Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 105-105)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ } فأصلـحوها ، واعملوا فـي خلاصها من عقاب الله تعالـى ، وانظروا لها فـيـما يقرّبها من ربها ، فإنه { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ } يقول : لا يضرّكم من كفر وسلك غير سبـيـل الـحقّ إذا أنتـم اهتديتـم وآمنتـم بربكم وأطعتـموه فـيـما أمركم به وفـيـما نهاكم عنه ، فحرّمتـم حرامه وحللتـم حلاله . ونصب قوله : { أنْفُسَكُمْ } بـالإغراء ، والعرب تغري من الصفـات ب « علـيك » ، و « عندك » و « دونك » و « إلـيك » . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : يا أيها الذين آمنوا علـيكم أنفسكم إذا أمرتـم بـالـمعروف ونهيتـم عن الـمنكر فلـم يُقبل منكم ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنا سوّار بن عبد الله ، قال : ثنا أبـي ، قال : ثنا أبو الأشهب ، عن الـحسن : أن هذه الآية قرئت علـى ابن مسعود : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال ابن مسعود : لـيس هذا بزمانها ، قولوها ما قبلت منكم فإذا ردّت علـيكم فعلـيكم أنفسكم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن أبـي الأشهب ، عن الـحسن ، قال : ذكر عن ابن مسعود { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا } ثم ذكر نـحوه . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن يونس ، عن الـحسن ، قال : قال رجل لابن مسعود : ألـم يقل الله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } ؟ قال : لـيس هذا بزمانها ، قولوها ما قُبلت منكم فإذا ردّت علـيكم فعلـيكم أنفسكم . حدثنا الـحسن بن عرفة ، قال : ثنا شبـابة بن سوّار ، قال : ثنا الربـيع بن صبـيح ، عن سفـيان بن عقال ، قال : قـيـل لابن عمر : لو جلستَ فـي هذه الأيام فلـم تأمر ولـم تنه ، فإن الله تعالـى يقول : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال ابن عمر : إنها لـيست لـي ولا لأصحابـي ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا فلـيبلغ الشاهد الغائب " فكنا نـحن الشهود وأنتـم الغَيَب ، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لـم يقبل منهم . حدثنا أحمد بن الـمقدام ، قال : ثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان ، قال : سمعت أبـي ، قال : ثنا قتادة ، عن أبـي مازن قال : انطلقت علـى عهد عثمان إلـى الـمدينة ، فإذا قوم من الـمسلـمين جلوس ، فقرأ أحدهم هذه الآية : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ } فقال أكثرهم : لـم يجيءْ تأويـل هذه الآية الـيوم . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عمرو بن عاصم ، قال : ثنا الـمعتـمر ، عن أبـيه ، عن قتادة ، عن أبـي مازن ، بنـحوه . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر وأبو عاصم ، قالا : ثنا عوف ، عن سوّار بن شبـيب ، قال : كنت عند ابن عمر ، إذ أتاه رجل جلـيدٌ فـي العين ، شديد اللسان ، فقال : يا أبـا عبد الرحمن نـحن ستة كلهم قد قرءوا القرآن فأسرع فـيه ، وكلهم مـجتهد لا يألو ، وكلهم بغيض إلـيه أن يأتـي دناءة ، وهم فـي ذلك يشهد بعضهم علـى بعض بـالشرك . فقال رجل من القوم : وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهر بعضهم علـى بعض بـالشرك ؟ قال : فقال الرجل : إنـي لست إياك أسأل ، أنا أسأل الشيخ . فأعاد علـى عبد الله الـحديث ، فقال عبد الله بن عمر : لعلك ترى لا أبـا لك إنـي سآمرك أن تذهب فتقتلهم ؟ عظهم وانههم ، فإن عصوك فعلـيك بنفسك ، فإن الله تعالـى يقول : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ إلـى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَـيُنَبِّئُكمْ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الـحسن : أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : إن هذا لـيس بزمانها ، إنها الـيوم مقبولة ، ولكنه قد أوشك أن يأتـي زمان تأمرون بـالـمعروف فـيصنع بكم كذا وكذا أو قال : فلا يقبل منكم فحينئذ علـيكم أنفسكم ، لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتـم . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن رجل قال : كنت فـي خلافة عثمان بـالـمدينة فـي حلقة فـيهم أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فإذا فـيهم شيخ يُسْنِدُون إلـيه ، فقرأ رجل : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال الشيخ : إنـما تأويـلها آخر الزمان . