Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 44-44)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : إنا أنزلنا التوراة فـيها بـيان ما سألك هؤلاء الـيهود عنه من حكم الزانـيـين الـمـحصنـين ، { ونُورٌ } يقول : وفـيها جلاء ما أظلـم علـيهم وضياء ما التبس من الـحكم . { يَحْكُمُ بها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَـمُوا } يقول : يحكم بحكم التوراة فـي ذلك : أي فـيـما احتكموا إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـيه من أمر الزانـيـين النبـيون الذين أسلـموا ، وهم الذين أذعنوا الـحكم الله وأقرّوا به . وإنـما عنى الله تعالـى ذكره بذلك نبـينا مـحمداً صلى الله عليه وسلم فـي حكمه علـى الزانـيـين الـمـحصنـين من الـيهود بـالرجم ، وفـي تسويته بـين دم قتلـى النضير وقُريظة فـي القصاص والدية ، ومَنْ قبل مـحمد من الأنبـياء يحكم بـما فـيها من حكم الله . كما : حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { إنَّا أنْزَلْنا التَّوْرَاةَ فِـيها هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أسْلَـمُوا } يعنـي النبـيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لـما أنزلت هذه الآية : " نَـحْنُ نَـحْكُمُ علـى الـيَهُودِ وَعلـى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أهْلِ الأدْيانِ " حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : ثنا رجل من مزينة ونـحن عند سعيد بن الـمسيب ، عن أبـي هريرة قال : زنى رجل من الـيهود بـامرأة ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلـى هذا النبـيّ فإنه نبـيّ بعث بتـخفـيف ، فإن أفتانا بفتـيا دون الرجم قبلناها واحتـججنا بها عند الله وقلنا : فتـيا نبـيّ من أنبـيائك قال : فأتوا النبـيّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس فـي الـمسجد فـي أصحابه ، فقالوا : يا أبـا القاسم ما تقول فـي رجل وامرأة منهم زنـيا ؟ فلـم يكلـمهم كلـمة ، حتـى أتـى بـيت الـمِدْراس ، فقام علـى البـاب ، فقال : " أَنْشُدُكُمْ بـاللَّهِ الَّذِي أنْزَلَ التَّوْرَاةَ علـى مُوسَى ما تَـجِدُونَ فِـي التَّوْرَاةِ علـى مَنْ زَنى إذَا أُحْصِنَ ؟ " قالوا : يُحَمَّـمـم ويُجَبَّهُ ويجلد والتـجبـيه : أن يحمل الزانـيان علـى حمار تقابل أقـفـيتهما ، ويطاف بهما وسكت شاب ، فلـما رآه سكت ألظّ به النِّشْدة ، فقال : اللهمّ إذ نَشَدْتنا ، فإنا نـجد فـي التوراة الرجم . فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " فَمَا أوَّلُ ما ارْتُـخِصَ أمْرُ اللَّهِ ؟ " قال : زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم ، ثم زنـي رجل فـي أسرة من الناس ، فأراد رجمه ، فحال قومه دونه ، وقالوا : لا ترجم صاحبنا حتـى تـجيء بصاحبك فترجمه ، فـاصطلـحوا علـى هذه العقوبة بـينهم . قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " فإنّى أحْكُم بِـمَا فِـي التَّوْرَاةِ " فأمِر بهما فرجما . قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فـيهم { إنَّا أنْزَلْنا التَّوْرَاةَ فِـيها هُدًّى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أسْلَـمُوا } فكان النبـيّ منهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله : { يَحْكُمُ بِها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أسْلَـمُوا } النبـيّ صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبـياء يحكمون بـما فـيها من الـحقّ . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن عوف ، عن الـحسن فـي قوله : { يَحْكُمُ بِها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أسْلَـمُوا } يعنـي النبـيّ صلى الله عليه وسلم . { لِلَّذِينَ هادُوا } يعنـي الـيهود ، فـاحكم بـينهم ولا تـخشهم . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَالرَّبـانِـيُّونَ وَالأحْبـارُ بِـمَا اسْتُـحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وكانُوا عَلَـيْهِ شُهَدَاءَ } . يقول تعالـى ذكره : ويحكم بـالتوراة وأحكامها التـي أنزل الله فـيها فـي كلّ زمان علـى ما أمر بـالـحكم به فـيها مع النبـيـين الذين أسلـموا ، الربـانـيون والأحبـار . والربـانـيون : جمع ربـانـيّ ، وهم العلـماء الـحكماء ، البصراء بسياسة الناس وتدبـير أمورهم والقـيام بـمصالـحهم . والأحبـار : هم العلـماء . وقد بـينا معنى الربـانـيـين فـيـما مضى بشواهده ، وأقوال أهل التأويـل فـيه . وأما الأحبـار : فإنهم جمع حبر ، وهو العالـم الـمـحكم للشيء ، ومنه قـيـل لكعب : كعب الأحبـار . وكان الفرّاء يقول : أكثر ما سمعت العرب تقول فـي واحد الأحبـار : حِبر بكسر الـحاء . وكان بعض أهل التأويـل يقول : عُني بـالربـانـيـين والأحبـار فـي هذا الـموضع : ابنا صوريا اللذان أقرّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم الله تعالـى فـي التوراة علـى الزانـيـين الـمـحصنـين . