُ } نصبـاً وقال : يقول الله : أنا الـحقّ ، والـحقّ أقول . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { الـحَقُّ والـحَقَّ أقُولُ } قال : قسم أقسم الله به . وقوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّـمَ مِنْكَ } يقول لإبلـيس : لأملأنّ جهنـم منك ومـمن تبعك من بنـي آدم أجمعين . وقوله : { قُلْ ما أسأَلُكُمْ عَلَـيْهِ مِنْ أَجْرٍ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا مـحمد لـمشركي قومك ، القائلـين لك { أأُنْزِلَ عَلَـيْهِ الذّكْرُ مِنْ بَـيْنِنا } ما أسألكم علـى هذا الذكر وهو القرآن الذي أتـيتكم به من عند الله أجراً ، يعنـي ثوابـاً وجزاء { وما أنا مِنَ الـمُتَكَلِّفِـينَ } يقول : وما أنا مـمن يتكلف تـخرُّصَه وافتراءه ، فتقولون : { إنْ هَذَا إِلاَّ إفْكٌ افَتَراهُ } و { إنْ هَذَا إلاَّ اخْتِلاَقٌ } كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { قُلْ ما أسألُكُمْ عَلَـيهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أنا مِنَ الـمُتَكَلِّفِـينَ } قال : لا أسألكم علـى القرآن أجراً تعطونـي شيئاً ، وما أنا من الـمتكلفـين أتـخرّص وأتكلف ما لـم يأمرنـي الله به .