Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 110-110)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ومن يعمل ذنباً ، وهو السوء ، أو يظلم نفسه بإكسابه إياها ما يستحقّ به عقوبة الله ، { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } يقول : ثم يتوب إلى الله بانابته مما عمل من السوء وظلم نفسه ومراجعته ما يحبه الله من الأعمال الصالحة التي تمحو ذنبه وتذهب جُرمه ، { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } يقول : يجد ربه ساتراً عليه ذنبه بصفحه له عن عقوبته جرمه ، رحيماً به . واختلف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الآية ، فقال بعضهم : عني بها الذين وصفهم الله بالخيانة بقوله : { وَلاَ تُجَـٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } [ النساء : 107 ] . وقال آخرون : بل عني بها الذين يجادلون عن الخائنين ، الذين قال الله لهم : { هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا } [ النساء : 109 ] وقد ذكرنا قائلي القولين كليهما فيما مضى . قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أنه عنى بها كل من عمل سوءاً أو ظلم نفسه ، وإن كانت نزلت في أمر الخائنين والمجادلين عنهم الذين ذكر الله أمرهم في الآيات قبلها . وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي وائل قال : قال عبد الله : كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنباً أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه ، وإذا أصاب البول شيئاً منه قرضه بالمقراض ، فقال رجل : لقد أتى الله بني إسرائيل خيراً . فقال عبد الله : ما آتاكم الله خيراً مما أتاهم ، جعل الله الماء لكم طهوراً ، وقال : و { ٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } [ آل عمران : 135 ] وقال : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } . حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : ثنا ابن عون ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل ، فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ، فلما ولدت قتلت ولدها ، فقال ابن مغفل : ما لها ؟ لها النار ! فانصرفت وهي تبكي ، فدعاها ، ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال : فمسحت عينها ثم مضت . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } قال : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه ، وسعة رحمته ومغفرته ، فمن أذنب صغيراً كان أو كبيراً ، ثم يستغفر الله ، يجد الله غفوراً رحيماً ، ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال . ]