Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 68-68)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا أمر من الله تعالـى ذكره نبـيه صلى الله عليه وسلم بـابلاغ الـيهود والنصارى الذين كانوا بـين ظهرانـيْ مهاجره ، يقول تعالـى ذكره له : قل يا مـحمد لهؤلاء الـيهود والنصارى : { يا أَهْلَ الكِتابِ } التوراة والإنـجيـل ، لستـم علـى شيء مـما تدّعون أنكم علـيه مـما جاءكم به موسى صلى الله عليه وسلم معشر الـيهود ، ولا مـما جاءكم به عيسى معشر النصارى ، حتـى تقـيـموا التوراة والإنـجيـل وما أنزل إلـيكم من ربكم ما جاءكم به مـحمد صلى الله عليه وسلم من الفرقان ، فتعملوا بذلك كله وتؤمنوا بـما فـيه من الإيـمان بـمـحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه ، وتقرّوا بأن كلّ ذلك من عند الله ، فلا تكذبوا بشيء منه ولا تفرّقوا بـين رسل الله فتؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض ، فإن الكفر بواحد من ذلك كفر بجميعه ، لأن كتب الله يصدّق بعضها بعضاً ، فمن كذّب ببعضها فقد كذّب بجميعها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك جاء الأثر : حدثنا هناد بن السريّ وأبو كريب ، قالا : ثنا يونس بن بكير ، قال : ثنا مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـي زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة ، وسلام بن مسكين ، ومالك بن الصيف ، ورافع بن حرملة ، فقالوا : يا مـحمد ألست تزعم أنك علـى ملة إبراهيـم ودينه ، وتؤمن بـما عندنا من التوراة ، وتشهد أنها من الله حقّ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَلـى ، ولَكِنَّكُمْ أحْدَثْتُـمْ وجَحَدْتُـمْ ما فِـيها مِـمَّا أُخِذَ عَلَـيْكُمْ مِنَ الـمِيثاقِ ، وكَتَـمْتُـمْ مِنْها ما أمِرْتُـمْ أنْ يتُبَـيِّنُوهُ للنَّاسِ ، وأنا بَرِيءٌ مِنْ أحْداثِكُمْ " قالُوا : فإنَّا نَأْخُذُ بـما فـي أيدينا ، فإنا علـى الـحقّ والهدى ، ولا نؤمن بك ولا نتبعك . فأنزل الله : { قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لَسْتُـمْ علـى شَيْءٍ حتـى تِقِـيـمُوا التَّوْرَاةَ ، والإنْـجِيـلِ وَما أُنْزِلَ إلَـيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ } … إلـى : فَلا تَأْسَ علـى القَوْمِ الكافِرِينَ . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لَسْتُـمْ علـى شَيْءٍ حتـى تُقِـيـمُوا التَّوْرَاةَ والإنْـجِيـلَ وَما أُنْزِلَ إلَـيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ } قال : فقد صرنا من أهل الكتاب التوراة للـيهود والإنـجيـل للنصارى . وما أنزل إلـيكم من ربكم ، وما أنزل إلـينا من ربنا . أي لستـم علـى شيء حتـى تقـيـموا حتـى تعملوا بـما فـيه . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { ولَـيزِيدَنَّ كَثِـيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وكُفْراً فَلا تَأْسَ علـى القَوْمِ الكافِرِينَ } . يعنـي تعالـى ذكره بقوله : ولَـيزِيدَنَّ كَثِـيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وكُفْراً : وأقسم لـيزيدنّ كثـيراً من هؤلاء الـيهود والنصارى الذين قصّ قصصهم فـي هذه الآيات الكتابُ الذي أنزلته إلـيك يا مـحمد طغياناً ، يقول : تـجاوزاً وغلوّاً فـي التكذيب لك علـى ما كانوا علـيه لك من ذلك قبل نزول الفرقان ، { كُفْراً } يقول : وجحوداً لنبوّتك . وقد أتـينا علـى البـيان عن معنى الطغيان فـيـما مضى قبل . وأما قوله : { فَلا تَأْسَ علـى القَوْمِ الكافِرِينَ } يعنـي : يقول { فَلا تَأْس } فلا تـحزن ، يقال : أسِيَ فلان علـى كذا : إذا حزن يأسَى أسًى ، ومنه قول الراجز : @ وانْـخـلَبتْ عَيْناهُ مِنْ فَرْطِ الأَسَى @@ يقول تعالـى ذكره لنبـيه : لا تـحزن يا مـحمد علـى تكذيب هؤلاء الكفـار من الـيهود والنصارى من بنـي إسرائيل لك ، فإن مثل ذلك منهم عادة وخـلق فـي أنبـيائهم ، فكيف فـيك ؟ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس : { وَلَـيزِيدَنَّ كَثِـيراً مِنْهُمْ أُنْزِلَ إلَـيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وكُفْراً } قال : الفرقان . يقول : فلا تـحزن . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { فَلا تَأْسَ علـى القَوْمِ الكافِرِينَ } قال : لا تـحزن .