Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 7-7)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : الذين يحملون عرش الله من ملائكته ، ومن حول عرشه ، ممن يحفّ به من الملائكة { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } يقول : يصلون لربهم بحمده وشكره { وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } يقول : ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه ، ويشهدون بذلك ، لا يستكبرون عن عبادته { وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذِينَ آمَنُوا } يقول : ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله ، والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم ، فيعفوها عنهم ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذِينَ آمَنُوا } لأهل لا إله إلا الله . وقوله : { رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً } ، وفي هذا الكلام محذوف ، وهو يقولون ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون : يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلماً . ويعني بقوله : { وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحمَةً وَعِلْماً } : وسعت رحمتك وعلمك كلّ شيء من خلقك ، فعلمت كلّ شيء ، فلم يخف عليك شيء ، ورحمت خلقك ، ووسعتهم برحمتك . وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب الرحمة والعلم ، فقال بعض نحويي البصرة : انتصاب ذلك كانتصاب لك مثله عبداً ، لأنك قد جعلت وسعت كلّ شيء ، وهو مفعول له ، والفاعل التاء ، وجاء بالرحمة والعلم تفسيراً ، وقد شغلت عنهما الفعل كما شغلت المثل بالهاء ، فلذلك نصبته تشبيهاً بالمفعول بعد الفاعل وقال غيره : هو من المنقول ، وهو مفسر ، وسعت رحمته وعلمه ، ووسع هو كلّ شيء رحمة ، كما تقول : طابت به نفسي ، وطبت به نفساً ، وقال : أمالك مثله عبداً ، فإن المقادير لا تكون إلا معلومة مثل عندي رطل زيتاً ، والمثل غير معلوم ، ولكن لفظه لفظ المعرفة والعبد نكرة ، فلذلك نصب العبد ، وله أن يرفع ، واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر : @ ما في مَعَدّ والقَبائِلِ كُلِّها قَحْطانَ مِثْلُكَ وَاحِدٌ مَعْدودُ @@ وقال : رد « الواحد » على « مثل » لأنه نكرة ، قال : ولو قلت : ما مثلك رجل ، ومثلك رجل ، ومثلك رجلاً ، جاز ، لأن مثل يكون نكرة ، وإن كان لفظها معرفة . وقوله : { فاغْفِرِ للَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } يقول : فاصفح عن جرم من تاب من الشرك بك من عبادك ، فرجع إلى توحيدك ، واتبع أمرك ونهيك ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فاغْفِرْ للَّذِينَ تابُوا } من الشرك . وقوله : { واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } يقول : وسلكوا الطريق الذي أمرتهم أن يسلكوه ، ولزموا المنهاج الذي أمرتهم بلزومه ، وذلك الدخول في الإسلام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } : أي طاعتك . وقوله : { وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ } يقول : واصرف عن الذين تابوا من الشرك ، واتبعوا سبيلك عذاب النار يوم القيامة .