Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 18-18)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : ولـيست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار علـى معاصي الله ، حتـى إذا حضر أحدهم الـموت ، يقول : إذا حشرج أحدهم بنفسه ، وعاين ملائكة ربه قد أقبلوا إلـيه لقبض روحه قال : وقد غلب علـى نفسه ، وحيـل بـينه وبـين فهمه بشغله بكرب حشرجته وغرغرته : إنـي تبت الآن ، يقول فلـيس لهذا عند الله تبـارك وتعالـى توبة ، لأنه قال ما قال فـي غير حال توبة . كما : حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن يعلـى بن نعمان ، قال : أخبرنـي من سمع ابن عمر يقول : التوبة مبسوطة ما لـم يَسُقْ . ثم قرأ ابن عمر : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ } ثم قال : وهل الـحضور إلا السَّوْق . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ ٱلْئَـٰن } قال : إذا تبـين الـموت فـيه لـم يقبل الله له توبة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا مـحمد بن فضيـل ، عن أبـي النضر ، عن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ } فلـيس لهذا عند الله توبة . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت إبراهيـم بن ميـمون ، يحدّث عن رجل من بنـي الـحارث ، قال : ثنا رجل منا ، عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : « مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بعَامٍ تِـيبَ عَلَـيْهِ » ، حتـى ذكر شهراً ، حتـى ذكر ساعة ، حتـى ذكر فُواقاً ، قال : فقال رجل : كيف يكون هذا والله تعالـى يقول : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ } ؟ فقال عبد الله : أنا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن إبراهيـم بن مهاجر ، عن إبراهيـم ، قال : كان يقال : التوبة مبسوطة ما لـم يؤخذ بكَظَمِه . واختلف أهل التأويـل فـيـمن عُنـي بقوله : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ } فقال بعضهم : عُنـي به أهل النفـاق . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوء بِجَهَـٰلَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } قال : نزلت الأولـى فـي الـمؤمنـين ، ونزلت الوسطى فـي الـمنافقـين ، يعنـي : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ } والأخرى فـي الكفـار ، يعنـي : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } . وقال آخرون : بل عنـي بذلك أهل الإسلام . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، عن سفـيان ، قال : بلغنا فـي هذه الآية : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ } قال : هم الـمسلـمون ، ألا ترى أنه قال : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } ؟ وقال آخرون : بل هذه الآية كانت نزلت فـي أهل الإيـمان ، غير أنها نسخت . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ ٱلْئَـٰنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } فأنزل الله تبـارك وتعالـى بعد ذلك : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 4 ] فحرّم الله تعالـى الـمغفرة علـى من مات وهو كافر ، وأرجأ أهل التوحيد إلـى مشيئته ، فلـم يؤيسهم من الـمغفرة . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب ما ذكره الثوري أنه بلغه أنه فـي الإسلام ، وذلك أن الـمنافقـين كفـار ، فلو كان معنـياً به أهل النفـاق لـم يكن لقوله : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } معنى مفهوم ، لأنهم إن كانوا هم والذين قبلهم فـي معنى واحد من أن جميعهم كفـار ، فلا وجه لتفريق أحد منهم فـي الـمعنى الذي من أجله بطل أن تكون توبة واحد مقبولة . وفـي تفرقة الله جلّ ثناؤه بـين أسمائهم وصفـاتهم بأن سمى أحد الصنفـين كافراً ، ووصف الصنف الآخر بأنهم أهل سيئات ، ولـم يسمهم كفـاراً ما دلّ علـى افتراق معانـيهم ، وفـي صحة كون ذلك كذلك صحة ما قلنا ، وفساد ما خالفه . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } . يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : ولا التوبة للذين يـموتون وهم كفـار فموضع « الذين » خفض ، لأنه معطوف علـى قوله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَـٰتِ } . وقوله : { أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } يقول : هؤلاء الذين يـموتون وهم كفـار ، أعتدنا لهم عذابـا ألـيـماً ، لأنهم أبعدهم من التوبة كونهم علـى الكفر . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا مـحمد بن فضيـل ، عن أبـي النضر ، عن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } أولئك أبعد من التوبة . واختلف أهل العربـية فـي معنى : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } فقال بعض البصريـين : معنى : { أَعْتَدْنَا } : أفعلنا من العتاد ، قال : ومعناها : أعددنا . وقال بعض الكوفـيـين : أعددنا وأعتدنا معناهما واحد ، فمعنى قوله : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } أعددنا لهم { عَذَاباً أَلِيماً } يقول : مؤلـماً موجعاً .