Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 14-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للذين صدّقوا الله واتبعوك ، يغفروا للذين لا يخافون بأس الله ووقائعه ونقمه إذا هم نالوهم بالأذى والمكروه { لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ } يقول : ليجزي الله هؤلاء الذين يؤذونهم من المشركين في الآخرة ، فيصيبهم عذابه بما كانوا في الدنيا يكسبون من الإثم ، ثم بأذاهم أهل الإيمان بالله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كانُوا يَكْسِبونَ } قال : كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا آذوه ، وكانوا يستهزؤن به ، ويكذّبونه ، فأمره الله عزّ وجلّ أن يقاتل المشركين كافَّة ، فكان هذا من المنسوخ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : لا يُبالون نِعم الله ، أو نِقم الله . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { لا يَرْجونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : لا يُبالون نِعم الله ، وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين . وإنما قُلنا : هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك : وقد ذكرنا الرواية في ذلك عن ابن عباس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : نسختها ما في الأنفال { فإمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ ، فَشَرّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } وفي براءة { قاتِلُوا المُشْركِينَ كافَّةً كمَا يُقاتِلُونَكُمْ كافَّةً } أمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : نسختها فـ { اقْتُلُوا المُشْركِينَ } حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : هذا منسوخ ، أمر الله بقتالهم في سورة براءة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عنبسة عمن ذكره عن أبي صالح { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا للَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : نسختها التي في الحجّ { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بأنَّهُمْ ظُلِمُوا } حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أيَّامَ اللّهِ } قال : هؤلاء المشركون ، قال : وقد نسخ هذا وفرض جهادهم والغلظة عليهم . وجزم قوله : { يَغْفِرُوا } تشبيهاً له بالجزاء والشرط وليس به ، ولكن لظهوره في الكلام على مثاله ، فعرّب تعريبه ، وقد مضى البيان عنه قبل . واختلف القرّاء في قراءة قوله : { لِيَجْزِيَ قَوْماً } فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة والكوفة : { لِيَجْزِيَ } بالياء على وجه الخبر عن الله أنه يجزيهم ويثيبهم وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الكوفيين « لِنَجْزِيَ » بالنون على وجه الخبر من الله عن نفسه . وذُكر عن أبي جعفر القارىء أنه كان يقرأه « لِيُجْزَى قَوْماً » على مذهب ما لم يسمّ فاعله ، وهو على مذهب كلام العرب لحن ، إلاَّ أن يكون أراد : ليجزى الجزاء قوماً ، بإضمار الجزاء ، وجعله مرفوعاً « لِيُجْزَى » فيكون وجهاً من القراءة ، وإن كان بعيداً . والصواب من القول في ذلك عندنا أن قراءته بالياء والنون على ما ذكرت من قراءة الأمصار جائزة بأيّ تينك القراءتين قرأ القارىء . فأما قراءته على ما ذكرت عن أبي جعفر ، فغير جائزة عندي لمعنيين : أحدهما : أنه خلاف لما عليه الحجة من القرّاء ، وغير جائز عندي خلاف ما جاءت به مستفيضاً فيهم . والثاني بعدها من الصحة في العربية إلاَّ على استكراه الكلام على غير المعروف من وجهه .