Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره للمؤمنين : { ها أنْتُمْ } أيها الناس { هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } يقول : تدعون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونُصرة دينه { فمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ } بالنفقة فيه ، وأدخلت « ها » في موضعين ، لأن العرب إذا أرادت التقريب جعلت المكنّى بين « ها » وبين « ذا » ، فقالت : ها أنت ذا قائماً ، لأن التقريب جواب الكلام ، فربما أعادت « ها » مع « ذا » ، وربما اجتزأت بالأولى ، وقد حُذفت الثانية ، ولا يقدّمون أنتم قبل « ها » ، لأن « ها » جواب فلا تقرب بها بعد الكلمة . وقال بعض نحويي البصرة : جعل التنبيه في موضعين للتوكيد . وقوله : { وَمَنْ يَبْخَلْ فإنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ } يقول تعالى ذكره : ومن يبخل بالنفقة في سبيل الله ، فإنما يبخل عن بخل نفسه ، لأن نفسه لو كانت جواداً لم تبخل بالنفقة في سبيل الله ، ولكن كانت تجود بها { وَاللَّهُ الغَنِيّ وأنْتُمُ الفُقَرَاءُ } يقول تعالى ذكره : ولا حاجة لله أيها الناس إلى أموالكم ولا نفقاتكم ، لأنه الغنيّ عن خلقه والخلق الفقراء إليه ، وأنتم من خلقه ، فأنتم الفقراء إليه ، وإنما حضكم على النفقة في سبيله ، ليُكسبكم بذلك الجزيل من ثوابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لَتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فإنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الغَنِيُّ وأنْتُمُ الفُقَرَاءُ } قال : ليس بالله تعالى ذكره إليكم حاجة وأنتم أحوج إليه . وقوله تعالى ذكره : { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يقول تعالى ذكره : وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم ، فترتدّوا راجعين عنه { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يقول : يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلاً منكم يصدّقون به ، ويعملون بشرائعه { ثُمَّ لا يكُونُوا أمْثالَكُمْ } يقول : ثم لا يبخلوا بما أُمروا به من النفقة في سبيل الله ، ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم ، ولكنهم يقومون بذلك كله على ما يُؤمرون به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يقول : إن توليتم عن كتابي وطاعتي أستبدل قوماً غيركم . قادر والله ربنا على ذلك على أن يهلكهم ، ويأتي من بعدهم من هو خير منهم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } قال : إن تولوا عن طاعة الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } . وذُكر أنه عنى بقوله : { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيرَكُمْ } : العجم من عجم فارس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بَزِيع البغدادي أبو سعيد ، قال : ثنا إسحاق بن منصور ، عن مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يكُونُوا أمْثالَكُمْ } كان سَلْمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين إن تولينا استُبدِلوا بنا ، قال : فضرب النبيّ صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ، فقال : " مِنْ هَذَا وَقَوْمِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أنَّ الدّينَ تَعَلَّقَ بالثُّرَيَّا لَنالَتْهُ رِجالٌ مِنْ أهْل فارِسِ " حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ، ثُمَّ لا يكُونُوا أمْثالَكُمْ } قالُوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولَّينا استبدلوا بنا ، ثم لا يكونوا أمثالنا ، فضرب على فخذ سلمان قال : " هَذَا وَقَوْمُهُ ، وَلَوْ كانَ الدّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَناوَلَهُ رِجالٌ مِنَ الفُرْسِ " حدثنا أحمد بن الحسن الترمذيّ ، قال : ثنا عبد الله بن الوليد العَدَني ، قال : ثنا مسلم بن خالد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : نزلت هذه الآية وسلمان الفارسيّ إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحكّ ركبته ركبته { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أمْثالَكُم } قالوا : يا رسول الله ومن الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ، قال : فضرب فخذ سلمان ثم قال : « هَذَا وَقَوْمُهُ » . وقال : مجاهد في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيرَكُمْ } من شاء . وقال آخرون : هم أهل اليمن . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عوف الطائيّ ، قال : ثنا أبو المغيرة ، قال : ثنا صفوان بن عمرو ، قال : ثنا راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جُبير وشريح بن عبيد ، في قوله : { وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يكُونُوا أمْثالَكُمْ } قال : أهل اليمن .