Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 86-86)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ولا يملك عيسى وعزير والملائكة الذين يعبدهم هؤلاء المشركون بالساعة ، الشفاعة عند الله لأحد ، إلا من شهد بالحقّ ، فوحد الله وأطاعه ، بتوحيد علم منه وصحة بما جاءت به رسله . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونه الشَّفاعَةَ } قال : عيسى ، وعُزير ، والملائكة . قوله : إلاَّ مَنْ شَهِدَ بالحَقّ قال : كلمة الإخلاص ، وهم يعلمون أن الله حقّ ، وعيسى وعُزير والملائكة يقول : لا يشفع عيسى وعُزير والملائكة إلاَّ من شهد بالحقّ ، وهو يعلم الحق . وقال آخرون : عني بذلك : ولا تملك الآلهة التي يدعوها المشركون ويعبدونها من دون الله الشفاعة إلاَّ عيسى وعُزير وذووهما ، والملائكة الذين شهدوا بالحقّ ، فأقرّوا به وهم يعلمون حقيقة ما شهدوا به . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دونِهِ الشَّفاعَةَ إلاَّ مَنْ شَهِدَ بالحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } : الملائكة وعيسى وعُزير ، قد عُبِدوا من دون الله ولهم شفاعة عند الله ومنزلة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { إلاَّ مَنْ شَهِدَ بالحَقّ } قال : الملائكة وعيسى ابن مريم وعُزير ، فإن لهم عند الله شهادة . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من دون الله الشفاعة عنده لأحد ، إلاَّ من شهد بالحقّ ، وشهادته بالحقّ : هو إقراره بتوحيد الله ، يعني بذلك : إلاَّ من آمن بالله ، وهم يعلمون حقيقة توحيده ، ولم يخصص بأن الذي لا يملك ملك الشفاعة منهم بعض من كان يعبد من دون الله ، فذلك على جميع من كان تعبد قريش من دون الله يوم نزلت هذه الآية وغيرهم ، وقد كان فيهم من يعبد من دون الله الآلهة ، وكان فيهم من يعبد من دونه الملائكة وغيرهم ، فجميع أولئك داخلون في قوله : ولا يملك الذين يدعو قريش وسائر العرب من دون الله الشفاعة عند الله . ثم استثنى جلّ ثناؤه بقوله : { إلاَّ مَنْ شَهِدَ بالحَقّ وَهُم يَعْلَمُونَ } وهم الذين يشهدون شهادة الحقّ فيوحدون الله ، ويخلصون له الوحدانية ، على علم منهم ويقين بذلك ، أنهم يملكون الشفاعة عنده بإذنه لهم بها ، كما قال جلّ ثناؤه : { وَلا يَشْفَعُونَ إلا لِمَن ارْتَضَى } فأثبت جلّ ثناؤه للملائكة وعيسى وعُزير ملكهم من الشفاعة ما نفاه عن الآلهة والأوثان باستثنائه الذي استثناه .