Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 75-75)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وترى يا محمد الملائكة محدقين من حول عرش الرحمن ، ويعني بالعرش : السرير . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَتَرَى المَلائِكَةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ } محدقين . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَتَرَى المَلائِكَةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ } قال : محدقين حول العرش ، قال : العرش : السرير . واختلف أهل العربية في وجه دخول « مِنْ » في قوله : { حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ } والمعنى : حافِّين حول العرش . وفي قوله : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْكَ وَإلى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } فقال بعض نحويي البصرة : أدخلت « مِنْ » في هذين الموضعين توكيداً ، والله أعلم ، كقولك : ما جاءني من أحد وقال غيره : قبل وحول وما أشبههما ظروف تدخل فيها « مِنْ » وتخرج ، نحو : أتيتك قبل زيد ، ومن قبل زيد ، وطفنا حولك ومن حولك ، وليس ذلك من نوع : ما جاءني من أحد ، لأن موضع « مِنْ » في قولهم : ما جاءني من أحد رفع ، وهو اسم . والصواب من القول في ذلك عندي أن « مِنْ » في هذه الأماكن ، أعني في قوله { مِنْ حَوْل العَرْشِ } ومن قبلك ، وما أشبه ذلك ، وإن كانت دخلت على الظروف فإنها بمعنى التوكيد . وقوله : { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } يقول : يصلون حول عرش الله شكراً له والعرب تدخل الباء أحياناً في التسبيح ، وتحذفها أحياناً ، فتقول : سبح بحمد الله ، وسبح حَمْدَ الله ، كما قال جلّ ثناؤه : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } وقال في موضع آخر : { فَسَبِّحْ باسْم رَبِّكَ العَظِيمِ } وقوله : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحَقّ } يقول : وقضى الله بين النبيين الذين جيء بهم ، والشهداء وأممها بالعدل ، فأسكن أهل الإيمان بالله ، وبما جاءت به رسله الجنة . وأهل الكفر به ، ومما جاءت به رسله النار . { وَقِيلَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالمِينَ } يقول : وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر للذي ابتدأ خلقهم الذي له الألوهية ، ومُلك جميع ما في السموات والأرض من الخلق من ملك وجنّ وإنس ، وغير ذلك من أصناف الخلق . وكان قتادة يقول في ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَيُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ … } الآية ، كلها قال : فتح أوّل الخلق بالحمد لله ، فقال : الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ، وختم بالحمد فقال : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحَقّ وَقِيلَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالمِينَ } .