Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 26-28)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ } الذين كانوا يعبدون ما يعبده مشركو قومك يا محمد { إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } من دون الله ، فكذّبوه ، فانتقمنا منهم كما انتقمنا ممن قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها . وقيل : { إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } فوضع البراء وهو مصدر موضع النعت ، والعرب لا تثني البراء ولا تجمع ولا تؤنث ، فتقول : نحن البَرَاء والخلاء : لِما ذكرت أنه مصدر ، وإذا قالوا : هو برىء منك ثنوا وجمعوا وأنَّثوا ، فقالوا : هما بريئان منك ، وهم بريئون منك . وذُكر أنها في قراءة عبد الله : « إنَّنِي بَرِىءٌ » بالياء ، وقد يجمع برىء : بَرَاء وأبْراء { إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي } يقول : إني بريء مما تعبدون من شيء إلاَّ من الذي فطرني ، يعني الذي خلقني { فإنَّهُ سَيَهْدِينِ } يقول : فإنه سيقوّمني للدين الحقّ ، ويوفقني لاتباع سبيل الرشد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذْ قالَ إبْرَاهِيمُ لأبيه وقومِهِ … } الآية ، قال : كايدهم ، كانوا يقولون : إن الله ربُّنا { وَلَئِنْ سَألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ ، وَالأرْضَ لَيقُولُنّ اللّهُ } ، فلم يبرأ من ربه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : { إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدونَ } يقول : إنني بريء مما تعبدون « إلاَّ الَّذِي خَلَقْنِي » . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي } قال : خلقني . وقوله : { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } يقول تعالى ذكره : وجعل قوله : { إنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي } وهو قول : لا إله إلا الله ، كلمة باقية في عقبه ، وهم ذرّيته ، فلم يزل في ذرّيته من يقول ذلك من بعده . واختلف أهل التأويل في معنى الكلمة التي جعلها خليل الرحمن باقية في عقبه ، فقال بعضهم : بنحو الذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } قال : لا إله إلا الله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً } قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، والتوحيد لم يزل في ذرّيته من يقولها من بعده . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } قال : التوحيد والإخلاص ، ولا يزال في ذرّيته من يوحد الله ويعبده . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَجَعَلها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } قال : لا إله إلا الله . وقال آخرون : الكلمة التي جعلها الله في عقبه اسم الإسلام . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } فقرأ { إذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أسْلِمْ ، قالَ أسْلَمْتُ لِرَبّ العَالَمِينَ } قال : جعل هذه باقية في عقبه ، قال : الإسلام ، وقرأ { هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } فقرأ { وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ } لك . وبنحو ما قلنا في معنى العقب قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فِي عَقِبِهِ قال : ولده . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ } قال : يعني من خلَفه . حدثني محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ فِي عَقِبِهِ قال : في عقب إبراهيم آل محمد صلى الله عليه وسلم . حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا ابن أبي فديك ، قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب أنه كان يقول : العقب : الولد ، وولد الولد . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فِي عَقِبِهِ قال : عقبه : ذرّيته . وقوله : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يقول : ليرجعوا إلى طاعة ربهم ، ويثوبوا إلى عبادته ، ويتوبوا من كفرهم وذنوبهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : أي يتوبون ، أو يذَّكرون .