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ثنا أبو مازن رجل من صالـحي الأزد من بنـي الـجدّان ، قال : انطلقت فـي حياة عثمان إلـى الـمدينة ، فقعدت إلـى حلقة فـيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ رجل من القوم هذه الآية { لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : فقال رجل من أسنّ القوم : دع هذه الآية ، فإنـما تأويـلها فـي آخر الزمان . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا ابن فضالة ، عن معاوية بن صالـح ، عن جبـير بن نفـير ، قال : كنت فـي حلقة فـيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنـي لأصغر القوم ، فتذاكروا الأمر بـالـمعروف والنهي عن الـمنكر ، فقلت أنا : ألـيس الله يقول فـي كتابه : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } ؟ فأقبلوا علـيّ بلسان واحد ، وقالوا : تنزع بآية من القرآن لا تعرفها ولا تدري ما تأويـلها حتـى تـمنـيت أنـي لـم أكن تكلـمت . ثم أقبلوا يتـحدثون فلـما حضر قـيامهم ، قالوا : إنك غلام حدث السنّ ، وإنك نزعت بآية لا تدري ما هي ، وعسى أن تدرك ذلك الزمان إذا رأيت شحًّا مطاعاً ، وهو متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعلـيك بنفسك لا يضرّك من ضلّ إذا اهتديت حدثنا هناد ، قال : ثنا لـيث بن هارون ، قال : ثنا إسحاق الرازي ، عن أبـي جعفر ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية ، عن عبد الله بن مسعود ، فـي قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ إلـى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جميعاً فَـيُنَبِّئُكُمْ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } قال : كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوساً ، فكان بـين رجلـين ما يكون بـين الناس ، حتـى قام كلّ واحد منهما إلـى صاحبه ، فقال رجل من جلساء عبد الله : ألا أقوم فآمرهما بـالـمعروف وأنهاهما عن الـمنكر ؟ فقال آخر إلـى جنبه : علـيك بنفسك ، فإن الله تعالـى يقول : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : فسمعها ابن مسعود ، فقال : مَهْ لـم يجىء تأويـل هذه بعدُ ، إن القرآن أنزل حيث أنزل ومنه آي قد مضى تأويـلهنّ قبل أن ينزلن ، ومنه ما وقع تأويـلهنّ علـى عهد النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، ومنه آي قد وقع تأويـلهنّ بعد النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـيسير ، ومنه آي يقع تأويـلهنّ بعد الـيوم ، ومنه آي يقع تأويـلهنّ عند الساعة علـى ما ذكر من أمر الساعة ، ومنه آي يقع تأويـلهنّ يوم الـحساب علـى ما ذكر من أمر الـحساب والـجنة والنار فما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة ولـم تلبسوا شيعاً ولـم يذق بعضكم بأس بعض ، فامروا وانهوا فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستـم شيعاً وذاق بعضكم بأس بعض ، فـامرؤ ونفسه ، فعند ذلك جاء تأويـل هذه الآية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي جعفر الرازي ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية ، عن ابن مسعود : أنه كان بـين رجلـين بعض ما يكون بـين الناس ، حتـى قام كلّ واحد منهما إلـى صاحبه ، ثم ذكر نـحوه . حدثنـي أحمد بن الـمقدام ، قال : ثنا حرمي ، قال : سمعت الـحسن يقول : تأوّل أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال بعض أصحابه : دعوا هذه الآية فلـيست لكم حدثنـي إسماعيـل بن إسرائيـل اللآل الرملـي ، قال : ثنا أيوب بن سويد ، قال : ثنا عتبة بن أبـي حكيـم ، عن عمرو بن خالد اللـخميّ ، عن أبـي أمية الشعبـانـي ، قال : سألت أبـا ثعلبة الـخشنـي عن هذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ } فقال : لقد سألتَ عنها خبـيراً ، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أبـا ثَعْلَبَةَ ائْتَـمِرُوا بـالـمَعْرُوفِ ، وَتَناهَوْا عَنِ الـمُنْكَرِ ، فإذَا رأيْتَ دُنْـيا مُؤْثَرَةً وشُحًّا مُطاعاً وإعْجابَ كُلّ ذِي رأي بِرأيِهِ ، فَعَلَـيْكَ نَفْسَكَ أرَى مِنْ بَعْدِ كُمْ أيَّامَ الصّبرِ ، للـمُتَـمَسِّكِ يَوْمَئِذٍ بِـمِثْلِ الَّذِي أنْتُـمْ عَلَـيْهِ كأجْرِ خَمْسِينَ عامِلاً " . قالوا : يا رسول الله ، كأجر خمسين عاملاً منهم ؟ قال : " لا ، كأجْرِ خَمْسِينَ عامِلاً مِنْكُمْ " . حدثنا علـيّ بن سهل ، قال : أخبرنا الولـيد بن مسلـم ، عن ابن الـمبـارك وغيره ، عن عتبة بن أبـي حكيـم ، عن أبـي أمية الشعبـانـي ، قال : سألت أبـا ثعلبة الـخشنـي : كيف نصنع بهذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } ؟ فقال أبو ثعلبة : سألتَ عنها خبـيراً ، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ائْتَـمِرُوا بـالـمَعْرُوفِ ، وَتَناهَوْا عَنِ الـمُنْكَرِ ، حتـى إذَا رأيْتَ شُحَّا مُطاعاً وَهَوًى مُتَّبَعاً وإعْجابَ كُلِّ ذِي رأي بِرأيِهِ ، فَعَلَـيْكَ بِخُوَيْصَةِ نَفْسِكَ ، وَذَرْ عَوَامَّهُمْ فإنَّ وَرَاءَكُمْ أيَّاماً أجْرُ العامِلِ فِـيها كأجْرِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ " . وقال آخرون : معنى ذلك : أن العبد إذا عمل بطاعة الله لـم يضرّه من ضلّ بعده وهلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ } يقول : إذا ما العبد أطاعنـي فـيـما أمرته من الـحلال والـحرام ، فلا يضرّه من ضلّ بعدُ إذا عمل بـما أمرته به . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } يقول : أطيعوا أمري ، واحفظوا وصيتـي . حدثنا هناد ، قال : ثنا لـيث بن هارون ، قال : ثنا إسحاق الرازي ، عن أبـي جعفر الرازي ، عن صفوان بن الـجون ، قال : دخـل علـيه شاب من أصحاب الأهواء ، فذكر شيئاً من أمره ، فقال صفوان : ألا أدلك علـى خاصة الله التـي خصّ بها أولـياءه { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ } … الآية . حدثنا عبد الكريـم بن أبـي عمير ، قال : ثنا أبو الـمطرف الـمخزوميّ ، قال : ثنا جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } ما لـم يكن سيف أو سوط . حدثنا علـيّ بن سهل ، قال : ثنا مرّة بن ربـيعة ، قال : تلا الـحسن هذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال الـحسن : الـحمد لله بها والـحمد لله علـيها ، ما كان مؤمن فـيـما مضى ولا مؤمن فـيـما بقـي إلا وإلـى جانبه منافق يكره عمله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ } فـاعملوا بطاعة الله { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فأمَرتـم بـالـمعروف ونهيتـم عن الـمنكر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلـم ، عن عنبسة ، عن سعد البقال ، عن سعيد بن الـمسيب : { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : إذا أمرتَ بـالـمعروف ونهيت عن الـمنكر ، لا يضرّك من ضلّ إذا اهتديت . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن يـمان ، عن سفـيان ، عن أبـي العميس ، عن أبـي البختري ، عن حذيفة : { عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : إذا أمرتـم ونهيتـم . حدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن ابن أبـي خالد ، عن قـيس بن أبـي حازم ، قال : قال أبو بكر : تقرءون هذه الآية : { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } وإن الناس إذا رأوا الظالـم قال ابن وكيع : فلـم يأخذوا علـى يديه ، أوشكَ أن يعمّهم الله بعقابه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير وابن فضيـل ، عن بـيان ، عن قـيس ، قال : قال أبو بكر : إنكم تقرءون هذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } وإن القوم إذا رأوا الظالـم فلـم يأخذوا علـى يديه ، يعمهم الله بعقابه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن إسماعيـل ، عن قـيس ، عن أبـي بكر ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر نـحوه . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } يقول : مروا بـالـمعروف وانهوا عن الـمنكر . قال أبو بكر بن أبـي قحافة : يا أيها الناس لا تغترّوا بقول الله : { عَلـيكُمْ أنْفُسَكُمْ } فـيقول أحدكم علـيّ نفسي . والله لتأمرنّ بـالـمعروف وتنهونّ عن الـمنكر أو لتستعملنّ علـيكم شراركم فلـيسومنكم سوء العذاب ، ثم لـيدعون الله خياركم فلا يستـجيب لهم . حدثنا أبو هشام الرفـاعي ، قال : ثنا ابن فضيـل ، قال : ثنا بـيان ، عن قـيس بن أبـي حازم ، قال : قال أبو بكر وهو علـى الـمنبر : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية علـى غير موضعها : { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } وإن الناس إذا رأوا الظالـم فلـم يأخذوا علـى يديه ، عمهم الله بعقابه . