Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 94-94)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله { لَـيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ } يقول : لـيختبرنكم الله بشيء من الصيد ، يعنـي : ببعض الصيد . وإنـما أخبرهم تعالـى ذكره أنه يبلوهم بشيء ، لأنه لـم يبلهم بصيد البحر وإنـما ابتلاهم بصيد البرّ ، فـالابتلاء ببعض لـم يـمتنع . وقوله : { تَنالُه أيْدِيكُمْ } فإنه يعنـي : إما بـالـيد ، كالبـيض والفراخ وإما بإصابة النبل والرماح ، وذلك كالـحمر والبقر والظبـاء ، فـيـمتـحنكم به فـي حال إحرامكم بعمرتكم أو بحجكم . وبنـحو ذلك قالت جماعة من أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا هناد ، قال : ثنا ابن أبـي زائدة ، قال : أخبرنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { لَـيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ } قال : أيديكم صغار الصيد ، أخذ الفراخ والبـيض . و « الرماح » ، قال : كبـار الصيد . حدثنا هناد ، قال : ثنا ابن أبـي زائدة ، عن داود ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { تَنالُهُ أيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ } قال : النبل ، ورماحكم تنال كبـير الصيد ، وأيديكم تنال صغير الصيد ، أخذ الفراخ والبـيض . حدثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن حميد الأعرج ، عن مـجاهد فـي قوله : { لَـيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ } قال : ما لا يستطيع أن يفرّ من الصيد . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا : ثنا سفـيان ، عن حميد الأعرج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية بن صالـح ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ } قال : هو الضعيف من الصيد وصغيره ، يبتلـي الله تعالـى به عبـاده فـي إحرامهم حتـى لو شاءوا نالوه بأيديهم ، فنهاهم الله أن يقربوه . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفـيان الثوري ، عن حميد الأعرج ، ولـيث عن مـجاهد فـي قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَـيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ } قال : الفراخ والبـيض ، وما لا يستطيع أن يفرّ . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { لِـيَعْلَـمَ اللّهُ مَنْ يَخافُهُ بـالغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ ألِـيـمُ } . يعنـي تعالـى ذكره : لـيختبرنكم الله أيها الـمؤمنون ببعض الصيد فـي حال إحرامكم ، كي يعلـم أهل طاعة الله والإيـمان به والـمنتهون إلـى حدوده وأمره ونهيه ، من الذي يخاف الله ، فـيتقـي ما نهاه عنه ويجتنبه خوف عقابه بـالغيب ، بـمعنى : فـي الدنـيا بحيث لا يراه . وقد بـينا أن الغيب إنـما هو مصدر قول القائل : غاب عنـي هذا الأمر فهو يغيب غيبـاً وغيبة ، وأن ما لـم يعاين فإن العرب تسميه غيبـاً . فتأويـل الكلام إذن : لـيعلـم أولـياء الله من يخاف الله فـيتقـي مـحارمه التـي حرّمها علـيه من الصيد وغيره ، بحيث لا يراه ولا يعاينه . وأما قوله : { فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } فإنه يعنـي : فمن تـجاوز حدّ الله الذي حدّه له بعد ابتلائه بتـحريـم الصيد علـيه وهو حرام ، فـاستـحلّ ما حرم الله علـيه منه بأخذه وقتله { فَلَهُ عَذَابٌ } من الله { ألِـيـمٌ } يعنـي : مؤلـم موجع .