Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 30-30)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي جلّ ثناؤه بقوله { فَطَوَّعَتْ } : فأقامته وساعدته علـيه . وهو « فَعَّلْت » من الطوع ، من قول القائل : طاعنـي هذا الأمر : إذا انقاد له . وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : فشجعت له نفسه قتل أخيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي نصر بن عبد الرحمن الأودي ومـحمد بن حميد ، قالا : ثنا حكام بن سلـم ، عن عنبسة بن أبـي لـيـلـى ، عن القاسم بن أبـي بزة ، عن مـجاهد : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } قال : شجعت . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } قال : فشجعته . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ } قال : شجعته علـى قتل أخيه . وقال آخرون : معنى ذلك : زينت له . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } قال : زينت له نفسه قتل أخيه ، فقتله . ثم اختلفوا فـي صيغة قتله إياه كيف كانت ، والسبب الذي من أجله قتله . فقال بعضهم : وجده نائماً فشَدَخ رأسه بصخرة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ فـيـما ذكر عن أبـي مالك ، وعن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس . وعن مرّة ، عن عبد الله . وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلُ أخيهِ } فطلبه لـيقتله ، فراغ الغلام منه فـي رؤوس الـجبـال . وأتاه يوماً من الأيام وهو يرعى غنـماً له فـي جبل وهو نائم ، فرفع صخرة فشدخ بها رأسه ، فمات ، فتركه بـالعراء . وقال بعضهم ، ما : حدثنـي مـحمد بن عمر بن علـيّ ، قال : سمعت أشعث السجِستانـي يقول : سمعت ابن جريج قال : ابن آدم الذي قتل صاحبه لـم يدر كيف يقتله ، فتـمثل إبلـيس له فـي هيئة طير ، فأخذ طيراً فقصع رأسه ، ثم وضعه بـين حجرين فشدَخَ رأسه ، فعلَّـمه القتل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قتله حين يرعى الغنـم ، فأتـى فجعل لا يدري كيف يقتله ، فَلَوى برقبته وأخذ برأسه . فنزل إبلـيس ، وأخذ دابة أو طيراً ، فوضع رأسه علـى حجر ، ثم أخذ حجراً آخر فرضخ به رأسه ، وابن آدم القاتل ينظر ، فأخذ أخاه ، فوضع رأسه علـى حجر وأخذ حجراً آخر فرضخ به رأسه . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا رجل سمع مـجاهداً يقول ، فذكر نـحوه . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قال : لـما أكلت النار قربـان ابن آدم الذي تقبِّل قربـانه ، قال الآخر لأخيه : أتـمشي فـي الناس وقد علـموا أنك قرّبت قربـاناً فتقبل منك وردّ علـيّ ؟ والله لا تنظر الناس إلـيّ وإلـيك وأنت خير منـي فقال : لأقتلنك فقال له أخوه : ما ذنبـي { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ المائدة : 27 ] ؟ فخوّفه بـالنار ، فلـم ينته ولـم ينزجر ، فطوّعت له نفسه قتل أخيه ، فقتله فأصبح من الـخاسرين . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي عبد الله بن عثمان بن خثـيـم ، قال : أقبلت مع سعيد بن جبـير أرمي الـجمرة وهو متقنع متوكىء علـى يديّ ، حتـى إذا وازينا بـمنزل سمرة الصرّاف ، وقـف يحدثنـي عن ابن عبـاس ، قال : نُهي أن ينكح الـمرأة أخوها توأمها وينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد فـي كلّ بطن رجل وامرأة ، فولدت امرأة وسيـمة ، وولدت امرأة دميـمة قبـيحة ، فقال أخو الدميـمة : أنكحنـي أختك وأنكحك أختـي قال : لا ، أنا أحقّ بأختـي . فقرّبـا قربـاناً فتقبل من صاحب الكبش ، ولـم يتقبل من صاحب الزرع ، فقتله . فلـم يزل ذلك الكبش مـحبوساً عند الله حتـى أخرجه فـي فداء إسحاق ، فذبحه علـى هذا الصفـا فـي ثَبِـيِر عند منزل سَمُرة الصراف ، وهو علـى يـمينك حين ترمي الـجمار . قال ابن جريج : وقال آخرون بـمثل هذه القصة . قال : فلـم يزل بنو آدم علـى ذلك حتـى مضى أربعة آبـاء ، فنكح ابنة عمه ، وذهب نكاح الأخوات . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال : إن الله عزّ ذكره قد أخبر عن القاتل أنه قتل أخاه ، ولا خبر عندنا يقطع العذر بصفته قتله إياه . وجائز أن يكون علـى نـحو ما قد ذكر السديّ فـي خبره ، وجائز أن يكون كان علـى ما ذكره مـجاهد ، والله أعلـم أيّ ذلك كان ، غير أن القتل قد كان لا شكّ فـيه . وأما قوله : { فأصْبَحَ مِنَ الـخاسِرِينَ } فإن تأويـله : فأصبح القاتل أخاه من ابنـي آدم من حزب الـخاسرين ، وهم الذين بـاعوا آخرتهم بدنـياهم بإيثارهم إياها علـيها فوُكسوا فـي بـيعهم وغُبنوا فـيه ، وخابوا فـي صفقتهم .