Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 19-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها المشركون اللاّت ، وهي من الله ألحقت فيه التاء فأنثت ، كما قيل عمرو للذكر ، وللأنثى عمرة وكما قيل للذكر عباس ، ثم قيل للأنثى عباسة ، فكذلك سمى المشركون أوثانهم بأسماء الله تعالى ذكره ، وتقدّست أسماؤه ، فقالوا من الله اللات ، ومن العزيز العُزَّى وزعموا أنهن بنات الله ، تعالى الله عما يقولون وافتروا ، فقال جلّ ثناؤه لهم : أفرأيتم أيها الزاعمون أن اللات والعُزَّى ومناة الثالثة بناتُ الله { ألَكُمُ الذَّكَرُ } يقول : أتختارون لأنفسكم الذكرَ من الأولاد ، وتكرهون لها الأنثى ، وتجعلون { لَهُ الأُنْثَى } التي لا ترضونها لأنفسكم ، ولكنكم تقتلونها كراهة منكم لهنّ . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { اللات } فقرأته عامة قرّاء الأمصار بتخفيف التاء على المعنى الذي وصفتُ . وذُكر أن اللات بيت كان بنخلة تعبده قريش . وقال بعضهم : كان بالطائف . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أفَرَأيْتُمُ اللاَّتَ والعُزَّى } أما اللات فكان بالطائف . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أفَرأيْتُمُ اللات والعُزَّى } قال : اللات بيت كان بنخلة تعبده قريش . وقرأ ذلك ابن عباس ومجاهد وأبو صالح « اللاَّتَّ » بتشديد التاء وجعلوه صفة للوثن الذي عبدوه ، وقالوا : كان رجلاً يَلُتّ السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه . ذكر الخبر بذلك عمن قاله : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد « أفَرأيْتُمُ اللاَّتَّ والعُزَّى » قال : كان يَلُتّ السويق للحاجِّ ، فعكف على قبره . قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد « أفَرأيْتُمُ اللاَّتَّ » قال : اللاَّتّ : كان يلتّ السويق للحاجِّ . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد « اللاَّتَّ » قال : كان يَلُتّ السويق فمات ، فعكفوا على قبره . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { اللاَّتَّ } قال : رجل يلتّ للمشركين السويق ، فمات فعكفوا على قبره . حدثنا أحمد بن هشام ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي صالح ، في قوله : « اللاَّتَّ » قال : اللاتّ : الذي كان يقوم على آلهتهم ، يَلُتّ لهم السويق ، وكان بالطائف . حدثني أحمد بن يوسف ، قال : ثنا أبو عبيد ، قال : ثنا عبد الرحمن ، عن أبي الأشهب ، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال : كان يلتّ السويق للحاجّ . وأولى القراءتين بالصواب عندنا في ذلك قراءة من قرأه بتخفيف التاء على المعنى الذي وصفت لقارئه كذلك لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه . وأما العُزّى فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : كان شجرات يعبدونها . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { والعُزَّى } قال : العُزَّى : شُجيرات . وقال آخرون : كانت العُزَّى حَجَراً أبيض . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : { العُزَّى } : حَجَر أبيض . وقال آخرون : كان بيتاً بالطائف تعبده ثقيف . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَالعُزَّى } قال : العزّى : بيت بالطائف تعبده ثقيف . وقال آخرون : بل كانت ببطن نَخْلة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } قال : أما مناةُ فكانت بقُدَيد ، آلهة كانوا يعبدونها ، يعني اللات والعُزَّى وَمناة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمناةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } قال مناة بيت كان بالمشلِّل يعبده بنو كعب . واختلف أهل العربية في وجه الوقف على اللات ومنات ، فكان بعض نحوييّ البصرة يقول : إذا سكت قلت اللات ، وكذلك مناة تقول : مناتْ . وقال : قال بعضهم : اللاتّ ، فجعله من اللتّ الذي يَلُتّ ولغة للعرب يسكتون على ما فيه الهاء بالتاء يقولون : رأيت طَلْحتْ ، وكلّ شيء مكتوب بالهاء فإنها تقف عليه بالتاء ، نحو نعمة ربك وشجرة . وكان بعض نحوّييِّ الكوفة يقف على اللات بالهاء « أفَرأيْتُمُ اللاَّة » وكان غيره منهم يقول : الاختيار في كل ما لم يضف أن يكون بالهاء رحمة من ربي ، وشجرة تخرج ، وما كان مضافاً فجائزاً بالهاء والتاء ، فالتاء للإضافة ، والهاء لأنه يفرد ويوقف عليه دون الثاني ، وهذا القول الثالث أفشى اللغات وأكثرها في العرب وإن كان للأخرى وجه معروف . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : اللات والعزّى ومناة الثالثة : أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها . وقوله : { ألَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى } يقول : أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه ، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم { تِلكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } يقول جلّ ثناؤه : قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية ، ناقصة غير تامة ، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم ، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه ، والعرب تقول : ضِزته حقه بكسر الضاد ، وضُزته بضمها فأنا أضيزه وأضوزه ، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته وحُدثت عن معمر بن المثنى قال : أنشدني الأخفش : @ فإنْ تَنْأَ عَنَّا نَنْتَقِصْكَ وَإنْ تَغِبْ فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وأنْفُكَ رَاغِمُ @@ ومن العرب من يقول : ضَيْزى بفتح الضاد وترك الهمز فيها ومنهم من يقول : ضأزى بالفتح والهمز ، وضُؤزى بالضم والهمز ، ولم يقرأ أحد بشيء من هذه اللغات . وأما الضِّيزى بالكسر فإنها فُعلى بضم الفاء ، وإنما كُسرت الضاد منها كما كسرت من قولهم : قوم بيض وعِين ، وهي « فُعْل » لأن واحدها : بيضاء وعيناء ليؤلفوا بين الجمع والاثنين والواحد ، وكذلك كرهوا ضمّ الضاد من ضِيزَى ، فتقول : ضُوزَى ، مخافةِ أن تصير بالواو وهي من الياء . وقال الفرّاء : إنما قضيت على أوّلها بالضمّ ، لأن النعوت للمؤنث تأتي إما بفتح ، وإما بضمّ فالمفتوح : سكْرَى وعَطشى والمضموم : الأنثى والحُبلى فإذَا كان اسماً ليس بنعت كسر أوّله ، كقوله : { وَذَكِّرْ فإنَّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ } كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت ، وكذلك الشِّعَرى كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها ، فقال بعضهم : قِسْمة عَوْجاء . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { تِلكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال : عوجاء . وقال آخرون : قسمة جائرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { تِلكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } يقول : قسمة جائرة . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال : قسمة جائرة . حدثنا محمد بن حفص أبو عبيد الوصائيّ ، قال : ثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، عن ابن عمرة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { تِلكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال : تلك إذا قسمة جائرة لا حقّ فيها . وقال آخرون : قسمة منقوصة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { تِلكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال : منقوصة . وقال آخرون : قسمة مخالفة . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى } قال : جعلوا لله تبارك وتعالى بنات ، وجعلوا الملائكة لله بنات ، وعبدوهم ، وقرأ { أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وأصْفاكُمْ بالبَنِينَ وَإذَا بُشِّرَ … } الآية ، وقرأ { وَيجْعَلُونَ لِلّهِ البَناتِ … } إلى آخر الآية ، وقال : دعوا لله ولداً ، كما دعت اليهود والنصارى ، وقرأ { كَذَلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } قال : والضيزى في كلام العرب : المخالفة ، وقرأ { إنْ هِيَ إلاَّ أسمْاءٌ سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤكُمْ }