Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالله { عَلى النَّارِ } يقال لهم : { أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها } فيها . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا على النَّارِ } قرأ يزيد حتى بلغ { وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ } تعلمون والله إن أقواماً يَسْترطون حسناتهم . استبقى رجل طيباته إن استطاع ، ولا قوّة إلا بالله . ذُكر أن عمر بن الخطاب كان يقول : لو شئت كنت أطيبكم طعاماً ، وألينكم لباساً ، ولكني أستبقي طيباتي . وذُكر لنا أنه لما قدم الشام ، صُنِع له طعام لم ير قبله مثله ، قال : هذا لنا ، فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير ؟ قال خالد بن الوليد : لهم الجنة ، فاغرورقت عينا عمر ، وقال : لئن كان حظنا في الحُطام ، وذهبوا قال أبو جعفر : فيما أرى أنا بالجنة ، لقد باينونا بوناً بعيداً . وذُكر لنا . أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم دخل على أهل الصُّفة مكاناً يجتمع فيه فقراء المسلمين ، وهم يَرْقعون ثيابهم بالأَدَم ، ما يجدون لها رقاعاً ، قال : " أنتم اليوم خير ، أو يَوم يغدو أحدكم في حلة ، ويروح في أُخرى ، ويغدي عليه بجفنة ، ويُراح عليه بأخرى ، ويستر بيته كما تستر الكعبة " قالوا : نحن يومئذٍ خير ، قال : " بل أنتم اليوم خير " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : حدثنا صاحب لنا عن أبي هريرة ، قال : « إنما كان طعامنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم الأسودين : الماء ، والتمر ، والله ما كنا نرى سمراءكم هذه ، ولا ندري ما هي » . قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي بردة بن عبد الله بن قيس الأشعريّ ، عن أبيه ، قال : أي بنيّ لو شهدتْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مع نبينا إذا أصابتنا السماء ، حسبت أن ريحنا ريح الضأن ، إنما كان لباسنا الصوف . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ { أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا … } إلى آخر الآية ، ثم قرأ { مَنْ كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعمالَهُمْ فِيها ، وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ } ، وقرأ { مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها } ، وقرأ { مَنْ كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ … } إلى آخر الآية ، وقال : هؤلاء الذين أذهبوا طيِّباتهم في حياتهم الدنيا . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ } ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار { أذْهَبْتُمْ } بغير استفهام ، سوى أبي جعفر القارىء ، فإنه قرأه بالاستفهام ، والعرب تستفهم بالتوبيخ ، وتترك الاستفهام فيه ، فتقول : أذهبت ففعلت كذا وكذا ، وذهبت ففعلت وفعلت . وأعجب القراءتين إليّ ترك الاستفهام فيه ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، ولأنه أفصح اللغتين . وقوله { فالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ } يقول تعالى ذكره : يقال لهم : فاليوم أيها الكافرون الذين أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا تجزون : أي تثابون عذاب الهون ، يعني عذاب الهوان ، وذلك عذاب النار الذي يهينهم . كما : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عَذَابَ الهُونِ قال : الهوان { بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأرْضِ بغَيْرِ الحَقّ } يقول : بما كنتم تتكبرون في الدنيا على ظهر الأرض على ربكم ، فتأبون أن تخلصوا له العبادة ، وأن تذعنوا لأمره ونهيه بغير الحقّ ، أي بغير ما أباح لكم ربكم ، وأذن لكم به { وبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ } يقول : بما كنتم فيها تخالفون طاعته فتعصُونه .