Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 117-117)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : إن يدعون من دونه إلا اللات والعزّى ومناة ، فسماهنّ الله إناثاً بتسمية المشركين إياهنّ بتسمية الإناث . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك في قوله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال : اللات والعزّى ومناة ، كلها مؤنث . حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك بنحوه ، إلا أنه قال : كلهنّ مؤنث . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط عن السديّ : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } يقول : يسمونهم إناثاً : لات ، ومناة ، وعُزَّى . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال : آلهتهم : اللات ، والعُزَّى ، ويِساف ، ونائلة ، هم إناث يدعونهم من دون الله . وقرأ : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } . وقال آُخرون : معنى ذلك : إن يدعون من دونه إلا مواتاً لا روح فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } يقول : مَيْتاً . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } : أي إلا مَيْتاً لا روح فيه . حدثني المثنى ، قال : ثنا الحجاج ، قال : ثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال : والإناث : كل شيء ميت ليس فيه روح خشبة يابسة ، أو حجر يابس ، قال الله تعالى : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } … إلى قوله : { فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ ٱلاْنْعَـٰمِ } [ النساء : 119 ] . وقال آخرون : عنى بذلك أن المشركين كانوا يقولون : إن الملائكة بنات الله . ذكر من قال ذلك : حدثني يحيـى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } قال : الملائكة يزعمون أنهم بنات الله . وقال آخرون : معنى ذلك : إن أهل الأوثان كانوا يسمون أوثانهم إناثاً ، فأنزل الله ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، عن نوح بن قيس ، عن أبي رجاء ، عن الحسن قال : كان لكلّ حيّ من أحياء العرب صنم يسمونها أنثى بني فلان ، فأنزل الله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } . حدثني المثنى ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا نوح بن قيس ، قال : ثنا محمد بن سيف أبو رجاء الحِدّاني ، قال : سمعت الحسن يقول : كان لكل حيّ من العرب ، فذكر نحوه . وقال آخرون : الإناث في هذا الموضع : الأوثان . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهاد في قوله : { إِنَـٰثاً } قال : أوثاناً . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا سفيان ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كان في مصحف عائشة : « إنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلاَّ إناثاً » . قال أبو جعفر : رُوي عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : « أن يدعون من دونه إلا أُثُناً » ، بمعنى جمع وثن ، فكأنه جمع وَثَنَاً وُثُناً ، ثم قلب الواو همزة مضمومة ، كما قيل : ما أحسن هذه الأجوه ، بمعنى الوجوه ، وكما قيل : { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقّتَتْ } بمعنى : وُقّتت . وذكر عن بعضهم أنه كان يقرأ ذلك : « إن يدعون من دونه إلا أُنُثاً » ، كأنه أراد جمع الإناث ، فجمعها أُنُثاً ، كما تُجمع الثمار ثُمُراً . والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها قراءة من قرأ : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } بمعنى جمع أنثى ، لأنها كذلك في مصاحف المسلمين ، ولإجماع الحجة على قراءة ذلك كذلك . وأولى التأويلات التي ذكرت بتأويل ذلك إذ كان الصواب عندنا من القراءة ما وصفت ، تأويل من قال : عنى بذلك الآلهة التي كان مشركو العرب يعبدونها من دون الله ، ويسمونها بالإناث من الأسماء كاللات والعزّى ونائلة ومناة ، وما أشبه ذلك . وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية ، لأن الأظهر من معاني الإناث في كلام العرب ما عرف بالتأنيث دون غيره . فإذ كان ذلك كذلك ، فالواجب توجيه تأويله إلى الأشهر من معانيه ، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، ويتبع غير سبيل المؤمنين ، نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً ، إن يدعون من دونه إلا إناثاً ، يقول : ما يدعو الذين يشاقون الرسول ويتبعون غير سبيل المؤمنين شيئاً من دون الله بعد الله وسواه ، إلاّ إناثاً ، يعني : إلا ما سموه بأسماء الإناث كاللات والعزّى وما أشبه ذلك . يقول جلّ ثناؤه : فحسب هؤلاء الذين أشركوا بالله وعبدوا ما عبدوا من دونه من الأوثان والأنداد ، حجة عليهم في ضلالتهم وكفرهم وذهابهم عن قصد السبيل ، أنهم يعبدون إناثاً ويدعونها آلهة وأرباباً . والإناث من كلّ شيء أخّسه فهم يقرّون للخسيس من الأشياء بالعبودية على علم منهم بخساسته ، ويمتنعون من إخلاص العبودية للذي له ملك كل شيء وبيده الخلق والأمر . القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } . يعني جلّ ثناؤه بقوله : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } : وما يدعو هؤلاء الذين يدعون هذه الأوثان الإناث من دون الله بدعائهم إياها إلا شيطاناً مريداً ، يعني متمرّداً على الله في خلافه فيما أمره به وفيما نهاه عنه . كما : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } قال : تمرّد على معاصي الله . ]