Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 85-85)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بقوله جلّ ثناؤه : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } من يَصِرْ يا محمد شفعاً لوتر أصحابك ، فيشفعهم في جهاد عدوّهم وقتالهم في سبيل الله وهو الشفاعة الحسنة { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } يقوله : يكن له من شفاعته تلك نصيب ، وهو الحظّ من ثواب الله ، وجزيل كرامته . { وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيِّئَةً } يقول : ومن يشفع وتر أهل الكفر بالله على المؤمنين به ، فيقاتلهم معهم ، وذلك هو الشفاعة السيئة { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } يعني : بالكفل النصيب والحظّ من الوزر والإثم . وهو مأخوذ من كِفْل البعير والمركب ، وهو الكساء أو الشيء يهيأ عليه شبيه بالسرج على الدابة ، يقال منه : جاء فلان مكتفلاً : إذا جاء على مركب قد وُطّىءَ له على ما بينا لركوبه . وقد قيل : إنه عنى بقوله : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } … الآية ، شفاعة الناس بعضهم لبعض . وغير مستنكر أن تكون الآية نزلت فيما ذكرنا ، ثم عمّ بذلك كل شافع بخير أو شرّ . وإنما اخترنا ما قلنا من القول في ذلك لأنه في سياق الآية التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيها بحضّ المؤمنين على القتال ، فكان ذلك بالوعد لمن أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والوعيد لمن أبى إجابته أشبه منه من الحثّ على شفاعة الناس بعضهم لبعض التي لم يجر لها ذكر قبل ولا لها ذكر بعد . ذكر من قال ذلك في شفاعة الناس بعضهم لبعض : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيِّئَةً } قال : شفاعة بعض الناس لبعض . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حُدثت عن ابن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، قال : من يُشَفَّع شفاعة حسنة كان له فيها أجران ، ولأن الله يقول : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } ولم يقل : يُشَفَّع . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجرها ما جرت منفعتها . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سئل ابن زيد ، عن قول الله : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } قال : الشفاعة الصالحة التي يشفع فيها وعمل بها هي بينك وبينه هما فيها شريكان . { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } قال : هما شريكان فيها كما كان أهلها شريكين . ذكر من قال ذلك : الكفل النصيب : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } : أي حظّ منها . { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } والكفل : هو الإثم . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } أما الكفل : فالحظّ . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } قال : حظّ منها ، فبئس الحظّ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الكفل والنصيب واحد . وقرأ : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } [ الحديد : 28 ] القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } . اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } فقال بعضهم : تأويله : وكان الله على كل شيء حفيظاً وشهيداً . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } يقول : حفيظاً . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { مُّقِيتاً } شهيداً . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل اسمه مجاهد ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { مُّقِيتاً } قال : شهيداً ، حسيباً ، حفيظاً . حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم ، قال : ثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : ثنا أبي ، عن خصيف ، عن مجاهد أبي الحجاج : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } قال : المقيت : الحسيب . وقال آخرون : معنى ذلك : القائم على كل شيء بالتدبير . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال عبد الله بن كثير : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } قال : المقيت : الواصب . وقال آخرون : هو القدير . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } أما المقيت : فالقدير . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء مُّقِيتاً } قال : على كل شيء قديراً . المقيت : القدير . قال أبو جعفر : والصواب من هذه الأقوال ، قول من قال : معنى المقيت : القدير ، وذلك أن ذلك فيما يذكر كذلك بلغة قريش ، وينشد للزبير بن عبد المطلب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : @ وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفسَ عنْهُ وكُنْتُ على مَساءَتِهِ مُقيتا @@ أي قادراً . وقد قيل : إن منه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " كَفَى بالمَرْءِ إثْماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يُقِيتُ " في رواية من رواها : « يُقيت » : يعني من هو تحت يديه في سلطانه من أهله وعياله ، فيقدر له قوته . يقال منه : أقات فلان الشيء يقتيه إقاتة ، وقاته يقوته قياتة وقُوتاً ، والقوت الاسم . وأما المُقِيتُ في بيت اليهودي الذي يقول فيه : @ لَيْتَ شِعْرِي وأشْعُرَنَّ إذَا مَا قَرَّبُوها مَنْشُورَةً وَدُعِيتُ ألِيَ الفَضْلُ أمْ عَليَّ إذَا حُو سِبْتُ إنَّي على الحِسابِ مُقِيتُ @@ فإن معناه : فإني على الحساب موقوف ، وهو من غير هذا المعنى .