Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 108-108)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني جلّ ثناؤه بقوله : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } يستخفى هؤلاء الذين يختانون أنفسهم ما أوتوا من الخيانة ، وركبوا من العار والمعصية من الناس الذي لا يقدرون لهم على شيء إلا ذكرهم بقبيح ما أوتوا من فعلهم وشنيع ما ركبوا من جرمهم إذا اطلعوا عليه حياء منهم ، وحذراً من قبيح الأحدوثة . { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } الذي هو مطلع عليهم ، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ، وبيده العقاب والنكال وتعجيل العذاب ، وهو أحقّ أن يستحيا منه من غيره ، وأولى أن يعظم بأن لا يراهم حيث يكرهون أن يراهم أحد من خلقه { وَهُوَ مَعَهُمْ } يعني : والله شاهدهم ، { إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } يقول حين يسوّون ليلاً ما لا يرضى من القول فيغيرونه عن وجهه ، ويكذبون فيه . وقد بينا معنى التبييت في غير هذا الموضع ، وأنه كلّ كلام أو أمر أصلح ليلاً . وقد حكي عن بعض الطائيين أن التبييت في لغتهم التبديل ، وأنشد للأسود بن عامر بن جُوَين الطائي في معاتبة رجل : @ وَبَيَّتَ قَوْلِيَ عَبْدَ المَلِيـ ـكِ قاتَلَكَ اللّهُ عَبْداً كَنُودَاً @@ بمعنى : بدلت قولي . ورُوي عن أبي رزين أنه كان يقول في معنى قوله : « يبيتون » : يؤلفون . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي رزين : { إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } قال : يؤلفون ما لا يَرْضَى من القول . حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، قال : ثنا أبو يحيـى الحماني ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي رزين ، بنحوه . حدثنا الحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي رزين ، مثله . قال أبو جعفر : وهذا القول شبيه المعنى بالذي قلناه ، وذلك أن التأليف هو التسوية والتغيير عما هو به وتحويله عن معناه إلى غيره . وقد قيل : عني بقوله { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } : الرهط الذين مشوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة المدافعة عن بني أبيرق والجدال عنه على ما ذكرنا قبل فيما مضى عن ابن عباس وغيره . { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } يعني جلّ ثناؤه : وكان الله بما يعمل هؤلاء المستخفون من الناس فيما أوتوا من جرمهم حياء منهم من تبييتهم ما لا يرضى من القول وغيره من أفعالهم محيطاً محصياً ، لا يخفى عليه شيء منه ، حافظاً لذلك عليهم ، حتى يجازيهم عليه جزاءهم . ]