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : كان رجلان من الـيهود أخوان يقال لهما ابنا صوريا ، وقد اتبعا النبـيّ صلى الله عليه وسلم ولـم يسلـما ، وأعطياه عهداً أن لا يسألهما عن شيء فـي التوراة إلا أخبراه به . وكان أحدهما رِبِّـيًّا ، والآخر حبراً ، وإنـما اتبعا النبـيّ صلى الله عليه وسلم يتعلـمان منه . فدعاهما فسألهما ، فأخبراه الأمر كيف كان حين زنى الشريف وزنى الـمسكين ، وكيف غيروه . فأنزل الله : { إنَّا أنْزَلْنا التَّوْرَاةَ فِـيها هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِـيُّونَ الَّذِينَ أسْلَـمُوا للَّذِينَ هادُوا } يعنـي : النبـيّ صلى الله عليه وسلم والربـانـيون والأحبـار : هما ابنا صوريا . { لِلَّذِينَ هادُوا } . ثم ذكر ابنى صوريا ، فقال : { وَالرَّبـانِـيُّونَ وَالأحْبـارُ بِـمَا اسْتُـحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وكانُوا عَلَـيْهِ شُهَدَاءَ } . والصواب من القول فـي ذلك عندي ، أن يقال : إن الله تعالـى ذكره أخبر أن التوراة يحكم بها مسلـمو الأنبـياء للـيهود والربـانـيون من خـلقه والأحبـار . وقد يجوز أن يكون عُنـي بذلك ابنا صوريا وغيرهما ، غير أنه قد دخـل فـي ظاهر التنزيـل مسلـمو الأنبـياء وكلّ ربـانـي وحبر ، ولا دلالة فـي ظاهر التنزيـل علـى أنه معنىّ به خاص من الربـانـيـين والأحبـار ، ولا قامت بذلك حجة يجب التسلـيـم لها ، فكلّ ربـانـي وحبر داخـل فـي الآية بظاهر التنزيـل . وبـمثل الذي قلنا فـي تأويـل الأحبـار قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا سفـيان بن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سلـمة ، عن الضحاك : الربـانـيون والأحبـار : قرّاؤهم وفقهاؤهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا حفص ، عن أشعث ، عن الـحسن : الربـانـيون والأحبـار : الفقهاء والعلـماء . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيـينة ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : الربـانـيون العلـماء الفقهاء ، وهم فوق الأحبـار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : الربـانـيون : فقهاء الـيهود ، والأحبـار : علـماؤهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا سُنـيد بن داود ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : { والرَّبَّـانِـيُّونَ والأَحْبَـارُ } كلهم يحكم بـما فـيها من الـحقّ . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الربـانـيون : الولاة ، والأحبـار : العلـماء . وأما قوله : { بِـمَا اسْتُـحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ } فإن معناه : يحكم النبـيون الذين أسلـموا بحكم التوراة ، والربـانـيون والإحبـار يعنـي العلـماء بـما استودعوا علـمه من كتاب الله الذي هو التوراة . والبـاء فـي قوله : { بِـما اسْتُـحْفِظُوا } من صلة الأحبـار . وأما قوله : { وكانُوا عَلَـيْهِ شُهَدَاءَ } فإنه يعنـي أن الربـانـيـين والأحبـار بـما استودعوا من كتاب الله يحكمون بـالتوراة مع النبـيـين الذين أسلموا للذين هادوا ، وكانوا علـى حكم النبـيـين الذين أسلـموا للذين هادوا شهداء أنهم قضوا علـيهم بكتاب الله الذي أنزله علـى نبـيه موسى وقضائه علـيهم . كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { وكانُوا عَلَـيْهِ شُهَدَاءَ } يعنـي الربـانـيـين والأحبـار هم الشهداء لـمـحمد صلى الله عليه وسلم بـما قال أنه حقّ جاء من عند الله ، فهو نبـيّ الله مـحمد ، أتته الـيهود فقضى بـينهم بـالـحقّ . