Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 137-137)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تأويله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } بموسى { ثُمَّ كَفَرُواْ } به { ثُمَّ ءامَنُواْ } يعني النصارى بعيسى ، { ثُمَّ كَفَرُواْ } به { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } بمحمد ، { لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } وهم اليهود والنصارى ، آمنت اليهود بالتوراة ، ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ، ثم كفرت وكفرهم به : تركهم إياه ، ثم ازدادوا كفراً بالفرقان وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، فقال الله : { لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } يقول : لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريق هدى ، وقد كفروا بكتاب الله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم . حدثنا الحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : « إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثمَّ كَفَروا قال : هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ، ثم كفروا . ثم ذكر النصاري ، ثم قال : { ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً } يقول : آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به ، ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : بل عني بذلك : أهل النفاق أنهم آمنوا ثم ارتدّوا ، ثم آمنوا ثم ارتدّوا ، ثم ازدادوا كفراً بموتهم على كفرهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال : كنا نحسبهم المنافقين ، ويدخل في ذلك من كان مثلهم . { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال : ثَمُّوا على كفرهم حتى ماتوا . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال : ماتوا . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال : حتى ماتوا . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ } … الآية ، قال : هؤلاء المنافقون آمنوا مرّتين ، وكفروا مرّتين ، ثم ازدادوا كفراً بعد ذلك . وقال آخرون : بل هم أهل الكتابين : التوراة والإنجيل ، أتوا ذنوباً في كفرهم فتابوا ، فلم تقبل منهم التوبة فيها مع إقامتهم على كفرهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي العالية : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال : هم اليهود والنصارى أذنبوا في شركهم ، ثم تابوا فلم تقبل توبتهم ، ولو تابوا من الشرك لقبل منهم . قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال : عني بذلك أهل الكتاب الذين أقرّوا بحكم التوراة ، ثم كذبوا بخلافهم إياه ، ثم أقرّ من أقرّ منهم بعيسى والإنجيل ، ثم كذب به بخلافه إياه ، ثم كذّب بمحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان ، فازداد بتكذيبه به كفراً على كفره . وإنما قلنا : ذلك أولى بالصواب في تأويل هذه الآية ، لأن الآية قبلها في قصص أهل الكتابين ، أعني قوله : { يَٰـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [ النساء : 136 ] ولا دلالة تدلّ على أن قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ } منقطع معناه من معنى ما قبله ، فإلحاقه بما قبله أَوْلَى حتى تأٍّي دلالة دالة على انقطاعه منه . وأما قوله : { لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } فإنه يعني : لم يكن الله ليستر عليهم كفرهم وذنوبهم بعفوه عن العقوبة لهم عليه ، ولكنه يفضحهم على رءوس الأشهاد . { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } يقول : ولم يكن ليسدّدهم لإصابة طريق الحقّ فيوفقهم لها ، ولكنه يخذلهم عنها عقوبة لهم على عظيم جرمهم وجراءتهم على ربهم . وقد ذهب قوم إلى أن المرتدّ يستتاب ثلاثاً انتزاعاً منهم بهذه الآية ، وخالفهم على ذلك آخرون . ذكر من قال يستتاب ثلاثاً : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص ، عن أشعث ، عن الشعبيّ ، عن عليّ عليه السلام ، قال : إن كنت لمستتيب المرتدّ ثلاثاً . ثم قرأ هذه الآية : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عامر ، عن عليّ رضي الله عنه : يستتاب المرتدّ ثلاثاً ، ثم قرأ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن عبد الكريم ، عن رجل ، عن ابن عمر ، قال : يستتاب المرتدّ ثلاثاً . وقال آخرون : يستتاب كلما ارتدّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن عمرو بن قيس ، عمن سمع إبراهيم ، قال : يستتاب المرتدّ كلما ارتد . قال أبو جعفر : وفي قيام الحجة بأن المرتدّ يستتاب المرة الأولى ، الدليل الواضح على أن الحكم كل مرّة ارتدّ فيها عن الإسلام حكم المرّة الأولى في أن توبته مقبولة ، وأن إسلامه حقن له دمه لأن العلة التي حقنت دمه في المرة الأولى إسلامه ، فغير جائز أن توجد العلة التي من أجلها كان دمه محقوناً في الحالة الأولى ثم يكون دمه مباحاً مع وجودها ، إلا أن يفرق بين حكم المرّة الأولى وسائر المرّات غيرها ما يجب التسليم له من أصل محكم ، فيخرج من حكم القياس حينئذٍ .