Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 19-20)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي قوله : { وَجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بالحَقّ } وجهان من التأويل ، أحدهما : وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته على فهم الإنسان ، كالسكرة من النوم أو الشراب بالحقّ من أمر الآخرة ، فتبينه الإنسان حتى تثبته وعرفه . والثاني : وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت . وقد ذُكر عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه أنه كان يقرأ « وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقّ بالمَوْتِ » . ذكر الرواية بذلك : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن واصل ، عن أبي وائل ، قال : لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي ، قالت عائشة رضي الله عنها هذا ، كما قال الشاعر : @ إذَا حَشْرَجَتْ يَوْماً وَضَاقَ بِها الصَّدْرُ @@ فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا تقولي ذلك ، ولكنه كما قال الله عزّ وجلّ : { وَجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بالحَقّ ذلكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } . وقد ذُكر أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود . ولقراءة من قرأ ذلك كذلك من التأويل وجهان : أحدهما : وجاءت سكرة الله بالموت ، فيكون الحقّ هو الله تعالى ذكره . والثاني : أن تكون السكرة هي الموت أُضيفت إلى نفسها ، كما قيل : { إنَّ هذَا لهُوَ حَقُّ اليَقِينِ } . ويكون تأويل الكلام : وجاءت السكرةُ الحقُّ بالموت . وقوله : { ذلكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } يقول : هذه السكرة التي جاءتك أيها الإنسان بالحقّ هو الشيء الذي كنت تهرب منه ، وعنه تروغ . وقوله : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلكَ يَوْمُ الوَعِيدِ } قد تقدّم بياننا عن معنى الصُّور ، وكيف النَّفخ فيه بذكر اختلاف المختلفين . والذي هو أولى الأقوال عندنا فيه بالصواب ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وقوله : { ذلكَ يَوْمُ الوَعِيدِ } يقول : هذا اليوم الذي ينفخ فيه هو يوم الوعيد الذي وعده الله الكفار أن يعذّبهم فيه .