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { فَلا تَـخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بآياتِـي ثَمَنا قَلِـيلاً } . يقول تعالـى ذكره لعلـماء الـيهود وأحبـارهم : لا تـخشوا الناس فـي تنفـيذ حكمي الذي حكمت به علـى عبـادي وإمضائه علـيهم علـى ما أمرت ، فإنهم لا يقدرون لكم علـى ضرّ ولا نفع إلا بإذنـي ، ولا تكتـموا الرجم الذي جعلته حكماً فـي التوراة علـى الزانـيـين الـمـحصنـين ، ولكن اخشونـي دون كلّ أحد من خـلقـي ، فإن النفع والضرّ بـيدي ، وخافوا عقابـي فـي كتـمانكم ما استـحفظتـم من كتابـي . كما : حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { فَلا تَـخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ } يقول : لا تـخشوا الناس فتكتـموا ما أنزلت . وأما قوله : { وَلا تَشْتَرُوا بآياتِـي ثَمَنا قَلِـيلاً } يقول : ولا تأخذوا بترك الـحكم بآيات كتابـي الذي أنزلته علـى موسى أيها الأحبـار عوضاً خسيساً ، وذلك هو الثمن القلـيـل . وإنـما أراد تعالـى ذكره نهيهم عن أكل السحت علـى تـحريفهم كتاب الله وتغيـيرهم حكمه عما حكم به فـي الزّانـيـين الـمـحصنـين ، وغير ذلك من الأحكام التـي بدّلوها ، طلبـاً منهم للرشا كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلا تَشْتَرُوا بآياتِـي ثَمَناً قَلِـيلاً } قال : لا تأكلوا السحت علـى كتابـي . وقال مرّة أخرى ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَلا تَشْتَرُوا بآياتِـي ثَمَناً } قال : لا تأخذوا به رشوة . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَلا تَشْتَرُوا بآياتِـي ثَمَناً قَلِـيلاً } : ولا تأخذوا طُعْماً قلـيلاً علـى أن تكتـموا ما أنزلت . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } . يقول تعالـى ذكره : ومن كتـم حكم الله الذي أنزله فـي كتابه ، وجعله حكماً بـين عبـاده فأخفـاه ، وحكم بغيره ، كحكم الـيهود فـي الزانـيـين الـمـحصنـين بـالتـجبـيه والتـحميـم ، وكتـمانهم الرجم ، وكقضائهم فـي بعض قتلاهم بدية كاملة وفـي بعض بنصف الدية ، وفـي الأشراف بـالقصاص وفـي الأدنـياء بـالدية ، وقد سوّى الله بـين جميعهم فـي الـحكم علـيهم فـي التوراة { فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } يقول : هؤلاء الذين لـم يحكموا بـما أنزل الله فـي كتابه ، ولكن بدّلوا وغيروا حكمه وكتـموا الـحقّ الذي أنزله فـي كتابه . { هُمُ الكَافِرُونَ } يقول : هم الذين ستروا الـحقّ الذي كان علـيهم كشفه وتبـيـينه وغَطَّوه عن الناس وأظهروا لهم غيره وقضوا به لسحت أخذوه منهم علـيه . وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل الكفر فـي هذا الـموضع . فقال بعضهم بنـحو ما قلنا فـي ذلك ، من أنه عنى به الـيهود الذين حرّفوا كتاب الله وبدّلوا حكمه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ المائدة : 45 ] ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ المائدة : 47 ] فـي الكافرين كلها . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا مـحمد بن القاسم ، قال : ثنا أبو حيان ، عن أبـي صالـح ، قال : الثلاث الآيات التـي فـي الـمائدة : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } لـيس فـي أهل الإسلام منها شيء ، هي فـي الكفـار . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـي حيان ، عن الضحاك : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } { والظالـمون والفـاسقون } قال : نزلت هؤلاء الآيات فـي أهل الكتاب . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان ، قال : سمعت عمران بن حدير ، قال : أتـى أبـا مـجلز ناسٌ من بنـي عمرو بن سدوس ، فقالوا : يا أبـا مـجلز ، أرأيت قول الله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } أحقّ هو ؟ قال : نعم . قالوا : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ المائدة : 45 ] أحَقٌّ هو ؟ قال : نعم . قالوا : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ المائدة : 47 ] أحقٌّ هو ؟ قال : نعم . قال : فقالوا : يا أبـا مـجلز ، فـيحكم هؤلاء بـما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، وبه يقولون ، وإلـيه يُدْعَوْنَ ، فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبـاً . فقالوا : لا والله ، ولكنك تَعْرَفُّ . قال : أنتـم أولـى بهذا منـي لا أرى وإنكم ترون هذا ولا تـحرَّجون ، ولكنها أنزلت فـي الـيهود والنصارى وأهل الشرك . أو نـحواً من هذا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن عمران بن حدير ، قال : قعد إلـى أبـي مِـجْلَز نفر من الإبـاضية ، قال : فقالوا له : يقول الله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } . قال أبو مـجلز : إنهم يعملون ما يعملون يعنـي الأمراء ويعلـمون أنه ذنب . قال : وإنـما أنزلت هذه الآية فـي الـيهود والنصارى . قالوا : أما والله إنك لتعلـم مثل ما نعلـم ، ولكنك تـخشاهم . قال : أنتـم أحقّ بذلك منا ، أما نـحن فلا نعرف ما تعرفون ولكنكم تعرفونه ، ولكن يـمنعكم أن تُـمضوا أمركم من خشيتهم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن أبـي البَختري ، عن حذيفة فـي قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : نعم الإخوة لكم بنو إسرائيـل ، إن كانت لكم كلّ حلوة ولهم كلّ مرّة ، ولتسلكنّ طريقهم قدر الشراك . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـي حيان ، عن الضحاك : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } و { الظَّالـمون } و { الفَـاسِقُون } قال : نزلت هؤلاء الآيات فـي أهل الكتاب . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن أبـي البختري ، قال : قـيـل لـحذيفة : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } ثم ذكر نـحو حديث ابن بشار ، عن عبد الرحمن . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن حبـيب بن أبـي ثابت ، عن أبـي البختري ، قال : سأل رجل حذيفة ، عن هؤلاء الآيات : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } قال : فقـيـل : ذلك فـي بنـي إسرائيـل ؟ قال : نعم الإخوة لكم بنو إسرائيـل ، إن كانت لهم كلّ مرّة ، ولكم كلّ حُلْوة ، كلا والله لتسلكنّ طريقهم قدر الشراك . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن رجل ، عن عكرمة قال : هؤلاء الآيات فـي أهل الكتاب . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت فـي قـتيـل الـيهود الذي كان منهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } و { الظالـمون } و { الفـاسقون } ، لأهل الكتاب كلهم لـمَا تركوا من كتاب الله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـى أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب ، قال : مُرّ علـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـيهودي مـحمَّـم مـجلود ، فدعاهم فقال : " هَكَذَا تَـجِدُونَ حَدَّ مَنْ زَنَى ؟ " قالوا : نعم . فدعا رجلاً من علـمائهم ، فقال : " أَنْشُدكَ اللَّهَ الَّذِي أنْزَلَ التَّوْرَاةَ علـى مُوسَى ، هَكَذَا تَـجِدُونَ حَدَّ الزَّانِـي فـي كِتابِكُمْ ؟ " قال : لا ، ولولا أنك أنشدتنـي بهذا لـم أخبرك ، نـجد حدّه فـي كتابنا الرجم ، ولكنه كثر فـي أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الوضيع أقمنا علـيه الـحدّ ، فقلنا تعالوا فلنـجتـمع جميعاً علـى التـحميـم والـجلد مكان الرجم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ أنّـي أوَّلُ مَنْ أحْيا أمْرَكَ إذْ أماتُوهُ " فأمر به فرجم ، فأنزل الله : { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } [ المائدة : 41 ] … إلـى قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } يعنـي الـيهود ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } يعنـي الـيهود ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } للكفـار كلها . حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : من حكم بكتابه الذي كتب بـيده وترك كتاب الله وزعم أن كتابه هذا من عند الله ، فقد كفر . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، نـحو حديث القاسم ، عن الـحسن . غير أن هناداً قال فـي حديثه : فقلنا : تعالوا فلنـجتـمع فـي شيء نقـيـمه علـى الشريف والضعيف فـاجتـمعنا علـى التـحميـم والـجلد مكان الرجم . وسائر الـحديث نـحو حديث القاسم . حدثنا الربـيع ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : ثنا ابن أبـي الزناد ، عن أبـيه ، قال : كنا عند عبـيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، فذكر رجل عنده : { وَمَنْ لَـم يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } فقال عبـيد الله : أما والله إن كثـيراً من الناس يتأوّلون هؤلاء الآيات علـى ما لـم ينزلن علـيه ، وما أنزلن إلا فـي حيـين من يهود . ثم قال : هي قريظة والنضير وذلك أن إحدى الطائفتـين كانت قد غزت الأخرى وقهرتها قبل قدوم النبـيّ صلى الله عليه وسلم الـمدينة ، حتـى ارتضوا واصطلـحوا علـى أن كل قتـيـل قتلته العزيزة من الذلـيـلة فديته خمسون وسقاً ، وكلّ قتـيـل قتلته الذلـيـلة من العزيزة فديته مئة وسق . فأعطوهم فَرَقاً وضَيـمْاً . فقدم النبـيّ صلى الله عليه وسلم وهم علـى ذلك ، فذلت الطائفتان بـمقدم النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، والنبـيّ صلى الله عليه وسلم لـم يظهر علـيهما . فبـينـما هما علـى ذلك أصابت الذلـيـلة من العزيزة قتـيلاً ، فقالت العزيزة : أعطونا مائة وسق فقالت الذلـيـلة : وهل كان هذا قطّ فـي حيـين دينهما واحد وبلدهما واحد دية بعضهم ضعف دية بعض ؟ إنـما أعطيناكم هذا فرقاً منكم وضَيْـماً ، فـاجعلوا بـيننا وبـينكم مـحمداً صلى الله عليه وسلم فتراضيا علـى أن يجعلوا النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـينهم . ثم إن العزيزة تذاكرت بـينها ، فخشيت أن لا يعطيها النبـيّ صلى الله عليه وسلم من أصحابها ضعف ما تعطي أصحابها منها ، فدسوا إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم إخوانهم من الـمنافقـين ، فقالوا لهم : اخبُروا لنا رأى مـحمد صلى الله عليه وسلم ، فإن أعطانا ما نريد حكمناه ، وإن لـم يعطنا حذرناه ولـم نـحكمه فذهب الـمنافق إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فأعلـم الله تعالـى ذكره النبـيّ صلى الله عليه وسلم ما أرادوا من ذلك الأمر كله . قال عبـيد الله : فأنزل الله تعالـى ذكره فـيهم : { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } [ المائدة : 41 ] هؤلاء الآيات كلهن ، حتـى بلغ : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإِنْجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } [ المائدة : 47 ] … إلـى { الفـاسِقُونَ } قرأ عبـيد الله ذلك آية آية وفسرها علـى ما أنزل ، حتـى فرغ من تفسير ذلك لهم فـي الآيات ، ثم قال : إنـما عنى بذلك يهود ، وفـيهم أنزلت هذه الصفة . وقال بعضهم : عنى بـالكافرين أهل الإسلام ، وبـالظالـمين : الـيهود ، وبـالفـاسقـين : النصارى . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن زكريا ، عن عامر ، قال : نزلت « الكافرون » فـي الـمسلـمين ، و « الظالـمون » فـي الـيهود ، و « الفـاسقون » فـي النصارى . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن ابن أبـي السفر ، عن الشعبـيّ ، قال : « الكافرون » فـي الـمسلـمين ، و « الظالـمون » فـي الـيهود ، و « الفـاسقون » فـي النصارى . حدثنا ابن وكيع وأبو السائب ، وواصل بن عبد الأعلـى ، قالوا : ثنا ابن فضيـل ، عن ابن شبرمة ، عن الشعبـيّ ، قال : آية فـينا ، وآيتان فـي أهل الكتاب : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } فـينا وفـيهم : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } و { الفـاسقون } فـي أهل الكتاب . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن عامر ، مثل حديث زكريا عنه . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : ثنا شعبة ، عن ابن أبـي السفر ، عن الشعبـي : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـما أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : هذا فـي الـمسلـمين . { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } قال : النصارى . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا زكريا بن أبـي زائدة ، عن الشعبـيّ ، قال فـي هؤلاء الآيات التـي فـي الـمائدة : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : فـينا أهل الإسلام . { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } قال : فـي الـيهود . { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } قال : فـي النصارى . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا سفـيان ، عن زكريا بن أبـي زائدة ، عن الشعبـي فـي قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : نزلت الأولـى فـي الـمسلـمين ، والثانـية فـي الـيهود ، والثالثة فـي النصارى . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن زكريا ، عن الشعبـيّ ، بنـحوه . حدثنا هناد ، قال : ثنا يعلـى ، عن زكريا ، عن عامر ، بنـحوه . وقال آخرون : بل عُنى بذلك : كفر دون كفر ، وظلـم دون ظلـم ، وفسق دون فسق . