Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 27-27)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : واتل علـى هؤلاء الـيهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إلـيكم ، علـيك وعلـى أصحابك معك ، وعرّفهم مكروه عاقبة الظلـم والـمكر ، وسوء مغبة الـجور ونقض العهد ، وما جزاء الناكث وثواب الوافـي ، خَبَرَ ابنـي آدم هابـيـل وقابـيـل ، وما آل إلـيه أمر الـمطيع منهما ربه الوافـي بعهده ، وما إلـيه صار أمر العاصي منهما ربه الـجائر الناقض عهده فلتعرف بذلك الـيهود وخامة غبّ عدوهم ، ونقضهم ميثاقهم بـينك وبـينهم ، وهمهم بـما هموا به من بسط أيديهم إلـيك وإلـى أصحابك . فإن لك ولهم فـي حسن ثوابـي وعظم جزائي علـى الوفـاء بـالعهد الذي جازيت الـمقتول الوافـيَ بعهده من ابنـي آدم ، وعاقبت به القاتل الناكث عهده عزاء جميلاً . واختلف أهل العلـم فـي سبب تقريب ابنـي آدم القربـان ، وسبب قبول الله عزّ وجلّ ما تقبل منه ، ومن اللذان قرَّبـا ؟ فقال بعضهم : كان ذلك عن أمر الله جلّ وعزّ إياهما بتقريبه . وكان سبب القبول أن الـمتقبل منه قرب خير ماله وقرّب الآخر شرّ ماله ، وكان الـمقرّبـان ابنـي آدم لصلبه أحدهما : هابـيـل ، والآخر قابـيـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبـي جعفر ، عن هشام بن سعيد ، عن إسماعيـل بن رافع ، قال : بلغنـي أن ابنـي آدم لـما أمرا بـالقربـان ، كان أحدهما صاحب غنـم ، وكان أُنِتـج له حَمَل فـي غنـمه ، فأحبه حتـى كان يؤثره بـاللـيـل ، وكان يحمله علـى ظهره من حبه ، حتـى لـم يكن له مال أحبّ إلـيه منه فلـما أمر بـالقربـان ، قرّبه لله فقبله الله منه ، فما زال يرتع فـي الـجنة حتـى فدَى به ابن إبراهيـم صلى الله عليه وسلم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا عوف ، عن أبـي الـمغيرة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن ابنـي آدم اللذين قرّبـا قربـاناً فتقبل من أحدهما ولـم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث ، والآخر صاحب غنـم ، وأنهما أمرا أن يقرّبـا قربـاناً وإن صاحب الغنـم قرّب أكرم غنـمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه ، وإن صاحب الـحرث قرّب شرّ حرثه الكَوْزَن والزُّوَان غير طيبة بها نفسه وإن الله تقبل قربـان صاحب الغنـم ولـم يتقبل قربـان صاحب الـحرث . وكان من قصتهما ما قصّ الله فـي كتابه ، وقال : ايْـمُ الله إن كان الـمقتول لأشدّ الرجلـين ، ولكن منعه التـحرّج أن يبسط يده إلـى أخيه وقال آخرون : لـم يكن ذلك من أمرهما عن أمر الله إياهما به . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : حدثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قال : كان من شأنهما أنه لـم يكن مسكين فـيتصدّق علـيه ، وإنـما كان القربـان يقربه الرجل . فبَـيْنا ابنا آدم قاعدان ، إذ قالا : لو قربنا قربـاناً وكان الرجل إذا قرّب قربـاناً فرضيه الله أرسل إلـيه ناراً فأكلته ، وإن لـم يكن رضيه الله خبت النار . فقرّبـا قربـاناً ، وكان أحدهما راعياً ، وكان الآخر حراثاً ، وإن صاحب الغنـم قرّب خير غنـمه وأسمنها وقرّب الآخر أبغض زرعه ، فجاءت النار ، فنزلت بـينهما ، فأكلت الشاة وتركت الزرع . وإن ابن آدم قال لأخيه : أتـمشي فـي الناس وقد علـموا أنك قرّبت قربـاناً فتقبل منك وردّ علـيّ ؟ فلا والله ، لا تنظر الناس إلـيّ وإلـيك وأنت خير منـي فقال : لأقتلنك فقال له أخوه : ما ذنبـي ، إنـما يتقبل الله من الـمتقـين . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، قال : ثنا ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله : { إذْ قَرَبـا قُرْبـاناً } قال : ابنا آدم هابـيـل وقابـيـل لصلب آدم ، فقرّب أحدهما شاة وقرّب الآخر بقلاً ، فقبل من صاحب الشاة ، فقتله صاحبه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق إذْ قَرَّبـا قُرْبـاناً } قال : هابـيـل وقابـيـل ، فقرب هابـيـل عَنَاقاً من أحسن غنـمه ، وقرّب قابـيـل زرعاً من زرعه . قال : فأكلت النار العناق ، ولـم تأكل الزرع ، فـ { قال لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إنَّـما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا رجل سمع مـجاهداً فـي قوله : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق إذْ قَرَّبـا قُرْبـاناً } قال : هو هابـيـل وقابـيـل لصلب آدم ، قرّبـا قربـاناً ، قرب أحدهما شاة من غنـمه وقرّب الآخر بقلاً ، فتقبل من صاحب الشاة ، فقال لصاحبه : لأقتلنك فقتله ، فعقل الله إحدى رجلـيه بساقها إلـى فخذها إلـى يوم القـيامة ، وجعل وجهه إلـى الشمس حيثما دارت علـيه حظيرة من ثلـج فـي الشتاء وعلـيه فـي الصيف حظيرة من نار ، ومعه سبعة أملاك كلـما ذهب ملك جاء الآخر . حدثنا سفـيان ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ح . وحدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق إذْ قَرَّبـا قُرْبـاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أحَدِهِما ولَـمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } قال : قرّب هذا كبشاً وقرّب هذا صُبْرة من طعام فتقبل من أحدهما . قال : تقبّل من صاحب الشاة ولـم يتقبل من الآخر . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق إذْ قَرَّبـا قُرْبـاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أحَدهِما وَلـمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } كان رجلان من بنـي آدم ، فتقبل من أحدهما ولـم يتقبل من الآخر . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبـيد الله ، عن فضيـل بن مرزوق ، عن عطية : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق } قال : كان أحدهما اسمه قابـيـل والآخر هابـيـل أحدهما صاحب غنـم ، والآخر صاحب زرع ، فقرّب هذا من أمثل غنـمه حَمَلاً ، وقرّب هذا من أردإ زرعه . قال : فنزلت النار ، فأكلت الـحَمَل ، فقال لأخيه : لأقتلنك حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلـم بـالكتاب الأوّل : أن آدم أمر ابنه قابـيـل أن ينكح أخته توأمة هابـيـل ، وأمر هابـيـل أن ينكح أخته توأمة قابـيـل . فسلـم لذلك هابـيـل ورضى ، وأبـى قابـيـل ذلك وكرهه ، تكرماً عن أخت هابـيـل ، ورغب بأخته عن هابـيـل ، وقال : نـحن ولادة الـجنة وهما من ولادة الأرض ، وأنا أحقّ بأختـي ويقول بعض أهل العلـم بـالكتاب الأوّل : كانت أخت قابـيـل من أحسن الناس ، فضنّ بها علـى أخيه وأرادها لنفسه ، فـالله أعلـم أيّ ذلك كان . فقال له أبوه : يا بنـيّ إنها لا تـحلّ لك فأبى قابـيـل أن يقبل ذلك من قول أبـيه ، فقال له أبوه : يا بنـيّ فقرّب قربـاناً ، ويقرّب أخوك هابـيـل قربـاناً ، فأيكما قبل الله قربـانه فهو أحقّ بها . وكان قابـيـل علـى بَذْر الأرض ، وكان هابـيـل علـى رعاية الـماشية ، فقرّب قابـيـل قمـحاً وقرّب هابـيـل أبكاراً من أبكار غنـمه وبعضهم يقول : قرّب بقرة فأرسل الله ناراً بـيضاء ، فأكلت قربـان هابـيـل وتركت قربـان قابـيـل ، وبذلك كان يقبل القربـان إذا قبله . حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـيـما ذكر عن أبـي مالك ، وعن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس . وعن مرّة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم : كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوّج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوّج جارية هذا البطن غلام البطن هذا الآخر . حتـى ولد له ابنان يقال لهما : قابـيـل ، وهابـيـل ، وكان قابـيـل صاحب زرع ، وكان هابـيـل صاحب ضرع . وكان قابـيـل أكبرهما ، وكان له أخت أحسن من أخت هابـيـل . وإن هابـيـل طلب أن ينكح أخت قابـيـل ، فأبى علـيه وقال : هي أختي ولدت معي ، وهي أحسن من أختك ، وأنا أحقّ أن أتزوّجها . فأمره أبوه أن يزوّجها هابـيـل فأبى . وإنهما قرّبـا قربـاناً إلـى الله أيهما أحقّ بـالـجارية ، وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما إلـى مكة ينظر إلـيها ، قال الله لآدم : يا آدم ، هل تعلـم أن لـي بـيتاً فـي الأرض ؟ قال : اللهمّ لا قال : فإن لـي بـيتاً بـمكة فأته فقال آدم للسماء : احفظي ولدي بـالأمانة ، فأبت . وقال للأرض فأبت ، وقال للـجبـال فأبت ، وقال لقابـيـل ، فقال : نعم تذهب وترجع وتـجد أهلك كما يسرّك . فلـما انطلق آدم قرّبـا قربـاناً ، وكان قابـيـل يفخر علـيه ، فقال : أنا أحقّ بها منك ، هي أختـي ، وأنا أكبر منك ، وأنا وصيّ والديّ . فلـما قرّبـا ، قرّب هابـيـل جذعة سمينة ، وقرّب قابـيـل حُزمة سنبل ، فوجد فـيها سنبلة عظيـمة ففركها فأكلها . فنزلت النار فأكلت قربـان هابـيـل ، وتركت قربـان قابـيـل ، فغضب وقال : لأقتلنك حتـى لا تنكح أختـي فقال هابـيـل { إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحَقِّ } ذكر لنا أنهما هابـيـل وقابـيـل . فأما هابـيـل فكان صاحب ماشية ، فعمد إلـى خير ماشيته ، فتقرّب بها ، فنزلت علـيه نار فأكلته . وكان القربـان إذا تقبل منهم نزلت علـيه نار فأكلته ، وإذا ردّ علـيهم أكلته الطير والسبـاع . وأما قابـيـل فكان صاحب زرع ، فعمد إلـى أردإ زرعه ، فتقرّب به ، فلـم تنزل علـيه النار ، فحسد أخاه عند ذلك فقال : { لاَءَقْتُلَنَّكَ قالَ إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فـي قوله : وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحَقِّ قال : هما قابـيـل وهابـيـل . قال : كان أحدهما صاحب زرع والآخر صاحب ماشية ، فجاء أحدهما بخير ماله وجاء الآخر بشرّ ماله ، فجاءت النار ، فأكلت قربـان أحدهما وهو هابـيـل ، وتركت قربـان الآخر ، فحسده فقال : لأقتلنك حدثنا سفـيان ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن سفـيان ، عن منصور ، عن مـجاهد : { إذْ قَرّبـا قُرْبـاناً } قال : قرّب هذا زرعاً وذا عناقاً ، فتركت النار الزرع وأكلت العناق . وقال آخرون : اللذان قرّبـا قربـاناً وقصّ الله عزّ ذكره قصصهما فـي هذه الآية ، رجلان من بنـي إسرائيـل لا من ولد آدم لصلبه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الـحسن ، قال : كان الرجلان اللذان فـي القرآن ، اللذان قال الله : { وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأ ابْنَـيْ آدَم بِـالَـحِّق } من بـني إسرائيـل ، ولـم يكونا ابنـي آدم لصلبه ، وإنـما كان القربـان فـي بنـي إسرائيـل ، وكان آدم أوّل من مات . وأولـى القولـين فـي ذلك عندي بـالصواب ، أن اللذين قرّبـا القربـان كان ابنـي آدم لصلبه ، لا من ذريته من بنـي إسرائيـل . وذلك أن الله عزّ وجلّ يتعالـى عن أن يخاطب عبـاده بـما لا يفـيدهم به فـائدة ، والـمخاطبون بهذه الآية كانوا عالـمين أن تقريب القربـان لله لـم يكن إلا فـي ولد آدم دون الـملائكة والشياطين وسائر الـخـلق غيرهم . فإذا كان معلوماً ذلك عندهم ، فمعقول أنه لو لـم يكن معنـياً بـابنـي آدم اللذين ذكرهما الله فـي كتابه ابناه لصلبه ، لـم يفدْهم بذكره جلّ جلاله إياهما فـائدة لـم تكن عندهم . وإذا كان غير جائز أن يخاطبهم خطابـاً لا يفـيدهم به معنى ، فمعلوم أنه عنى ابنـي آدم لصلبه ، لا ابنـي بنـيه الذين بَعُد منه نسبهم مع إجماع أهل الأخبـار والسير والعلـم بـالتأويـل علـى أنهما كانا ابنـي آدم لصلبه وفـي عهد آدم وزمانه ، وكفـى بذلك شاهداً . وقد ذكرنا كثـيراً مـمن