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنـي عيسى بن الـمسيب البجلـي ، ثنا قـيس بن أبـي حازم ، قال : سمعت أبـا بكر الصدّيق رضي الله عنه يقرأ هذه الآية : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذَا رأى النَّاسُ الـمُنْكَرَ فَلَـمْ يُغَيِّرُوهُ والظَّالِـمَ فَلَـمْ يَأْخُذُوا علـى يَدَيْهِ ، فَـيُوشِكُ أنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقابٍ " . حدثنا الربـيع ، قال : ثنا أسد بن موسى ، قال : ثنا سعيد بن سالـم ، قال : ثنا منصور بن دينار ، عن عبد الـملك بن ميسرة ، عن قـيس بن أبـي حازم ، قال : صعد أبو بكر الـمنبر ، منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى علـيه ، ثم قال : يا أيها الناس إنكم لتتلون آية من كتاب الله ، وتعدّونها رخصة والله ما أنزل الله فـي كتابه أشدّ منها : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } والله لتأمرنّ بـالـمعروف ، ولتنهونّ عن الـمنكر ، أو لـيعمنكم الله منه بعقاب . حدثنا مـحمد بن سيَّار ، قال : ثنا إسحاق بن إدريس ، قال : ثنا سعيد بن زيد ، قال : ثنا مـجالد بن سعيد ، عن قـيس بن أبـي حازم ، قال : سمعت أبـا بكر يقول وهو يخطب الناس : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية ، ولا تدرون ما هي : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } وإنـي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ النَّاسَ إذَا رَأوْا مُنْكَراً فَلَـمْ يُغَيِّرُوهُ عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ " . وقال آخرون : بل معنى هذه الآية : لا يضرّكم من حاد عن قصد السبـيـل وكفر بـالله من أهل الكتاب . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : يعنـي : من ضلّ من أهل الكتاب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جبـير فـي هذه الآية : { لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : أنزلت فـي أهل الكتاب . وقال آخرون : عنـي بذلك كلّ من ضلّ عن دين الله الـحقّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } قال : كان الرجل إذا أسلـم ، قالوا له : سفَّهت آبـاءك وضللَّتهم ، وفعلت وفعلت ، وجعلت آبـاءك كذا وكذا ، كان ينبغي لك أن تنصرهم وتفعل فقال الله تعالـى : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } . وأولـى هذه الأقوال ، وأصحّ التأويلات عندنا بتأويـل هذه الآية ما رُوي عن أبـي بكر الصدّيق فـيها ، وهو : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَـيْكُمْ أنْفُسَكُمْ } : الزموا العمل بطاعة الله ، وبـما أمركم به ، وانتهوا عما نهاكم الله عنه . { لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُـمْ } يقول : فإنه لا يضرّكم ضلال من ضلّ إذا أنتـم رمتـم العمل بطاعة الله ، وأدّيتـم فـيـمن ضلّ من الناس ما ألزمكم الله به فـيه من فرض الأمر بـالـمعروف والنهي عن الـمنكر ، الذي يركبه أو يحاول ركوبه ، والأخذ علـى يديه إذا رام ظلـماً لـمسلـم أو معاهد ومنعه منه فأبى النزوع عن ذلك ، ولا ضير علـيكم فـي تـماديه فـي غيه وضلاله إذا أنتـم اهتديتـم وأدّيتـم حقّ الله تعالـى فـيه . وإنـما قلنا ذلك أولـى التأويلات فـي ذلك بـالصواب ، لأن الله تعالـى أمر الـمؤمنـين أن يقوموا بـالقسط ويتعاونوا علـى البرّ والتقوى ومن القـيام بـالقسط : الأخذ علـى يد الظالـم ومن التعاون علـى البرّ والتقوى : الأمر بـالـمعروف . وهذا مع ما تظاهرت به الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره بـالأمر بـالـمعروف والنهي عن الـمنكر ولو كان للناس تَرْك ذلك ، لـم يكن للأمر به معنى إلا فـي الـحال التـي رخص فـيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك ذلك ، وهي حال العجز عن القـيام به بـالـجوارح الظاهرة فـيكون مرخصاً له تركه إذا قام حينئذ بأداء فرض الله علـيه فـي ذلك بقلبه . وإذا كان ما وصفنا من التأويـل بـالآية أولـى ، فبـيِّن أنه قد دخـل فـي معنى قوله : { إذا اهْتَدَيْتُـمْ } ما قاله حذيفة وسعيد بن الـمسيب ، من أن ذلك : أذا أمرتـم بـالـمعروف ونهيتـم عن الـمنكر ، ومعنى ما رواه أبو ثعلبة الـخشنـي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { إلـى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَـيُنَبِّئُكُمْ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } . يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين من عبـاده : اعملوا أيها الـمؤمنون بـما أمرتكم به ، وانتهوا عما نهيتكم عنه ، ومروا أهل الزيغ والضلال وما حاد عن سبـيـلـي بـالـمعروف ، وانهوهم عن الـمنكر فإن قبلوا فلهم ولكم ، وإن تـمادوا فـي غيهم وضلالهم فإن إلـيّ مرجع جميعكم ومصيركم فـي الآخرة ومصيرهم ، وأنا العالـم بـما يعمل جميعكم من خير وشرّ ، فأُخبر هناك كلّ فريق منكم بـما كان يعمله فـي الدنـيا ثم أجازيه علـى عمله الذي قدم به علـيّ جزاءه حسب استـحقاقه ، فإنه لا يخفـى علـيّ عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى .