Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 13-13)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } ، فقال بعضهم : يعنـي به : تلك شروط الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } يقول : شروط الله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : تلك طاعة الله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنا معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } يعنـي : طاعة الله ، يعنـي : الـمواريث التـي سمَّى الله . وقال آخرون : معنى ذلك : تلك سنة الله وأمره . وقال آخرون : بل معنى ذلك : تلك فرائض الله . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ما نـحن مبـيِّنوه ، وهو أن حدّ كلّ شيء ما فصل بـينه وبـين غيره ، ولذلك قـيـل لـحدود الدار وحدود الأرضين : حدود ، لفصولها بـين ما حدّ بها وبـين غيره ، فكذلك قوله : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } معناه : هذه القسمة التـي قسمها لكم ربكم ، والفرائض التـي فرضها لأحيائكم من موتاكم فـي هذه الآية علـى ما فرض وبُـيِّن فـي هاتـين الآيتـين حدود الله ، يعنـي : فصول ما بـين طاعة الله ومعصيته فـي قسمكم مواريث موتاكم ، كما قال ابن عبـاس . وإنـما ترك طاعة الله ، والـمعنـيّ بذلك حدود طاعة الله اكتفـاء بـمعرفة الـمخاطبـين بذلك بـمعنى الكلام من ذكرها . والدلـيـل علـى صحة ما قلنا فـي ذلك قوله : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } … والآية التـي بعدها : { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } . فتأويـل الآية إذاً : هذه القسمة التـي قسم بـينكم أيها الناس علـيها ربكم مواريث موتاكم ، فصول فصل بها لكم بـين طاعته ومعصيته ، وحددو لكم تنتهون إلـيها فلا تتعدّوها ، وفصل منكم أهل طاعته من أهل معصيته فـيـما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بـينكم ، وفـيـما نهاكم عنه منها . ثم أخبر جلّ ثناؤه عما أعدّ لكلّ فريق منهم ، فقال لفريق أهل طاعته فـي ذلك : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } فـي العمل بـما أمره به والانتهاء إلـى ما حدّه له فـي قسمة الـمواريث وغيرها ، ويجتنب ما نهاه عنه فـي ذلك وغيره { يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهـَٰـرُ } ، فقوله : { يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ } يعنـي : بساتـين تـجري من تـحت غروسها وأشجارها الأنهار . { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } يقول : بـاقـين فـيها أبداً ، لا يـموتون فـيها ، ولا يفنون ، ولا يخرجون منها . { وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يقول : وإدخال الله إياهم الـجنان التـي وصفها علـى ما وصف من ذلك الفوز العظيـم يعنـي : الفَلَـح العظيـم . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ } … الآية ، قال : فـي شأن الـمواريث التـي ذكر قبل . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } التـي حدّ لـخـلقه وفرائضه بـينهم من الـميراث والقسمة ، فـانتهوا إلـيها ولا تعدوها إلـى غيرها .