نصّ عنه القول بذلك ، وسنذكر كثـيراً مـمن لـم يذكر إن شاء الله . حدثنا مـجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : ثنا حسام بن مصكّ ، عن عمار الدهنـيّ ، عن سالـم بن أبـي الـجعد ، قال : لـما قتل ابن آدم أخاه ، مكث آدم مائة سنة حزيناً لا يضحك ، ثم أتـى فقـيـل له : حيّاك الله وبـيّاك فقال : بـيَّاك : أضحكك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن أبـي إسحاق الهمدانـي ، قال : قال علـيّ بن أبـي طالب رضوان الله علـيه : لـما قتل ابن آدم أخاه ، بكى آدم فقال : @ تَغَيَّرَتِ البلادُ وَمَنْ عَلَـيْها فَلَوْنُ الأرْضِ مُغْبَرٌّ قَبـيحُ تَغَيَّرَ كلُّ ذي لوْنٍ وطَعْمٍ وَقَلَّ بَشاشَةُ الوَجْهِ الـمَلِـيحَ @@ فأجيب آدم علـيه السلام : @ أبـا هابِـيـلَ قَدْ قُتِلا جَمِيعاً وصَارَ الـحَيُّ كالـمَيْتِ الذَّبِـيحِ وجاءَ بِشَرّةٍ قدْ كانَ مِنْها علـى خَوْفٍ فجاءَ بها يصيحُ @@ وأما القول فـي تقريبهما ما قرّبـا ، فإن الصواب فـيه من القول أن يقال : إن الله عزّ ذكره أخبر عبـاده عنهما أنهما قد قرّبـا ، ولـم يخبر أن تقريبهما ما قرّبـا كان عن أمر الله إياهما به ولا عن غير أمره . وجائز أن يكون كان عن أمر الله إياهما بذلك ، وجائز أن يكون عن غير أمره . غير أنه أيّ ذلك كان فلـم يقرّبـا ذلك إلا طلب قربة إلـى الله إن شاء الله . وأما تأويـل قوله : { قالَ لأقْتُلَنَّكَ } فإن معناه : قال الذي لـم يتقبل منه قربـانه للذي تقبل منه قربـانه : لأقتلنك فترك ذكر الـمتقبل قربـانه والـمردود علـيه قربـانه ، استغناء بـما قد جرى من ذكرهما عن إعادته ، وكذلك ترك ذكر الـمقبل قربـانه مع قوله : { قالَ إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك رُوِى الـخبر عن ابن عبـاس : حدثنا مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { قالَ لاَءَقْتُلَنَّكَ } فقال له أخوه : ما ذنبـي { إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } قال : يقول : إنك لو اتقـيت الله فـي قربـانك تقبل منك ، جئت بقربـان مغشوش بأشرّ ما عندك ، وجئت أنا بقربـان طيب بخير ما عندي قال : وكان قال : يتقبل الله منك ولا يتقبل منـي . ويعنـي بقوله : { مِنَ الـمُتَّقِـينَ } : من الذين اتقوا الله وخافوه بأداء ما كلفهم من فرائضه واجتناب ما نهاهم عنه من معصيته . وقد قال جماعة من أهل التأويـل : الـمتقون فـي هذا الـموضع الذين اتقوا الشرك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، عن الضحاك ، قوله : { إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } الذين يتقون الشرك . وقد بـينا معنى القربـان فـيـما مضى ، وأنه الفعلان من قول القائل : قرَّب ، كما الفرقان : الفعلان من فرّق ، والعدوان من عدا . وكانت قرابـين الأمـم الـماضية قبل أمتنا كالصدقات والزكوات فـينا ، غير أن قرابـينهم كان يعلـم الـمتقبَّل منها وغير الـمتقبل فـيـما ذكر بأكل النار ما تقبل منها وترك النار ما لـم يتقبل منها . والقربـان فـي أمَّتنا : الأعمال الصالـحة : من الصلاة ، والصيام ، والصدقة علـى أهل الـمسكنة ، وأداء الزكاة الـمفروضة ، ولا سبـيـل لها إلـى العلـم فـي عاجل بـالـمتقبل منها والـمردود . وقد ذكر عن عامر بن عبد الله العنبري ، أنه حين حضرته الوفـاة بكى ، فقـيـل له : ما يبكيك ، فقد كنت وكنت ؟ فقال : يبكينـي أنـي أسمع الله يقول : { إنَّـمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الـمُتَّقِـينَ } . حدثنـي بذلك مـحمد بن عمر الـمقدمي ، قال : ثنـي سعيد بن عامر ، عن همام ، عمن ذكره ، عن عامر . وقد قال بعضهم : قربـان الـمتقـين : الصلاة . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن عمران بن سلـيـم ، عن عديّ بن ثابت ، قال : كان قربـان الـمتقـين : الصلاة .