Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 40-40)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني جلّ ثناؤه بقوله : { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا } إن الذين يميلون عن الحقّ في حججنا وأدلتنا ، ويعدلون عنها تكذيباً بها وجحوداً لها . وقد بيَّنت فيما مضى معنى اللحد بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع . وسنذكر بعض اختلاف المختلفين في المراد به من معناه في هذا الموضع . اختلف أهل التأويل في المراد به من معنى الإلحاد في هذا الموضع ، فقال بعضهم : أريد به معارضة المشركين القرآن باللغط والصفير استهزاء به . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى : وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا } قال : المُكَاء وما ذكر معه . وقال بعضهم : أريد به الخبر عن كذبهم في آيات الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا } قال : يكذّبون في آياتنا . وقال آخرون : أريد به يعاندون . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا } قال : يشاقُّون : يعاندون . وقال آخرون : أريد به الكفر والشرك . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا } قال : هؤلاء أهل الشرك وقال : الإلحاد : الكفر والشرك . وقال آخرون : أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب الله . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا } قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه . وكلّ هذه الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك قريبات المعاني ، وذلك أن اللحد والإلحاد : هو الميل ، وقد يكون ميلاً عن آيات الله ، وعدولاً عنها بالتكذيب بها ، ويكون بالاستهزاء مُكاء وتَصْدِية ، ويكون مفارقة لها وعناداً ، ويكون تحريفاً لها وتغييراً لمعانيها . ولا قول أولى بالصحة في ذلك مما قلنا ، وأن يعم الخبر عنهم بأنهم ألحدوا في آيات الله ، كما عمّ ذلك ربنا تبارك وتعالى . وقوله : { لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا } يقول تعالى ذكره : نحن بهم عالمون لا يخفون علينا ، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردوا علينا ، وذلك تهديد من الله جلّ ثناؤه لهم بقوله : سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا ، ثم أخبر جلّ ثناؤه عما هو فاعل بهم عند ورودهم عليه ، فقال : { أفمَنْ يُلْقَى فِي النَّار خَيْر أمْ مَنْ يأْتِي آمِنا يَوْمَ القِيَامَةِ } يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين يُلحدون في آياتنا اليوم في الدنيا يوم القيامة عذاب النار ، ثم قال الله : أفهذا الذي يلقى في النار خير ، أم الذي يأتي يوم القيامة آمنا من عذاب الله لإيمانه بالله جلّ جلاله ؟ هذا الكافر ، إنه إن آمن بآيات الله ، واتبع أمر الله ونهيه ، أمَّنه يوم القيامة مما حذّره منه من عقابه إن ورد عليه يومئذ به كافراً . وقوله : { اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ } وهذا أيضاً وعيد لهم من الله خرج مخرج الأمر ، وكذلك كان مجاهد يقول : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ } قال : هذا وعيد . وقوله : { إنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يقول جلّ ثناؤه : إن الله أيها الناس بأعمالكم التي تعملونها ذو خبرة وعلم لا يخفى عليه منها ، ولا من غيرها شيء .