Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } يا محمد { للْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأْعْرَابِ } عن المسير معك ، { سَتُدْعَوْنَ إلَى } قتال { قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ } في القتال { شَدِيدٍ } . واختلف أهل التأويل في هؤلاء الذين أخبر الله عزّ وجلّ عنهم أن هؤلاء المخلفين من الأعراب يُدْعَوْن إلى قتالهم ، فقال بعضهم : هم أهل فارس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس أُولي بأْسٍ شَدِيدٍ أهل فارس . حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاريّ ، قال : أخبرنا داود بن الزبرقان ، عن ثابت البُنَانيّ ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، في قوله : { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : فارس والروم . قال : أخبرنا داود ، عن سعيد ، عن الحسن ، مثله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله : { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : هم فارس والروم . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : هم فارس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : قال الحسن : دُعُوا إلى فارس والروم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : فارس والروم . وقال آخرون : هم هَوازن بحُنين . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، في قوله : { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : هوازن . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير وعكرِمة في هذه الآية { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : هوازن وثقيف . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أوْ يُسْلِمُونَ } قال : هي هَوازن وغَطَفان يوم حُنين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قُلْ للْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } فدُعُوا يوم حُنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد . وقال آخرون : بل هم بنو حنيفة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ قال بنو حنيفة مع مُسَيلمة الكذّاب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير وعكرِمة أنهما كانا يزيدان فيه هوازن وبني حنيفة . وقال آخرون : لم تأت هذه الآية بعد . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي هريرة { سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } لم تأت هذه الآية . وقال آخرون : هم الروم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عوف ، قال : ثنا أبو المغيرة ، قال : ثنا صفوان بن عمرو ، قال : ثنا الفرج بن محمد الكلاعي ، عن كعب ، قال : { أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال : الروم . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال ، ونجدة في الحروب ، ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن ، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم ، ولا أعيان بأعيانهم ، وجائز أن يكون عنى بذلك بعض هذه الأجناس ، وجائز أن يكون عُنِي بهم غيرهم ، ولا قول فيه أصحّ من أن يُقال كما قال الله جلّ ثناؤه : إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد . وقوله : { تُقاتِلُونَهُمْ أوْ يُسْلِمُونَ } يقول تعالى ذكره للمخلَّفين من الأعراب : تقاتلون هؤلاء الذين تُدعون إلى قتالهم ، أو يسلمون من غير حرب ولا قتال . وقد ذُكر أن ذلك في بعض القراءات « تُقاتِلُونَهُمْ أوْ يُسْلمُوا » ، وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار ، وخلافا لما عليه الحجة من القرّاء ، وغير جائز عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك : تقاتلونهم أبدا إلا أن يسلموا ، أو حتى يسلموا . وقوله : { فإنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُم اللَّهُ أجْراً حَسَناً } يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا الله في إجابتكم إياه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشديد ، فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين { يُؤْتِكُم اللَّهُ أجْراً حَسَناً } يقول : يعطكم الله على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة ، وهي الأجر الحسن { وَإنْ تَتَوَلَّوْا كمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } يقول : وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره ، فتتركوا قتال الأولي البأس الشديد إذا دُعيتم إلى قتالهم { كمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } يقول : كما عصيتموه في أمره إياكم بالمسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، من قبل أن تُدعَوا إلى قتال أولي البأس الشديد يُعَذّبْكُمُ اللَّهُ عَذَاباً ألِيماً يعني : وجيعاً ، وذلك عذاب النار على عصيانكم إياه ، وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين .