Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 36-37)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وقال فرعون لما وعظه المؤمن من آله بما وعظه به وزجره عن قتل موسى نبيّ الله وحذره من بأس الله على قيله أقتله ما حذره لوزيره وزير السوء هامان : { يا هامانُ ابْنِ لي صَرْحاً لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ } يعني بناءً . وقد بيَّنا معنى الصرح فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . { لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ } اختلف أهل التأويل في معنى الأسباب في هذا الموضع ، فقال بعضهم : أسباب السموات : طرقها . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن هشام ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السديّ ، عن أبي صالح { أسْبابَ السَّمَوَاتِ } قال : طُرُق السموات . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السَّمَوَاتِ } قال : طُرُق السموات . وقال آخرون : عُني بأسباب السموات : أبواب السموات . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لي صَرْحاً } وكان أوّل من بنى بهذا الآجر وطبخه { لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السَّمَوَاتِ } : أي أبواب السموات . وقال آخرون : بل عُني به مَنْزِل السماء . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السَّمَوَاتِ } قال : منزل السماء . وقد بيَّنا فيما مضى قبل ، أن السبب : هو كلّ ما تُسَبِّبَ به إلى الوصول إلى ما يطلب من حبل وسلم وطريق وغير ذلك . فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال : معناه لعلي أبلغ من أسباب السموات أسباباً أتسبب بها إلى رؤية إله موسى ، طرقاً كانت تلك الأسباب منها ، أو أبواباً ، أو منازل ، أو غير ذلك . وقوله : { فأطَّلِعَ إلى إلَهِ مُوسَى } اختلف القرّاء في قراءة قوله : { فأطَّلِعَ } فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار : « فأطَّلِعُ » بضم العين : ردّا على قوله : { أبْلُغُ الأسْبابَ } وعطفاً به عليه . وذُكر عن حميد الأعرج أنه قرأ { فأطِّلِعَ } نصباً جواباً للعَلِّي ، وقد ذكر الفرّاء أن بعض العرب أنشده : @ عَلِّ صُرُوفِ الدَّهْرِ أَوْ دُولاتِها يُدِيلْنَنا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِها فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِها @@ فنصب فتستريحَ على أنها جواب للعلّ . والقراءة التي لا أستجيز غيرها الرفع في ذلك ، لإجماع الحجة من القراء عليه . وقوله : { وَإني لأَظُنُّهُ كاذِباً } يقول : وإني لأظنّ موسى كاذباً فيما يقول ويدّعي من أن له في السماء رباً أرسله إلينا . وقوله : { وكَذَلكَ زُيِّنَ لِفَرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } يقول الله تعالى ذكره : وهكذا زين الله لفرعون حين عتا عليه وتمردّ ، قبيح عمله ، حتى سوّلت له نفسه بلوغ أسباب السموات ، ليطلع إلى إله موسى . وقوله : { وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة : { وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } بضمّ الصاد ، على وجه ما لم يُسَمّ فاعله ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } قال : فُعِل ذلك به ، زين له سوء عمله ، { وصُدَّ عن السبيل } . وقرأ ذلك حميد وأبو عمرو وعامة قرّاء البصرة « وَصَدَّ » بفتح الصاد ، بمعنى : وأعرض فرعون عن سبيل الله التي ابتُعِث بها موسى استكباراً . والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاَّ في تَبابٍ } يقول تعالى ذكره : وما احتيال فرعون الذي يحتال للاطلاع إلى إله موسى ، إلا في خسار وذهاب مال وغبن ، لأنه ذهبت نفقته التي أنفقها على الصرح باطلاً ، ولم ينل بما أنفق شيئاً مما أراده ، فذلك هو الخسار والتباب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاَّ فِي تَبابٍ } يقول : في خُسران . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { فِي تَبابٍ } قال : خَسار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاَّ فِي تَبابٍ } : أي في ضلال وخسار . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاَّ فِي تَبابٍ } قال : التَّباب والضَّلال واحد .