Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 7-8)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : لأصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : واعلموا أيها المؤمنون بالله ورسوله ، { أنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ } فاتقوا الله أن تقولوا الباطل ، وتفتروا الكذب ، فإن الله يخبره أخباركم ، ويعرّفه أنباءكم ، ويقوّمه على الصواب في أموره . وقوله : { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ } يقول تعالى ذكره : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم { لَعَنِتُّمْ } يقول : لنالكم عنت ، يعني الشدّة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطىء في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق : إنهم قد ارتدّوا ، ومنعوا الصدقة ، وجمعوا الجموع لغزو المسلمين ، فغزاهم فقتل منهم ، وأصاب من دمائهم وأموالهم كان قد قتل ، وقتلتم من لا يحلّ له ولا لكم قتله ، وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحلّ له ولكم أخذه من أموال قوم مسلمين ، فنالكم من الله بذلك عنت { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ } الإيمانَ بالله ورسوله ، فأنتم تطيعون رسول الله ، وتأتمون به فيقيكم الله بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتبعوه ، وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم . وقوله : { وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } يقول : وحسن الإيمان في قلوبكم فآمنتم { وكَرَّهَ إلَيْكُمُ الكُفْرَ } بالله { وَالفُسُوقَ } يعني الكذب ، { والعِصْيانَ } يعني ركوب ما نهى الله عنه في خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتضييع ما أمر الله به { أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } يقول : هؤلاء الذين حبَّب الله إليهم الإيمان ، وزيَّنه في قلوبهم ، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون السالكون طريق الحقّ . وقوله : { فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً } يقول : ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان ، وأنعم عليكم هذه النعمة التي عدّها فضلاً منه ، وإحساناً ونعمة منه أنعمها عليكم { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } يقول : والله ذو علم بالمحسن منكم من المسيء ، ومن هو لنعم الله وفضله أهل ، ومن هو لذلك غير أهل ، وحكمةٍ في تدبيره خلقه ، وصرفه إياهم فيما شاء من قضائه . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { وَاعْلَمُوا أنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُم فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَاعْلَمُوا أنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ … } حتى بلغ { لَعَنِتُّمْ } هؤلاء أصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، لو أطاعهم نبيّ الله في كثير من الأمر لعنتم ، فأنتم والله أسخف رأياً ، وأطيش عقولاً ، اتهم رجل رأيه ، وانتصح كتاب الله ، فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به ، وانتهى إليه ، وإن ما سوى كتاب الله تغرير . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، قال : قال معمر ، تلا قتادة { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ } قال : فأنتم أسخف رأياً وأطيش أحلاماً ، ، فاتهم رجل رأيه ، وانتصح كتاب الله وكذلك كما قلنا أيضاً في تأويل قوله : { وَلَكِنَّ الله حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ } قالوا . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } قال : حببه إليهم وحسَّنه في قلوبهم . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله { وكَرَّهَ إلَيْكُمُ الكُفْرَ والفُسُوقَ وَالعِصْيانَ أولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً } قالوا أيضاً . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وكَرَّهَ الَيْكُمُ الكُفْرَ والفُسُوقَ } قال : الكذب والعصيان قال : عصيان النبيّ صلى الله عليه وسلم { أُولَئِكَ هُم الرَّاشدونَ } من أين كان هذا ؟ قال : فضل من الله ونعمة قال : والمنافقون سماهم الله أجمعين في القرآن الكاذبين قال : والفاسق : الكاذب في كتاب الله كله .