Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-2)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره بقوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ } : دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة ، وقوله { اقْتَرَبَتْ } افتعلت من القُرب ، وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة ، وقرب فناء الدنيا ، وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم ، وهم عنها في غفلة ساهون . وقوله : { وَانْشَقَّ القَمَرُ } يقول جلّ ثناؤه : وانفلق القمر ، وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ، قبل هجرته إلى المدينة ، وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية ، فآراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر ، آية حجة على صدق قوله ، وحقيقة نبوته فلما أراهم أعرضوا وكذّبوا ، وقالوا : هذا سحر مستمرّ ، سحرنا محمد ، فقال الله جلّ ثناؤه { وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار ، وقال به أهل التأويل . ذكر الآثار المروية بذلك ، والأخبار عمن قاله من أهل التأويل : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر مرّتين . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدّث ، عن أنس ، قال : انشقّ القمر فرقتين . حدثنا ابن المثنى والحسن بن أبي يحيى المقدسي ، قالا : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت أنساً يقول : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني يعقوب الدورقيّ ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : سمعت أنساً يقول : فذكر مثله . حدثنا عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج بن محمد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين . حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، قال : ثنا سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حِراء بينهما . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، قال : انشقّ القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى حتى ذهبت منه فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشْهَدُوا " . حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : ثنا النضر بن شميل المازنيّ ، قال : أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، قال تفلَّق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين ، فكانت فرقة على الجبل ، وفرقة من ورائه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ اشْهَدْ " . حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : ثنا النضر ، قال : أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، مثل حديث إبراهيم في القمر . حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، قال : ثني عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن رجل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، فانشقّ القمر ، فأخذت فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشْهَدُوا " . حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسباط ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : رأيت الجبل من فرج القمر حين انشقّ . حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي ، قال : ثنا يحيى بن حماد ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن المُغيرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر بن أبي كَبْشَة سحركم فسلوا السُّفَّار ، فسألوهم ، فقالوا : نعم قد رأيناه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { اقْتَرَبَتِ السَّاعةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : قد مضى انشقاق القمر . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : عبد الله خمس قد مضين : الدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر ، والروم . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا أيوب ، عن محمد ، قال : نُبِّئت أن ابن مسعود كان يقول : قد انشقّ القمر . قال : أخبرنا ابن علية ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ ، قال : نزلنا المدائن ، فكنا منها على فرسخ ، فجاءت الجمعة ، فحضر أبي ، وحضرت معه ، فخطبنا حُذيفة ، فقال : ألا إن الله يقول { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشقّ ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المِضْمار ، وغداً السباق ، فقلت لأبي : أتستبق الناس غداً ؟ فقال : يا بنيّ إنك لجاهل ، إنما هو السباق بالأعمال ، ثم جاءت الجمعة الأخرى ، فحضرنا ، فخطب حُذيفة ، فقال : ألا إن الله تبارك وتعالى يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشقّ ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار وغداً السباق ، ألا وإن الغاية النار ، والسابق من سَبق إلى الجنة . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن قال : كنت مع أبي بالمدائن ، قال : فخطب أميرهم ، وكان عطاء يروي أنه حُذيفة ، فقال في هذه الآية : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر ، قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر ، اليوم المِضْمار ، وغداً السباق ، والسابق من سبق إلى الجنة ، والغاية النار قال : فقلت لأبي : غداً السباق ، قال : فأخبره . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن حصين ، عن محمد بن جُبَير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : انشقّ القمر ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن خارجة ، عن الحصين بن عبد الرحمن ، عن ابن جُبَير ، عن أبيه { وَانْشَقَّ القَمَرُ } قال : انشقّ ونحن بمكة . حدثنا محمد بن عسكر ، قال : ثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن عبد الحكم ، قالا : ثنا بكر بن مضر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عِرَاك ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة ، عن ابن عباس ، قال : انشقّ القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثنا نصر بن عليّ ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : انشقّ القمر قبل الهجرة ، أو قال : قد مضى ذاك . حدثنا إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن علي ، عن ابن عباس بنحوه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن علي ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } قال : ذاك قد مضى كان قبل الهجرة ، انشقّ حتى رأوا شِقَّيه . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ … } إلى قوله : { سِحْرٌ مُسْتَمِرٌ } قال : قد مضى ، كان قد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأعرض المشركون وقالوا : سحر مستمرّ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } قال : رأوه منشقاً . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور وليث ، عن مجاهد { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } قال : انفلق القمر فلقتين ، فثبتت فلقة ، وذهبت فلقة من وراء الجبل ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " اشْهَدُوا " . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ليث ، عن مجاهد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصار فرقتين ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " اشْهَدْ يا أبا بَكْرٍ " فقال المشركون : سحر القمر حتى انشقّ . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي سنان ، قال : قدم رجل المدائن فقام فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } وإن القمر قد انشقّ ، وقد آذنت الدنيا بفراق ، اليوم المِضْمار ، وغداً السباق ، والسابق . من سبق إلى الجنة ، والغاية النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } يحدث الله في خلقه ما يشاء . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية ، فانشقّ القمر بمكة مرّتين ، فقال : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَانْشَقَّ القَمَرُ } قد مضى ، كان الشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأعرض عنه المشركون ، وقالوا : سحْر مستمرّ . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا سلمة ، عن عمرو ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : مضى انشقاق القمر بمكة . وقوله : { وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا } يقول تعالى ذكره . وإن ير المشركون علامة تدلهم على حقيقة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، ودلالة تدلهم على صدقة فيما جاءهم به عن ربهم ، يعرضوا عنها ، فيولوا مكذّبين بها مُنكرين أن يكون حقاً يقيناً ، ويقولوا تكذيباً منهم بها ، وإنكاراً لها أن تكون حقاً : هذا سحر سَحَرنا به محمد حين خَيَّلَ إلينا أنا نرى القمر منفلقاً باثنين بسحره ، وهو سحر مستمرّ ، يعني يقول : سِحر مستمرّ ذاهب ، من قولهم : قد مرّ هذا السحر إذا ذهب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } قال : ذاهب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } قال : إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا : إنما هذا عمل السحر ، يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَيَقُولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } يقول : ذاهب . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } كما يقول أهل الشرك إذا كُسِف القمر يقولون : هذا عمل السحرة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قوله : { سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } قال : حين انشقّ القمر بفِلقتين : فِلْقة من وراء الجبل ، وذهبت فلقة أخرى ، فقال المشركون حين رأوا ذلك : سحر مستمرّ . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله : { مُسْتَمِرّ } إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم : قد مرّ الجبل : إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا : إذا فتلته فتلاً شديداً ، ويقول : معنى قوله : { وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ } : سحر شديد .