Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 48-51)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وأن ربك هو أغنى من أغنى من خلقه بالمال وأقناه ، فجعل له قُنية أصول أموال . واختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم بالذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمارة الأسديّ ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن السديّ ، عن أبي صالح ، قوله : { أغْنَى وأقْنَى } قال : أغنى المال وأقنى القنية . وقال آخرون : عُنِي بقوله : { أغْنَى } : أخدم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } قال : أغنى : مَوَّل ، وأقنى : أخدم . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، قوله : { أغْنَى وأقْنَى } قال : أخدم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { أغْنَى وأقْنَى } قال : أغنى وأخدم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { أغْنَى وأقْنَى } قال : أعطى وأرضى وأخدم . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك أنه أغنى من المال وأقنى : رضي . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } قال : فإنه أغنى وأرضَى . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } قال : أغنى موّل ، وأقنى : رضّى . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أغْنَى } قال : موّل { وأقْنَى } قال رضّى . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } يقول : أعطاه وأرضاه . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثل حديث ابن بشار ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك أنه أغنى نفسه ، وأفقر خلقه إليه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } قال : زعم حضرميّ أنه ذُكِر له أنه أغنى نفسه ، وأفقر الخلائق إليه . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك أنه أغنى من شاء من خلقه ، وأفقر من شاء . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأنَّهُ هُوَ أغْنَى وأقْنَى } قال : أغنى فأكثر ، وأقنى أقلّ ، وقرأ { يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَه } وقوله : { وأنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } يقول تعالى ذكره : وأن ربك يا محمد هو ربّ الشِّعْرَى ، يعني بالشعرى : النجم الذي يسمى هذا الاسم ، وهو نجم كان بعض أهل الجاهلية يعبده من دون الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وأنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } قال : هو الكوكب الذي يُدعى الشِّعرَى . حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد ، في قوله : { وأنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } قال : الكوكب الذي خَلْف الجوزاء ، كانوا يعبدونه . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { وأنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } قال : كان يُعبد في الجاهلية . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { رَبُّ الشِّعْرَى } قال : مِرزم الجوزاء . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأنَّه هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } كان حيّ من العرب يعبدون الشِّعرَى هذا النجم الذي رأيتم ، قال بشر ، قال : يريد النجم الذي يتبع الجوزاء . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { رَبُّ الشِّعْرَى } قال : كان ناس في الجاهلية يعبدون هذا النجم الذي يُقال له الشِّعرَى . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأنَّهُ رَبُّ الشِّعْرَى } كانت تُعبد في الجاهلية ، فقال : تعبدون هذه وتتركون ربها ؟ اعبدوا ربها . قال : والشِّعْرَى : النجم الوقَّاد الذي يتبع الجوزاء ، يقال له المُرزم . وقوله : { وأنَّهُ أهْلَكَ عاداً الأُولى } يعني تعالى ذكره بعاد الأولى : عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية ، وإياهم عنى بقوله : { ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بعادٍ إرَمَ } واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء البصرة « عاداً لُولى » بترك الهمز وجزم النون حتى صارت اللام في الأولى ، كأنها لام مثقلة ، والعرب تفعل ذلك في مثل هذا ، حُكي عنها سماعاً منهم : « قم لان عنا » ، يريد : قم الآن ، جزموا الميم لما حرّكت اللام التي مع الألف في الآن ، وكذلك تقول : صم اثنين ، يريدون : صُمْ الاثنين . وأما عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين ، فإنهم قرأوا ذلك بإظهار النون وكسرها ، وهمز الأولى على اختلاف في ذلك عن الأعمش ، فروى أصحابه عنه غير القاسم بن معن موافقة أهل بلده في ذلك . وأما القاسم بن معن فحكي عنه عن الأعمش أنه وافق في قراءته ذلك قراءة المدنيين . والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما ذكرنا من قراءة الكوفيين ، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب ، وأن قراءة من كان من أهل السليقة فعلى البيان والتفخيم ، وأن الإدغام في مثل هذا الحرف وترك البيان إنما يوسع فيه لمن كان ذلك سجيته وطبعه من أهل البوادي . فأما المولدون فإن حكمهم أن يتحرّوا أفصح القراءات وأعذبها وأثبتها ، وإن كانت الأخرى جائزة غير مردودة . وإنما قيل لعاد بن إرم : عاد الأولى ، لأن بني لُقَيم بن هَزّال بن هُزَيل بن عَبِيل بن ضِدّ بن عاد الأكبر ، كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكاناً بمكة مع إخوانهم من العمالقة ، ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ، ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم ، فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم ، وهم عاد الآخرة ، ثم هلكوا بعد . وكان هلاك عاد الآخرة ببغي بعضهم على بعض ، فتفانوا بالقتل فيما : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق ، فيما ذكرنا قيل لعاد الأكبر الذي أهلك الله ذرّيته بالريح : عاد الأولى ، لأنها أُهلكت قبل عاد الآخرة . وكان ابن زيد يقول : إنما قيل لعاد الأولى لأنها أوّل الأمم هلاكاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال قال ابن زيد ، في قوله : { أَهْلَكَ عاداً الأُولى } قال : يقال : هي من أوّل الأمم . وقوله : { وثَمُودَ فَمَا أبْقَى } يقول تعالى ذكره : ولم يبق الله ثمود فيتركها على طغيانها وتمرّدها على ربها مقيمة ، ولكنه عاقبها بكفرها وعتوّها فأهلكها . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء البصرة وبعض الكوفيين { وثَمُوداً فَمَا أبْقَى } بالإجراء إتباعاً للمصحف ، إذ كانت الألف مثبتة فيه ، وقرأه بعض عامة الكوفيين بترك الإجراء . وذُكر أنه في مصحف عبد الله بغير ألف . والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب لصحتهما في الإعراب والمعنى . وقد بيَّنا قصة ثمود وسبب هلاكها فيما مضى بما أغنى عن إعادته .