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } قال : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلـم دون ظلـم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا حماد بن سلـمة ، عن أيوب ، عن عطاء ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا الـحجاج ، قال : ثنا حماد ، عن أيوب بن أبـي تـميـمة ، عن عطاء بن أبـي ربـاح بنـحوه . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، بنـحوه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، بنـحوه . حدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن سعيد الـمكيّ ، عن طاووس : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : لـيس بكفر ينقل عن الـملة . حدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن معمر بن راشد ، عن ابن طاووس ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُون } قال : هي به كفر ، ولـيس كفراً بـالله وملائكته وكتبه ورسله . حدثنـي الـحسن ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن سفـيان ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبـيه ، قال : قال رجل لابن عبـاس فـي هذه الآيات : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ } فمن فعل هذا فقد كفر ؟ قال ابن عبـاس : إذا فعل ذلك فهو به كفر ، ولـيس كمن كفر بـالله والـيوم الآخر وبكذا وكذا . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبـيه ، قال : سئل ابن عبـاس عن قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافرون } قال هي به كفر قال ابن طاووس ، ولـيس كمن كفر بـالله وملائكته وكتبه ورسله . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، فَأُولَئِكَ هُمُ الكافرون قال كفر لا ينقل عن الملـة قال وقال عطاء : كفر دون كفر ، وظلـم دون ظلـم ، وفسق دون فسق . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآيات فـي أهل الكتاب ، وهي مراد بها جميع الناس مسلـموهم وكفـارهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن منصور ، عن إبراهيـم قال : نزلت هذه الآيات فـي بنـي إسرائيـل ، ورضي لهذه الأمة بها . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن منصور ، عن إبراهيـم : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : نزلت فـي بنـي إسرائيـل ، ورضي لكم بها . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن منصور ، عن إبراهيـم فـي هذه الآية : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : نزلت فـي بنـي إسرائيـل ، ثم رضي بها لهؤلاء . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن عوف ، عن الـحسن فـي قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : نزلت فـي الـيهود ، وهي علـينا واجبة . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا عبد الـملك بن أبـي سلـيـم ، عن سلـمة بن كهيـل ، عن علقمة ومسروق : أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة ، فقال : من السحت . قال : فقالا : أفـي الـحكم ؟ قال : ذاك الكفر . ثم تلا هذه الآية : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ } يقول : ومن لـم يحكم بـما أنزلتُ فتركه عمداً وجار وهو يعلـم فهو من الكافرين . وقال آخرون : معنى ذلك : ومن لـم يحكم بـما أنزل الله جاحداً به ، فأما الظلـم والفسق فهو للـمقرّ به ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَمَنْ لَـمْ يَحْكُمْ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ } قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر ، ومن أقرّ به ولـم يحكم فهو ظالـم فـاسق . وأولـى هذه الأقوال عندي بـالصواب ، قول من قال : نزلت هذه الآيات فـي كفار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففـيهم نزلت وهم الـمعِنـيون بها ، وهذه الآيات سياق الـخبر عنهم ، فكونها خبراً عنهم أولـى . فإن قال قائل : فإن الله تعالـى ذكره قد عمّ بـالـخبر بذلك عن جميع من لـم يحكم بـما أنزل الله ، فكيف جعلته خاصًّا ؟ قـيـل : إن الله تعالـى عمّ بـالـخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به فـي كتابه جاحدين فأخبر عنهم أنهم بتركهم الـحكم علـى سبـيـل ما تركوه كافرون . وكذلك القول فـي كلّ من لـم يحكم بـما أنزل الله جاحداً به ، هو بـالله كافر ، كما قال ابن عبـاس لأنه بجحوده حكمَ الله بعد علـمه أنه أنزله فـي كتابه نظير جحوده نبوّة نبـيه بعد علـمه أنه نبـيّ .