Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 54-54)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بقوله جلّ ثناؤه : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } أم يحسد هؤلاء الذين أوتوا نصيباً من الكتاب من اليهود . كما : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } قال : اليهود . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة مثله . وأما قوله : { ٱلنَّاسِ } فإن أهل التأويل اختلفوا فيمن عنى الله به ، فقال بعضهم : عنى الله بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم خاصة . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، قال : أخبرنا هشيم ، عن خالد ، عن عكرمة في قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال : الناس في هذا الموضع : النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثني أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } قال : الناس : محمد صلى الله عليه وسلم . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : فذكر نحوه . وقال آخرون : بل عَنَى الله به العربَ . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } أولئك اليهود حسدوا هذا الحيّ من العرب على ما آتاهم الله من فضله . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله عاتب اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، فقال لهم في قيلهم للمشركين من عبدة الأوثان إنهم أهدى من محمد وأصحابه سبيلاً على علم منهم بأنهم في قيلهم ما قالوا من ذلك كذبة : أم يحسدون محمداً على ما آتاهم الله من فضله . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن ما قبل قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } مضى بذمّ القائلين من اليهود للذين كفروا : { هَـؤُلاء أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً } ، فإلحاق قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } بذمهم على ذلك ، وتقريظ الذين آمنوا الذين قيل فيهم ما قيل أشبه وأولى ، ما لم يأت دلالة على انصراف معناه عن معنى ذلك . واختلف أهل التأويل في تأويل الفضل الذي أخبر الله أنه آتى الذين ذكرهم في قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } فقال بعضهم : ذلك الفضل هو النبوّة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } : حسدوا هذا الحيّ من العرب على ما آتاهم الله من فضله ، بعث الله منهم نبياً فحسدوهم على ذلك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : { عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال : النبوّة . وقال آخرون : بل ذلك الفضل الذي ذكر الله أنه آتاهموه : هو إباحته ما أباح لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من النساء ، ينكح منهنّ ما شاء بغير عدد . قالوا : وإنما يعني بالناس : محمداً صلى الله عليه وسلم على ما ذكرت قبل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } … الآية ، وذلك أن أهل الكتاب قالوا : زعم محمد أنه أُوتي ما أُوتي في تواضع وله تسع نسوة ، ليس همه إلا النكاح ، فأيّ ملك أفضل من هذا ؟ فقال الله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } يعني محمداً أن ينكح ما شاء من النساء . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاس عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِه } وذلك أن اليهود قالوا : ما شأن محمد أعطي النبوّة كما يزعم وهو جائع عار ، وليس له همّ إلا نكاح النساء ؟ فحسدوه على تزويج الأزواج ، وأحلّ الله لمحمد أن ينكح منهنّ ما شاء أن ينكح . وأولى التأويلين في ذلك بالصواب قول قتادة وابن جُريج الذي ذكرناه قبلُ أن معنى الفضل في هذا الموضع النبوّة التي فضل الله بها محمداً ، وشرّف بها العرب إذ آتاها رجلاً منهم دون غيرهم ، لما ذكرنا من أن دلالة ظاهر هذه الآية تدلّ على أنها تقريظ للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، على ما قد بينا قبل ، وليس النكاح وتزويج النساء ، وإن كان من فضل الله جلّ ثناؤه الذي آتاه عباده بتقريظ لهم ومدح . القول في تأويل قوله تعالى : { فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرٰهِيمَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } . يعني : بذلك جلّ ثناؤه : أم يحسد هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، الناسَ على ما آتاهم الله من فضله ، من أجل أنهم ليسوا منهم ، فكيف لا يحسدون آل إبراهيم ، فقد آتيناهم بالكتاب ؟ ويعني بقوله : { فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرٰهِيمَ } : فقد أعطينا آل إبراهيم ، يعني : أهله وأتباعه على دينه { ٱلْكِتَـٰبِ } يعني : كتاب الله الذي أوحاه إليهم ، وذلك كصحف إبراهيم وموسى والزبور ، وسائر ما آتاهم من الكتب . وأما الحكمة ، فما أوحى إليهم مما لم يكن كتاباً مقروءاً . { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } . واختلف أهل التأويل في معنى المُلْكِ العظيم الذي عناه الله في هذه الآية ، فقال بعضهم : هو النبوّة . ذكر من قال ذلك : حدثنا المثنى ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ } قال : يهود ، { عَلَىٰ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } فقد آتينا آل آبراهيم الكتاب وليسوا منهم ، والحكمة ، { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } قال : النبوّة . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : { مُلَكًا } : النبوّة . وقال آخرون : بل ذلك تحليل النساء قالوا : وإنما عنى الله بذلك : أم يحسدون محمداً على ما أحلّ الله له من النساء ، فقد أحلّ الله مثل الذي أحله له منهنّ لداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء ، فكيف لم يحسدوهم على ذلك وحسدوا محمداً عليه الصلاة والسلام ؟ ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرٰهِيمَ } : سليمان وداود { ٱلْحِكْمَةَ } يعني : النبوّة . { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } في النساء ، فما باله حلّ لأولئك وهم أنبياء أن ينكح داود تسعاً وتسعين امرأة ، وينكح سليمان مائة ، ولا يحلّ لمحمد أن ينكح كما نكحوا ! . وقال آخرون : بل معنى قوله : { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } الذي آتى سليمان بن داود . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } يعني : ملك سليمان . وقال آخرون : بل كانوا أُيِّدُوا بالملائكة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن حازم الغفاري ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن همام بن الحارث : { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } قال : أُيدوا بالملائكة والجنود . وأولى هذه الأقوال بتأويل الآي ، وهي قوله : { وَءاتَيْنَـٰهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } القول الذي رُوي عن ابن عباس أنه قال : يعني : ملك سليمان لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، دون الذي قال : إنه ملك النُبوّة ، ودون قول من قال : إنه تحليل النساء والملك عليهنّ . لأن كلام الله الذي خوطب به العرب غير جائز توجيهه إلا إلى المعروف المستعمل فيهم من معانيه ، إلا أن تأتي دلالة أو تقوم حجة على أن ذلك بخلاف ذلك يجب التسليم لها . ]